أسلحة أمريكا للعراق تنتهي في يد الميليشيات المدعومة من إيران

أسلحة أمريكا للعراق تنتهي في يد الميليشيات المدعومة من إيران

تنتهي الأسلحة الأمريكية المخصصة للجيش المحاصر في العراق في حوزة الميليشيات الشيعية العاملة في البلاد، وفقًا للمشرعين الأمريكيين، وكبار المسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما، الذين تحدثت معهم بلومبرغ فيو. وتقول هذه المصادر إن حكومة بغداد، التي منحت 1.2 مليار دولار في شكل خدمات تدريب ومساعدات ومعدات عسكرية الشهر الماضي، تعطي هذه المعدات للميليشيات الشيعية المتأثرة بشكل كبير بإيران، والتي كانت مذنبة في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان داخل العراق.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن حكومة الولايات المتحدة تدرك هذا، ولكنها واقعة في مأزق، هو أن قوات الأمن العراقية ضعيفة وغير قادرة على محاربة “الدولة الإسلامية” بدون مساعدة من هذه الميليشيات، التي غالبًا ما تدرب، وحتى تقاد، من قبل ضباط من الحرس الثوري الإيراني. وأيضًا، إذا ما توقفت الولايات المتحدة عن إرسال أسلحة إلى الجيش العراقي، فإن الأمور سوف تصبح أسوأ من ذلك، وسيكون من المحتمل أن تقوم “الدولة الإسلامية” باجتياح مناطق أكثر من العراق، وارتكاب فظائع على نطاق أوسع في مجال حقوق الإنسان. وأضاف المسؤول إن خطر عدم مساعدة الحكومة العراقية هو أكبر من خطر مساعدتها، مؤكدًا في الوقت نفسه على أن هذا لا يعني أن الإدارة غير مبالية حول المخاطر التي تنطوي عليها هذه المسألة.

وعلى صفحات الفيسبوك، ظهر أعضاء من الميليشيات الشيعية العراقية وهم يتصورون مع الأسلحة الأمريكية، وتظهر هذه الصورة من تشرين الأول عضوًا من كتائب حزب الله الشيعية وهو يقف فوق دبابة أمريكية الصنع من طراز أبرامز M1A1 بكل فخر:

وكانت واشنطن تأمل في أن يكون النظام الجديد في بغداد أكثر استجابة لمخاوفها، ولكن بعض المؤشرات المخالفة لهذه التوقعات كانت واضحة بالفعل خلال الأشهر الأخيرة. وعلى سبيل المثال، وزير الداخلية العراقي الجديد، محمد الغبان، كان مسؤولًا كبيرًا في ميليشيا بدر، وهي منظمة يشتبه مسؤولون أمريكيون بشنها هجمات على مئات العراقيين السنة على مدى العقد الماضي.

وقد سافر السيناتور جون ماكين، وهو الرئيس الجديد للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، إلى بغداد الأسبوع الماضي، واجتمع مع كبار المسؤولين الأمريكيين والعراقيين هناك، بما في ذلك حيدر العبادي. وقال ماكين لنا إن مسؤولين من كلا البلدين أبلغوه بأن الحكومة العراقية تقوم بتسليم الأسلحة الأمريكية للميليشيات الشيعية المتصلة بإيران.

وقال ماكين أيضًا: “الجيش العراقي بعيد جدًا عن أن يكون على استعداد للتصرف بطريقة مؤثرة، وخلال هذا الوقت، يتم شغل الفراغ من قبل الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، لقد قيل لي أيضًا إن بعض أسلحة هذه الميليشيات جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية”، وأضاف: “إن الإيرانيين إلى حد كبير، ومن خلال الميليشيات الشيعية، وفي ظل عدم وجود جيش عراقي قادر، هم من يقوم بمعظم القتال ضد داعش. هذا لا يمكن أن يكون في مصلحة الولايات المتحدة”.

