اتفاق إدلب بانتظار الآليات والمعارضة تخشى اقتتالاً مع «النصرة»

اتفاق إدلب بانتظار الآليات والمعارضة تخشى اقتتالاً مع «النصرة»

بعد ثلاثة أيام على توقيع روسيا وتركيا اتفاقاً يُجنب إدلب هجوماً واسعاً، أعربت الأمم المتحدة عن أملها في أن «تتجنب مناطق كثيرة الحرب» نتيجة الاتفاق، محذرة من احتمال أن «يندلع مزيد من القتال بين جماعات المعارضة المسلحة». وتزامناً مع وصول قائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى موسكو لعرض نتائج التحقيق حول إسقاط طائرة «إيل 20» مساء الاثنين الماضي، أغلقت روسيا المجالين الجوي والبحري في مناطق واسعة من الساحل السوري. وسعت تل أبيب إلى التخفيف من تداعيات الحادث على العلاقات مع موسكو، لكنها أكدت أنها ستواصل استهداف الوجود الإيراني في سورية، في وقت أبدت وزارة الخارجية الروسية تشدداً، وأعلنت أن معلومات جديدة عن حادث إسقاط الطائرة ستنشر قريباً.

وكشف مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند أن روسيا وتركيا أبلغتا اجتماعاً أسبوعياً لقوة العمل الإنسانية في سورية، بأن البلدين لا يزالان يعملان على تفاصيل خطتهما لتلافي هجوم كبير على محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، لكن يحدوهما التفاؤل. وقال إيغلاند: «دعونا روسيا وتركيا لتفسرا لنا فحوى الاتفاق»، مشيراً إلى أن الرسالة الأساسية التي وصلت إلى الأمم المتحدة هي «نحن (روسيا وتركيا) متفائلون للغاية بقدرتنا على تحقيق الأمر لتفادي سفك الدماء والحرب الكبرى».

وعبّر مصدر بارز في المعارضة السورية عن مخاوفه «من اندلاع قتال بين فصائل الثورة في إدلب والعناصر المتشددة في هيئة تحرير الشام». وقال لـ «الحياة» إن «الفترة الحالية وحتى 10 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل حاسمة، فهي تتضمن إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح وإخراج عناصر الهيئة من هذه المنطقة، ما يعني إعادة تموضع قد تسبب احتكاكات على الأرض». وعن قدرة روسيا وتركيا على تنفيذ الاتفاق، قال المصدر: «ما كُشف هو خطة عامة تحتاج عملاً متواصلاً بين الطرفين على مستوى العسكريين والديبلوماسيين، وبالدرجة الأولى الاستخبارات»، موضحاً أن «العسكريين سيعملون على رسم حدود المنطقة العازلة، وتعزيز قوة نقاط المراقبة، وتسيير دوريات راجلة ومراقبة جوية للمنطقة لتثبيت وقف النار، فيما يعمل الديبلوماسيون وأجهزة الاستخبارات على إيجاد حلول للمقاتلين الأجانب الذين يصل عددهم إلى نحو ثلاثة آلاف موزعين ما بين النصرة وتنظيمات أخرى». وقال: «الواضح أن الطرفين، بمساعدة إيران ودول أخرى، يجب أن يجدوا حلاً لعناصر النصرة الأجانب قد يتضمن ترحيلهم إلى بلادهم أو تسهيل انتقالهم إلى بلدان أخرى». وشدد على أن «المعطيات على الأرض ترجح كفة الفصائل المعتدلة المدعومة من تركيا التي تحظى بتأييد معظم سكان المنطقة».

وتزامناً مع زيارة وفد إسرائيلي موسكو لإيضاح ملابسات حادث إسقاط الطائرة الروسية، توعد نتانياهو بأن تواصل إسرائيل «الدفاع عن نفسها» ضد إيران. وقال في القدس المحتلة: «لا نريد الحرب، ولكن إذا فُرضت علينا، سنستخدم كل قواتنا. إيران التي تدعو علانية إلى القضاء على إسرائيل هي على رأس التهديدات التي تستهدفنا في المنطقة… سنواصل الدفاع عن أنفسنا في وجه هذا الخطر». وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا توقعت أن «تتوافر في المستقبل القريب معلومات جديدة ستُنشر وستجيب عن الأسئلة المتعلقة بالمأساة ومدى تورط الطيارين الإسرائيليين فيها». وطالبت الجانب الإسرائيلي بـ «مزيد من التحقيقات والتوضيحات»، وقالت: «أعتقد أن الطيارين الإسرائيليين الذين تسببت تصرفاتهم بوقوع خطر وتحطم طائرتنا، وهو ما تشير إليه المعلومات التي قدمها خبراؤنا العسكريون، تصرفوا بطريقة غير مهنية، على أقل تقدير».

وفي انتقاد لاذع للطيارين الإسرائيليين وتصعيد في اللهجة، قالت زاخاروفا: «من المخجل الاختباء وراء أولئك الذين يؤدون وظيفتهم بضمان سلامتك وليس بإمكانهم تجنب الرصاصة، التي لم توجه إليهم».

ورجح مصدر روسي أن «الرئيس فلاديمير بوتين قد يلتقي الوفد الإسرائيلي مساء (أمس) في سوتشي، من أجل إيصال رسالة تنديد قوية بالحادث». ولم يستبعد أن «يؤثر الحادث في التفاهمات السابقة حول الطلعات الجوية الإسرائيلية في سورية». لكنه قلّل من «تداعيات مدمرة على العلاقات الروسية- الإسرائيلية بسبب الطائرة»، موضحاً لـ «الحياة» أن «هناك إمكانية لحل وسط يتضمن اعتذاراً رسمياً، وتعويضات، وتعهداً بعدم إلحاق ضرر أو التسبب بضرر للقوات الروسية في سورية، وإعلام روسيا عبر القنوات المختصة قبل وقت بالأهداف التي يمكن أن تستهدفها إسرائيل».

في جنيف، أعلنت القاضية الفرنسية كاترين مارشي-أُويل، المكلّفة إعداد اتهامات جرائم الحرب ضد أفراد متورطين في النزاع السوري أمس، أن مكتبها يخطط لفتح تحقيقين على الأقل بنهاية العام الحالي.