أثار مقتل زعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي تساؤلات عما كان يفعله في منطقة إدلب التي تعد منطقة نشاط المخابرات التركية التي تنسق بشكل وثيق مع التنظيمات الموالية لها على الأرض وفي مقدمتها الجيش الحر وفتح الشام “جبهة النصرة سابقا”.
وتحولت إدلب إلى ملجأ لزعيم داعش بعد انهيار التنظيم في الرقة والموصل قبل نحو سنتين لاسيما مع انتشار القوات العراقية والسورية والكردية في مناطق سيطرة داعش.
ولا يستبعد مراقبون علم أنقرة المسبق بوجود البغدادي في إدلب التي تعتبر مجالا حيويا لنشاط مخابراتها نظرا لعدة اعتبارات، أولها أن الفصائل المسيطرة على المنطقة موالية لها، وثانيا لحماية الأمن التركي الداخلي من خلال قطع الطريق على الأكراد والمنشقين من التنظيمات الإسلامية المتطرفة ممن صاروا يتعاملون بعدائية مع الاتراك، وأيضا لمراقبة حركة النزوح السوري نحو الحدود التركية.
وكثيرا ما وجهت لأنقرة اتهامات بالتعامل مع تنظيم داعش ودعمه سواء من قبل المعارضة التركية أو دول معارضة لسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة.
وتعمق هذه المعطيات الشكوك بوجود صفقة أميركية تركية تشمل انسحاب القوات الأميركية من شمال سوريا والسماح للجيش التركي بالتوغل في المنطقة لتحجيم دور الأكراد حلفاء واشنطن السابقين في محاربة داعش، مقابل منح الأميركيين معلومات عن مكان وجود البغدادي وربما المساعدة في الإيقاع به.
ولم يستبعد مراقبون أن يكون رفع العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا، التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، ضمن بنود الصفقة.
ويشبه هؤلاء المراقبون الدور التركي بالدور الذي لعبته باكستان خلال الحرب الأفغانية الأولى والثانية، وخلال الإيقاع بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في 2011.
وأشاد أردوغان الأحد بمقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية ووصفه بأنه “نقطة تحول” في الحرب على الإرهاب. وكتب أردوغان على تويتر “مقتل زعيم داعش يعتبر نقطة تحول في الحرب على الإرهاب”.
Thumbnail
وسارعت كل من تركيا والعراق وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” للإعلان عن مساهمتها في تقديم معلومات للتحالف الدولي بشأن مكان اختباء البغدادي. وبدت التحركات بمثابة تسابق بين هذه الأطراف لتبني مساعدة الولايات المتحدة في القضاء على زعيم التنظيم المتطرف.
وأعلنت تركيا الأحد أنه تم “التنسيق” بين أنقرة وواشنطن قبيل العملية التي ذكرت وسائل إعلام أميركية أنها استهدفت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية مشيرة إلى مقتله.
وأفادت وزارة الدفاع التركية في تغريدة على تويتر “قبيل العملية الأميركية في محافظة إدلب السورية الليلة الماضية، حصل تبادل للمعلومات وتنسيق بين السلطات العسكرية للبلدين”.
وفي حين لم يعلن التحالف الدولي رسميا عن مساعدة أي طرف في العملية، قال العراق الأحد إن جهاز المخابرات الوطني حدد موقع أبي بكر البغدادي وأبلغ به الولايات المتحدة التي نفذت الغارة التي انتهت بمقتله.
تركيا تلعب الدور الذي لعبته باكستان خلال الحرب الأفغانية الأولى والثانية، وخلال الإيقاع بأسامة بن لادن في 2011
واعتبر مصدر أمني عراقي مزاعم بغداد بالمساهمة في القضاء على البغدادي محاولة للبحث عن دور ليس أكثر، باعتبار أن الولايات المتحدة تدرك أن المخابرات العراقية مخترقة من قبل إيران.
وبدوره أشاد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الأحد بـ”عمل استخباراتي مشترك” مع واشنطن أدى إلى “القضاء” على أبي بكر البغدادي.
