لهذا… “يجب تدمير حماس” في معركة شاملة!

لهذا… “يجب تدمير حماس” في معركة شاملة!

درج كاتو الشيخ، من كبار السناتورات في روما القديمة، على إنهاء كل الخطابات التي ألقاها في كل موضوع مهما كان، بالجملة ذاتها: Carthego delenda est، أي: “يجب تدمير كارتيغو”.

كانت كارتيغو مدينة – دولة مزدهرة وقوية بناها الفينيقيون في شمال إفريقيا (في تونس اليوم). وكانت المنافسة والخصم الأكبر لروما، واصطدمت بالإمبراطورية الرومانية في ثلاث حروب مضرجة بالدماء، استمرت سنوات طويلة. وفي فترات معينة هددت كارتيغو روما. ونجح عظيم استراتيجيي كارتيغو، هنيبال، بالسيطرة على أجزاء كبيرة من إسبانيا، اجتاز الجبال المغطاة بالثلوج، ظهر على مقربة من مدينة روما مع جيش من فيلة الحرب، وكان قريباً من احتلالها. في نهاية المطاف، في الحرب الثالثة، دمرت روما كارتيغو بالفعل، وأبعدت الخطر الحقيقي أو الوهي عن حدودها.

يبدو اليوم أن هذا هو الحل الوحيد لمواجهة إسرائيل مع غزة. قطاع غزة ليس كارتيغو. لا حاجة إلى تدميره، ولكن يجب تدمير حماس، Hamas delenda est .

وجود حماس يقوم على أساس التزام متزمت ومتطرف للقتال ضد إسرائيل حتى الإبادة، وحتى نهاية وتدمير دولة اليهود. واضح لزعمائها أن الأمر لن يحصل في يوم واحد ولا في سنة واحدة. وعليه، فإن حماس توافق بين الحين والأخر على “تسوية” كهذه أو تلك، ونحن نحظى ببضع أشهر أو سنين من الهدوء النسبي. ولكن الهدف النهائي لحماس لا يتغير، وهو تجدد هجماتها على إسرائيل.

عملياً، أمام حماس إمكانيتان: الأولى التخلي عن الكفاح المسلح ضد إسرائيل، مثلما فعلت فتح في حينه، والبحث معنا عن صيغة للتعايش بل وربما للسلام. ولكن إذا ما فعلت ذلك، ستفقد حماس مبرر وجودها. أما الثانية فبمواصلة الحروب الدموية ضد إسرائيل، وتجديد الهجمات رغم التسويات على أنواعها. هذا الأمر لا يبشر بالخير، لا لغزة ولا لإسرائيل.

زعماؤنا ومحللونا -وكذا كثير من رجال الجيش– يرفضون الخروج إلى حملة واسعة لتصفية حماس، خوفاً من أن نتكلف بكثير من القتلى. هذا صحيح. الأمر يستوجب حرباً قاسية، سندفع لقاءها ثمناً باهظاً. ولكن إذا ما استمر الوضع كما هو عليه اليوم، فإنه سيجبي منا أيضاً ثمناً باهظاً جداً.

إن هذه الدائرة الشيطانية من التسويات، الاستفزازات، القصف بمئات وآلاف الصواريخ، والردود الإسرائيلية، مثل الجرف الصامد، وعمود السحاب، والرصاص المصبوب – ستستمر هكذا لسنوات طويلة، وستسبب أيضاً خسائر فادحة، وستتآكل قدرة الردع الإسرائيلية.

إن أمة كبرى وأشد قوة ستضطر أن تغلق على نفسها الملاجئ، وتضع أملها في القبب الحديدية والعصي السحرية.

***

إذا لم تغير حماس جلدتها وتهجر طريق الإرهاب -ولا توجد مؤشرات على ذلك– فعلى إسرائيل أن تبيدها في معركة واسعة. لا يعني الأمر الاستقرار من جديد في غزة كقوة احتلال، بل علينا أن ننسق انتهاء الحملة مع الدول العربية المعتدلة، التي لها أسباب وجيهة للتطلع إلى اختفاء حماس. بعد تصفية حماس (والجهاد الإسلامي إلى جانبها). يجب أن يقام في غزة حكم مدني، برقابة ودعم مصر والدول العربية المعتدلة. لا حاجة لإسرائيل إلى أن تكون جزءاً من هذا، باستثناء رفع العقوبات والمساعدة واسعة النطاق لسكان غزة ليعيشوا برفاهية، كبشر.

ولكن حسب طريقة سلوك الحكومة وإعلانات السياسيين، يخيل أننا سنبقى في هذا الوضع الحالي، من جولة إلى جولة ومن تسوية إلى تسوية. سكان غلاف غزة سيتظاهرون وسنحميهم أكثر، بينما تواصل حماس اختراعها الأنفاق والغواصين والبالونات والحوامات والحرائق وغيرها، أما نحن فسنتلعثم. إذ ينبغي أن يكون واضحاً لنا جميعاً.. طالما لم تغير حماس جلدتها وخطابها، فلا يوجد حل آخر غير Hamas delenda est.

القدس العربي