لندن – تعنت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورفضه الاعتراف بالوضع الاقتصادي المتدهور للبلاد، من الأسباب الرئيسية التي ساهمت بشكل مباشر في مزيد تعميق الأزمة التي يعيشها القطاع.
ورغم التحذيرات المتواصلة المحلية والدولية من خطر عدم الاعتراف بمواطن الخلل التي أدت إلى انحدار الليرة التركية وارتفاع نسبة التضخم، إلا أن أردوغان يكابر ويرفض تحمل مسؤولية الفشل.
وفي تقرير جديد يشخّص الوضع في البلاد، قال صندوق النقد الدولي أمس إن تركيا لا تزال عرضة لمخاطر خارجية ومحلية، مضيفا أنه سيكون من الصعب تحقيق نمو قوي ومستدام إذا لم تنفذ الحكومة المزيد من الإصلاحات.
وأضاف صندوق النقد في بيان، بعد زيارة فريق من خبراء الصندوق إلى تركيا، “الهدوء الحالي (في أسواق المال التركية) يبدو هشا. لا تزال الاحتياطيات منخفضة في حين لا يزال الدين الأجنبي للقطاع الخاص واحتياجات التمويل الخارجي مرتفعين”.
وجاء تقرير صندوق النقد الدولي مغايرا تماما لما كان يسوّق له الرئيس التركي حول اقتصاد بلاده.
حيث قال أردوغان، إن اقتصاد بلاده “ما زال صامداً بقوة رغم كل الهجمات التي تعرضنا لها” على هامش مهرجان تكنوفيست إسطنبول.
في المقابل يؤكد خبراء أن تدهور الاقتصاد يعود أساسا إلى انسداد الأفق السياسي نتيجة تفرد أردوغان بالسلطة وغياب مؤسسات حكومية فعلية.
ويذكر أن أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء السابق والمستقيل من حزب العدالة والتنمية قد وجه انتقادات لاذعة إلى صديق الأمس حيال ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، محملا إياه المسؤولية كاملة في ذلك.
ويتمثل التحدي الرئيسي فيما يتعلق بالسياسات في تحويل التركيز من النمو القصير الأجل إلى نمو أقوى وأكثر مرونة في الأجل المتوسط.
وتجاوز متوسط النمو السنوي للاقتصاد التركي خمسة بالمئة على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية، لكن التضخم وأسعار الفائدة قفزا بعدما فقدت الليرة 30 في المئة من قيمتها العام الماضي، كما هبط الطلب المحلي بشدة مما دفع الاقتصاد نحو الركود.
وأدى تدهور الاقتصاد التركي وانحدار العملة إلى التأثير بصفة مباشرة على المقدرة الشرائية للأتراك.
وانكمش الاقتصاد التركي 1.5 في المئة في الربع الثاني من العام الحالي، وهو ثالث انكماش فصلي على التوالي على أساس سنوي، غير أن المؤشرات الاقتصادية القيادية أظهرت إشارات إلى التعافي مع انخفاض وتيرة تقلبات الليرة وتباطؤ التضخم.
وقال صندوق النقد الدولي إن المزيد من الخطوات لضبط الميزانيات العمومية للبنوك والشركات من شأنها أن تدعم الاستقرار المالي وأن تعزز نموا أكثر مرونة في الأجل المتوسط.
وطلبت الهيئة التركية المنظمة للقطاع المصرفي من البنوك شطب قروض بقيمة 46 مليار ليرة بحلول نهاية العام الحالي وتخصيص احتياطيات لتغطية الخسائر في خطوة تستهدف في معظمها قطاعي الطاقة والتشييد للذين تعرضا للضرر الأكبر.
وقال صندوق النقد في بيان آخر أنه التقى مع ممثلين للقطاع الخاص وأحزاب سياسية ومراكز بحثية حتى يتمكن من الحصول على رأي أوسع بشأن عن التطورات الاقتصادية في تركيا.
وانتقدت وزارة المالية التركية اجتماعات وفد صندوق النقد الدولي التي قالت إنها عقدت بدون إخطار، وأضافت أن من غير المناسب أن يعقد الصندوق اجتماعات أخرى في تركيا دون علم الوزارة.
العرب