أوقفت السلطات اللبنانية الخميس قياديا سابقا في ما كان يعرف بـ”جيش لبنان الجنوبي”، وهو مليشيا مسلحة كانت تتعامل مع الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان خلال الثمانينيات والتسعينيات.
وأثارت عودة عامر الفاخوري عبر مطار بيروت غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط اتهامات بأنه كان يمارس التعذيب داخل معتقل في بلدة الخيام أثناء احتلال إسرائيل جنوب البلاد.
وتجمع عشرات اللبنانيين -بينهم معتقلون سابقون في الخيام- مساء الخميس أمام قصر العدل منددين بدخول عامر الفاخوري بسهولة إلى لبنان قادما من الولايات المتحدة، وطالبوا بتنفيذ الأحكام الصادرة بحقه.
وصدر في 1998 حكم غيابي بحق الفاخوري بالسجن لمدة 15 عاما مع الأشغال الشاقة لاتهامه بالعمالة لإسرائيل، وترجح وسائل الإعلام أن يكون عاد إلى لبنان بعد سقوط إمكانية تنفيذ هذه الأحكام بحكم مرور الزمن.
وقال مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية إن “مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس أمر بتوقيف عامر الفاخوري”، مشيرا إلى أن الأمن العام يحقق معه منذ الأربعاء.
وأفاد مصدر أمني بأنه “جرى توقيفه بتهمة التعامل مع إسرائيل” بموجب الحكم الصادر في حقه.
وقال معتقلون سابقون خلال اعتصام الخميس إن الفاخوري تولى مسؤولية قيادية في المعتقل، حيث تم سجن وتعذيب المئات من اللبنانيين والفلسطينيين خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان التي استمرت 22 عاما حتى العام 2000.
وقال عباس قبلان -الذي اعتقل في الخيام بين العامين 1987 و1988- إنه “لا يوجد أحد اعتقل في الخيام إلا وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي، كل أنواع التعذيب، بالكرباج، بالعصا، والمياه”.
وقال آخرون إن الفاخوري “كان الشخص الثاني في المعتقل”. وأوضح قبلان إنه “كان يعطي الأوامر مباشرة بتعذيب المعتقلين” ويشارك فيها أحيانا.
وبدأت الضجة بشأن عودة الفاخوري بعدما نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية في عددها الخميس خبر عودته قبل أيام، مشيرة إلى أنه تبين أن جميع مذكرات التوقيف بحقه “مسحوبة”، وعنونت “الأخبار” المقربة من حزب الله اللبناني الخبر بـ”الدولة تكرم جزار الخيام”.
وغادر الفاخوري لبنان في العام 1998، قبل عامين من الانسحاب الإسرائيلي.
واتهمت منظمة العفو الدولية “جيش لبنان الجنوبي” -الذي كانت إسرائيل تموله وتسلحه في جنوب لبنان- بارتكاب أعمال تعذيب منهجية، ولا سيما في معتقل الخيام.
وضمت المليشيا نحو 2500 عنصر، وتشكلت إثر انشقاق وحدة من الجيش اللبناني عن القيادة في 1976 خلال الحرب الأهلية (1975-1990) بعد أن تمت محاصرتها في الجنوب، وراحت تقاتل المليشيات الفلسطينية واليسارية آنذاك.
وفر كثيرون من عناصر وأفراد عائلات المجموعة إلى إسرائيل في العام 2000.
وقال هلال السلمان -الذي أمضى أيضا فترة أسر في الخيام- إن “والدي ووالدتي اعتقلا واستشهد شقيقي داخل المخيم في العام 1989 جراء قنبلة غاز سامة أطلقت بأمر من مسؤوليْن عسكرييْن، بينهما عامر الفاخوري”.
ويعتبر لبنان في حالة حرب مع إسرائيل، ويواجه المتعاملون معها عقوبات قاسية قد تصل إلى السجن مدى الحياة.
المصدر : الفرنسية