وقال عبدي في تغريدة على تويتر “منذ خمسة أشهر، هنالك عمل استخباراتي على الأرض وملاحقة دقيقة حتى تمّ من خلال عملية مشتركة القضاء على الإرهابي أبي بكر البغدادي”.
وفي خطوة دبلوماسية قدم ترامب شكره لروسيا وتركيا والأكراد لمساعدتهم في العملية، قبل أن تخرج موسكو وتعلن عدم علمها المسبق بالعملية.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية الأحد، أنها لا تملك معلومات موثوقة عن عملية الجيش الأميركي في منطقة خفض التصعيد في إدلب ضد زعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية في بيان، أنه يتوجب على الولايات المتحدة الأميركية تقديم أدلة مباشرة على إقامة قائد تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، التي تخضع لسيطرة مسلحي جبهة النصرة.
وأضاف البيان أن الإعلان الجديد عن مقتل أبي بكر البغدادي ليست له أي أهمية عملية على الإطلاق على الوضع في سوريا أو على تصرفات الإرهابيين الباقين في إدلب. وأعلن الرئيس الأميركي الأحد، مقتل البغدادي في غارة شنتها قوات أميركية خاصة، ليلة السبت، في منطقة إدلب.
وأضاف ترامب، خلال كلمة في البيت الأبيض “السفاح، الذي حاول كثيرا ترويع الآخرين، قضى لحظاته الأخيرة في قلق وخوف وذعر مطبق من القوات الأميركية التي كانت تنتفض عليه”.
وتابع “البغدادي قُتل بعد تفجير سترته الناسفة.. كان معه ثلاثة من أولاده، وجسده كان مشوها جراء الانفجار.. كما انهار عليه نفق.. لكن نتائج التحاليل أتاحت التعرف عليه بشكل أكيد”.
ويقول مراقبون إن ترامب أخرج ورقة البغدادي في الوقت المناسب ليرد على الانتقادات الداخلية المتصاعدة بخصوص تخليه عن الأكراد وليؤكد أنه ليس في حاجة إليهم في محاربة داعش.
وذكر وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أن الغارة التي شنتها القوات الخاصة الأميركية في شمال غرب سوريا كانت تهدف إلى اعتقال أبي بكر البغدادي إذا تسنى ذلك وقتله إذا دعت الحاجة.
وقال إسبر لمحطة “سي.أن.أن”، “حاولنا التواصل معه إلى تسليم نفسه. ورفض وهرب إلى مكان تحت الأرض وخلال محاولتنا إخراجه فجر سترة ناسفة”. وأضاف إسبر أن جنديين أميركيين أصيبا بجروح طفيفة خلال العملية ولكنهما عادا بالفعل إلى الخدمة. وأوضح أن ترامب أجاز العملية أواخر الأسبوع الماضي.
وأشار إلى أن “الرئيس درس الخيارات في وقت سابق من الأسبوع الماضي وقرر الخيار الذي نعتقد أنه أعطانا أكبر احتمال للنجاح”. وحذرت فرنسا وبريطانيا، الأحد، من أن المعركة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي لم تنته بمقتل زعيمه، أبي بكر البغدادي.
وغردت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي عبر تويتر قائلة “البغدادي: تقاعد مبكر لإرهابي لكن ليس لتنظيمه”. وتابعت “نواصل الحرب ضد داعش مع شركائنا، وسنتعامل مع الظروف الإقليمية الجديدة”.
كما غرد رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، بقوله إن “مقتل البغدادي لحظة مهمة في قتالنا ضد الإرهاب، لكن المعركة ضد داعش لم تنته بعد”. وأضاف “سنعمل مع شركائنا في التحالف لوضع نهاية إلى الأبد لأنشطة القتل والوحشية من جانب داعش”. وتقود الولايات المتحدة تحالفا دوليا يحارب مسلحي داعش في العراق وسوريا، منذ أن سيطر التنظيم على مناطق واسعة في الجارتين، صيف 2014.
العرب