ثورة “القمصان البيض” هكذا وصفت مظاهرات طلاب المدارس في العراق من قبل الناشطين والصحفيين، بعد تحديهم إداراتهم المعنية وانضمامهم إلى الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة المستمرة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
ولم تتوقع الحكومة أن تسهم مشاركة الطلاب باتساع رقعة الاحتجاجات في بغداد وباقي المحافظات مما دفع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للتحذير من استغلال هذه الشريحة، وأمر بأن يكون الدوام كاملاً بوزارات الدولة والمؤسسات والدوائر الرسمية بالإضافة للمدارس والجامعات، متوعداً المتسببين بتعطيل الدوام بإجراءات عقابية شديدة.
وعلى وقع هذه التهديدات، أعلنت نقابة المعلمين في بيان عن بدء الإضراب في المدارس أربعة أيام قابلة للتمديد، كما قال نقيب المعلمين عباس كاظم السوداني للجزيرة نت.
وأضاف السوداني “قرار الإضراب جاء من المجلس المركزي للنقابة تعبيرا عن التضامن مع المتظاهرين وما يحدث في ساحات التظاهر”. وأشار إلى أن المعلمين والمدرسين يجب أن يكون لهم موقف وطني تجاه المظاهرات ومن أجل الضغط على الحكومة للإسراع في تنفيذ مطالب المتظاهرين.
وينقل معاناة النقابة “نحن كباقي النقابات لدينا مشاكل كثيرة في التعليم والمدارس، حاولنا إيجاد حلول مع الحكومة ولكن للأسف لا توجد استجابة. يجب على الحكومة أن تستمع لمطالب الشعب حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة”.
محرك الاحتجاج
مواقع التواصل الاجتماعي كانت محرك الاحتجاج الطلابي -كما يروي السوداني- وذلك من خلال دعوات نشطاء ومتظاهرين يملكون صفحات على فيسبوك، ناشدوا فيها الطلاب بالالتحاق بالمظاهرات والإضراب عن الدوام.
ويضيف السوداني أن دوافع خروج تلاميذ المدارس إلى المسيرات الاحتجاجية ترجع إلى بعض الأفعال الاستفزازية من قبل أفراد من القوات الأمنية مثل الاعتداء على المتظاهرين، وكان آخرها الاعتداء بالضرب على طالبة أثناء مظاهرة أمام إحدى المدارس في بغداد.
وعلى وقع الاحتجاجات تكبر كرة الثلج وتزداد مشاركة قطاعات واسعة، كما يقول الصحفي حيدر الكرخي للجزيرة نت، مشيرا إلى أن “مشاركة الطلاب مؤشر على رفض شعبي كامل لسياسات الحكومات المتعاقبة مما يسهم بشكل مباشر في زيادة الضغط على السلطة”.
ويضيف الكرخي “يبدو أن حاجز الخوف انكسر عند الجميع، وأصبح التيار الشعبي جارفا وقويا، وكان موقف نقابة المعلمين خطوة سليمة ومتوقعة” مشيرا إلى أن حسم النقابات مواقفها تجاه قضية وطنية خيار متوقع. واعتبر أن الحراك الطلابي مؤثر ومهم وقد يتبلور في قابل الأيام ويحرك باقي القطاعات والنقابات.
ثوب الحداد
غيداء كامل مديرة مدرسة ثانوية للبنات في بغداد، عبرت للجزيرة نت عن دهشتها بموقف طالباتها اللاتي لبسن السواد بدل زي المدرسة حداداً على ضحايا قتلوا بالمظاهرات، مضيفة أنها سمحت للطالبات بالاعتصام داخل المدرسة خوفاً عليهن من التعرض للأذى.
وأشارت إلى أن الطالبات هتفن للوطن، ورددن شعارات تستنكر الفساد والقتل، وهن يلوحن بالعلم العراقي. وتعبر غيداء عن شعورها بالفخر بهذا الجيل الواعي والحريص على سلامة الوطن والشعور بالمسؤولية.
الجزيرة