فورين بوليسي: البصرة تغلي، فما عواقب إهمالها؟

فورين بوليسي: البصرة تغلي، فما عواقب إهمالها؟

منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية العام الماضي في العراق ركز المجتمع الدولي والحكومة العراقية على إعادة الإعمار بشمال البلاد متجاهلين الغضب والفقر المتفاقمين بـالبصرة في الجنوب، مما أثار موجة من الاحتجاجات خلال الأشهر المنصرمة.

وتناول موقع مجلة فورين بوليسي الأميركية هذا الملف في تقرير نشر أمس، وقال إن الأزمة في البصرة ليست تطورا حديثا، لكن تركيز الحكومة العراقية على هزيمة تنظيم الدولة والتوزيع غير العادل للموارد فاقما الوضع المتردي في هذه المدينة، مما جعل الاحتجاجات بها أمرا متوقعا وكان من الممكن تفاديه.

وقال التقرير إن البصرة التي يقطنها حوالي 2.5 مليون نسمة وتُدعى بالعاصمة الاقتصادية للعراق نظرا إلى أنها أكبر مناطق إنتاج النفط بالبلاد كانت حاضنة لأعظم الشعراء والفنانين، وكانت تحتضن قنوات مائية رائعة وبهية تتلوى عبر مدينة كانت تُسمى في السابق فينيسيا الشرق الأوسط وأصبحت هذه القنوات اليوم مجاري مفتوحة للهواء الطلق.

وهم الولاء
وأشار إلى أنه عقب نهاية العمليات العسكرية الناجحة ضد تنظيم الدولة، انصب معظم اهتمام المجتمع الدولي بالاحتفال بالنصر في الشمال وإعادة الإعمار، وتُرك الجنوب الذي يقطنه الشيعة باعتبار أن ولاءهم غير مشكوك فيه.

لكن احتجاجات الصيف المنصرم المدفوعة بالغضب جراء شح فرص العمل وضعف الخدمات العامة واستشراء فساد النخبة الحاكمة أظهرت أن تلك الثقة في الولاء مجرد وهم، فقد استهدف المحتجون المسؤولين المحليين والقوى الأجنبية التي تدعمهم وهاجموا قنصليتي أميركا وإيران في البصرة.

وقالت فورين بوليسي إن المفارقة برزت في أن شباب الجنوب العراقي كانوا عماد القوات التي قاتلت تنظيم الدولة في الشمال، لكنهم اليوم عادوا إلى مناطقهم ليواجهوا البطالة والتشرد والحرمان والفقر.

أخطاء متكررة
واستمرت تقول إن وضع هؤلاء المقاتلين العائدين من الشمال يهدد الاستقرار في العراق، وإن الأخطاء المتكررة في الجنوب يمكن أن تؤدي إلى اعتماد متزايد على إيران في الوقت الذي تستمر فيه الدعوات لإقامة إقليم في البصرة.

فقد اجتذبت الحركات الداعية لإقامة مثل هذا الإقليم مثل “مجلس أبناء البصرة” الشباب بالمدينة الذين رفعوا أعلاما مؤيدة لذلك أثناء احتجاجاتهم.

المساعدات الأجنبية
وأوضحت فورين بوليسي أن برنامج الأمم المتحدة للتنمية رصد في الربع الأول من العام الجاري 153 مليون دولار للشمال، بالإضافة إلى برامج مماثلة من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو أس أيد) والهيئة البريطانية للتنمية الدولية ومانحين آخرين.

وأضافت أن الحكومة الأميركية أنفقت منذ 2014 أكثر من 1.7 مليار دولار في شكل مساعدات إنسانية لحوالي ستة ملايين من السكان النازحين بالشمال، وأن وزارة الدفاع الأميركية أنفقت خلال 2016 و2017 حوالي 2.7 مليار دولار عبر صندوق التدريب والإعداد لتدريب قوات الأمن العراقية للحملة ضد تنظيم الدولة.

وقالت إن إعادة الاستقرار للعراق يُنفذ ببطء كبير بأنشطة تعتمد حلولا طارئة فيه بدلا من مخاطبة التظلمات طويلة الأمد.

ودعت المجلة إلى أن تشمل جهود المصالحة وإعادة الإعمار المحلية والخارجية جنوب العراق أيضا، وكذلك التوزيع المتساوي للتمويل الحكومي، ومحاسبة الحكومة على الفساد الذي بلغ مستويات عالية ودمّر الخدمات العامة.

المصدر : فورين بوليسي