وأكد ماكين، وغيره من المسؤولين الأمريكيين، على أنه من الصعب تتبع الأسلحة الممنوحة للحكومة العراقية، وأنه من غير المعروف أيضًا ما إذا كانت الميليشيات الشيعية تتلقى الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة للعراق منذ فترة طويلة، أم تلك التي أرسلتها الولايات المتحدة منذ عودتها للمشاركة في القتال في العراق خلال الصيف الماضي.

وقال السفير جيم جيفري، الذي كان المبعوث الأمريكي إلى بغداد بين عامي 2010 و2012، إنه، وإلى حد ما، قامت الحكومة العراقية بمنح الأسلحة للميليشيات الشيعية لسنوات. وأضاف: “بالتأكيد بعض من هذه الاشياء تذهب إلى أيدي الميليشيات. إنها مشكلة تعود إلى عام 2003، وحتى قبل ذلك. هناك وفرة كبيرة بالأسلحة التي قدمناها للعراق. ولست مندهشًا من أن يتم منح بعضها للميليشيات الشيعية”.

ومن جهته، نفى المتحدث باسم البيت الأبيض، اليستير باسكي، هذه التأكيدات الصادرة عن مسؤولين في الإدارة وعن ماكين، وقال: “ليس لدينا سبب للاعتقاد بأن هناك أي جهد من قبل الحكومة العراقية لنقل أسلحة تقدمها الولايات المتحدة إلى الميليشيات الشيعية. لقد أكد رئيس الوزراء العبادي مرارًا وتكرارًا على أهمية ضمان تسريح جميع مقاتلي الميليشيات ودمجهم بالهياكل الأمنية الرسمية القائمة، ونحن نواصل العمل معه على تحقيق هذا الجهدن عندما يتعلق الأمر بتتبع استخدام الأسلحة التي نقلت إلى العراق، فنحن نقوم بالامتثال للقانون الأمريكي في مراقبة الاستخدام النهائي لهذه الأسلحة”.

ولكن هناك مشكلتين مع مثل هذه التصريحات: أولًا، هناك صعوبات هائلة فيما يخص محاولات مراقبة الاستخدام النهائي للأسلحة؛ وثانيًا، القانون الأمريكي حول هذه القضية هو مشوش إلى حد ما.

وقال مايك فلين، الجنرال المتقاعد الذي ترك منصبه كمدير لوكالة الاستخبارات الدفاعية في العام الماضي، إن الجيش العراقي لديه نظام تتبع ضعيف جدًا لأسلحته. وأضاف: “يمكننا في الولايات المتحدة عد كل قطعة سلاح لدى جيشنا. أما في العراق، وعلى الرغم من العمل الكبير الذي قام به جنودنا، فلا يوجد شيء من هذا القبيل”.

هذا، ومنذ انضمام الولايات المتحدة للحكومة العراقية في حربها ضد “الدولة الإسلامية” خلال فصل الصيف، زودت الحكومة الأمريكية، والحكومات الحليفة الأخرى، قوات الأمن العراقية بمجموعة واسعة من المساعدات العسكرية والتدريب والأسلحة، وكان من المفترض أن يتم تحويل بعض هذه المساعدات إلى المجموعات القتالية الأخرى، مثل قوات البشمركة الكردية. ورغم ذلك، يزعم الأكراد بأن بغداد لم تعطهم معظم الأسلحة التي أرادت واشنطن أن تكون من نصيبهم.

وليس من المفترض في الوقت نفسه أن يتم تحويل الأسلحة الأمريكية إلى الميليشيات الشيعية، التي لديها ليس فقط سجل طويل من انتهاكات حقوق الإنسان، بل وأيضًا، سجل طويل من قتل القوات الأمريكية خلال الاحتلال الأمريكي للعراق. وعلى نطاق أوسع، تتهم هذه الميليشيات بارتكاب التطهير العرقي المستمر في المناطق السنية، وهو ما زاد من الإضرار بفرص قيام المصالحة السياسية، التي من شأنها أن تحقق الحاجة الملحة للاستقرار في البلاد.

بلومبرغ فيو

http://www.bloombergview.com/articles/2015-01-08/iranbacked-militias-are-getting-us-weapons-in-iraq