تجمع مئات المحتجين في ساحة التحرير بوسط بغداد، أمس، في تحدٍ جديد بعد ليلة طويلة من المظاهرات التي يقوم بها مطالبون بـ«إسقاط النظام»، استخدمت القوات الأمنية لتفريقها الغاز المسيل للدموع.
وواصل العراقيون الاحتشاد رغم تخطي حصيلة القتلى 60 شخصاً في الموجة الثانية من الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي انطلقت مساء الخميس. وقتل بعض هؤلاء بالرصاص الحي، والبعض بقنابل مسيلة للدموع، والبعض الآخر احتراقا خلال إضرام النار في مقار أحزاب سياسية. وقال أحد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية وهو يلفّ رأسه بالعلم العراقي: «خرجنا لإقالة الحكومة شلع قلع (كلها من جذورها). لا نريد أحداً منهم».
وتقدّم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بمقترحات عدة لتنفيذ إصلاحات لم تكن مقنعة للمتظاهرين. وأضاف المتظاهر: «لا نريد لا الحلبوسي ولا عبد المهدي. نريد إسقاط النظام».
وكان المشهد في ساحة التحرير الرمزية بوسط العاصمة أمس فوضوياً، إذ تمركز بعض المتظاهرين على أسطح مراكز تجارية للتلويح بالأعلام العراقية، فيما قام آخرون بإحراق الإطارات في الشوارع التي تغطيها القمامة. وعلى مقلب آخر، نصب البعض خياماً، في وقت بدأ فيه متطوعون بتوزيع الطعام والماء على المتظاهرين. ولوحظ أيضاً نزول أعداد كبيرة من النساء والطلاب إلى الساحات القريبة.
وبدت امرأتان طاعنتان في السن، ترتديان عباءتين سوداوين وتغطيان رأسيهما بحجاب أسود، تلوحان بالعلم العراقي وتتمايلان على أنغام الموسيقى والأناشيد، بعدما وقفتا على أحد الحواجز الإسمنتية. وقالت فتاة، رفضت الكشف عن اسمها، تعمل ممرضة: «أنا هنا من أجل مستقبل الأطفال». وأضافت: «جيلنا نحن تعب نفسياً، ولكن لا بأس طالما الأمر من أجل الجيل الجديد».
وتمركزت القوات الأمنية على أطراف ساحة التحرير، فيما لوحظ انتشار قوات مكافحة الإرهاب وآليات مدرعة في المناطق المحيطة. وأعلنت قوات مكافحة الإرهاب أنها نشرت وحداتها «لحماية المنشآت السيادية والحيوية». وأقام شبان حواجز على جسر الجمهورية الذي يؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة بالمدينة لتفصلهم عن قوات الأمن التي واصلت إلقاء عبوات الغاز المسيل للدموع باتجاههم.
وضربت قوات مكافحة الإرهاب واعتقلت عشرات المحتجين في مدينة الناصرية بجنوب البلاد الليلة قبل الماضية.
إلى ذلك، دعا عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية علي البياتي أمس إلى الحفاظ على سلمية المظاهرات وحماية الممتلكات. وقال البياتي في بيان إن «الأيام الماضية أثبتت عدم جدية استخدام العنف لإيقاف المظاهرات، وإن العنف يولد عنفاً مقابلاً، كرد فعل في ظل التعامل مع جماهير غاضبة وذات خلفية عشائرية ولا تخاف أبداً بسبب الفترات الطويلة من الإرهاب والعنف الذي تعرضت له». وحسب وكالة الأنباء الألمانية، دعا البياتي إلى «العمل على زيادة التعاون بين العناصر الأمنية والمتظاهرين من أجل الحفاظ على سلمية المظاهرات، وحماية الممتلكات العامة، وتحريك الوسائل الإعلامية، والتواصل الاجتماعي من أجل التوجيه والتشجيع على ذلك».
وطالب البياتي بإجراء «حوار مستمر ومكثف بين الحكومة وممثلي المظاهرات، وضرورة إيجاد جسر بينهما من الفعاليات والتشكيلات المستقلة من منظمات المجتمع المدني ونقابات ومؤسسات دينية وثقافية وإعلامية، من أجل تعزيز أواصر هذا الحوار ومراقبته». كما طالب بتفعيل «الجهد الاستخباري والأمن الوطني لكشف كل من يحاول الاعتداء على المتظاهرين أو الممتلكات العامة أو الخاصة، وعزلهم بشكل سريع عن المتظاهرين، وفضحهم أمام الإعلام».
الشرق الأوسط