أنقرة – انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشدة الاثنين محامين أتراكا قاطعوا مراسم بدء السنة القضائية الجديدة التي أقيمت داخل قصر الرئاسة، وقال إن أساليب الانتخاب في نقابات المحامين يجب أن تتغيّر.
وفي الشهر الماضي قالت 19 نقابة فرعية على الأقل تمثل الغالبية العظمى من المحامين في مختلف أرجاء البلاد ومنها النقابات الفرعية في أكبر ثلاث مدن، إنها ستقاطع مراسم بدء السنة القضائية الجديدة إذا أقيمت في القصر الرئاسي.
وقالت العديد من النقابات الفرعية إن إقامة الاحتفال في قصر الرئاسة يتعارض مع الفصل بين السلطات ويشير إلى تآكل استقلالية القضاء في تركيا. وتنشط نقابات المحامين الأتراك في التصدي للقيود والإملاءات التي يفرضها نظام الرئيس أردوغان على الحقوق والحريات العامة في تركيا، ما دفعها إلى الاحتجاج بطريقتها على هذه السياسات التي توصفها بالاستبدادية، والتي تنتهك حكم القانون.
وذكرت صحيفة جمهوريت المحلية أن 52 من بين 79 نقابة محامين إقليمية رفضت الدعوة التي وجهتها محكمة الاستئناف العليا، بمناسبة بدء السنة القضائية.
وقالت نقابة المحامين في أنقرة خلال تجمع حضره العشرات من المحامين “تمت إبادة الحقوق الأساسية والحريات في تركيا، خاصة حرّية التعبير”. وأصبح أردوغان العام الماضي أول رئيس تنفيذي لتركيا، حيث تشمل صلاحياته اختيار أعضاء مجلس القضاة وممثلي الادعاء، وهو المسؤول عن اختيار التعيينات القضائية.
ومقاطعة هذا الحفل خطوة غير مسبوقة من المؤسسات القضائية ضد أردوغان الذي ينتقده الغرب والمدافعون عن حقوق الإنسان لهجماته ضد حرية الصحافة وتدخله في عمل المحاكم.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أن استقلال القضاء ومبدأ فصل السلطات قد تراجعا منذ عام 2014 في تركيا وأن القضاة والمدعين العامين يخضعون لضغط متصاعد من الحكومة.
وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مؤخرا بأن تركيا انتهكت حرية تعبير المعارض الكردي صلاح الدين دميرطاش بإدانته جنائيا بسبب إبداء وجهة نظره خلال مقابلة تلفزيونية.
وقالت المحكمة إنها بعد التحقق من تصريحات تلفزيونية للزعيم المؤيد للقضية الكردية صلاح الدين دميرطاش تعود إلى عام 2005 “رأت أن تلك التصريحات بمجموعها لا يمكن النظر إليها على أنها تتضمن دعوة لاستخدام العنف، أو دعوة للمقاومة المسلحة أو التمرد، ولا يمكن اعتبارها خطابا محرّضا على الكراهية”.
وترأس دميرطاش سابقا حزب الشعوب الديمقراطي، وسجن في نوفمبر 2016 واتهم بقيادة “منظمة إرهابية”، حيث من المقرر أن تبدأ محاكمته الثلاثاء المقبل في تركيا.
وتطالب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منذ الخريف بإطلاق سراحه، لكن دون جدوى. وقال محمد دوراك أوغلو، الذي يدير نقابة محامي إسطنبول، “ضعفت في السنوات الأخيرة بشدة استقلالية القضاء.. القضاء خاضع لضغط السلطة التنفيذية”.
وتابع “في ظل هذه الأوضاع، كنا نأمل في عقد حفل افتتاح العام القضائي في مكان يشكل تمثيلا لفصل السلطات، وليس في محفل سياسي”.
ويعقد حفل افتتاح العام القضائي في القصر الرئاسي في أنقرة منذ 2016، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان. ومنذ ذلك الحين، أوقفت السلطات عشرات الآلاف من الأشخاص لاتهامهم بالارتباط بالانقلابين، وهو ما تصنفه منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بالقمع غير المسبوق.
وتقول المعارضة إن المحاكم التركية خضعت للضغوط الحكومية، حيث أصدرت أحكاما لصالح السلطات منذ عملية التطهير الهائلة التي طالت النظام القضائي بعد فضيحة فساد عام 2013 وبعد الانقلاب الفاشل عام 2016.
وقال أردوغان أثناء الحفل إن النظام الجديد في تركيا، الذي يعطي سلطات تنفيذية واسعة للرئيس والذي أقر في استفتاء العام الماضي، لا يؤثر على الفصل بين السلطات، وأضاف أن القصر الرئاسي هو دار الشعب.
وتابع “الكثير من الاتهامات التي توجه للرئيس، الذي يتولى رئاسة السلطة التنفيذية، بشأن الفصل بين السلطات في ظل النظام الجديد لا أساس لها من الصحة”.
وقال كذلك إن أساليب الانتخاب في النقابات الفرعية “لا تتمشى مع ديمقراطية التمثيل النسبي”، وهذه مسألة ستعالجها حكومته.
العرب