لهذه الأسباب يشن اليمين الأميركي حملة على عُمان

لهذه الأسباب يشن اليمين الأميركي حملة على عُمان

لا يبعد مركز السلطان قابوس الثقافي في واشنطن إلا 150 مترا عن البيت الأبيض، ويعكس المركز الصورة التي تتمتع بها سلطنة عُمان من خصوصية العلاقات التي تجمعها بالولايات المتحدة، وتميزها عن غيرها من الدول الخليجية والعربية.

يركز المركز على الشؤون الثقافية وعلى نشر اللغة العربية والثقافة والتاريخ العماني بين دوائر واشنطن الأكاديمية والتعليمية الثقافية، ويبتعد عما تركز عليه معظم مراكز واشنطن وهو الشأن السياسي. فلم تكن مسقط بحاجة يوما لتحسين صورتها داخل واشنطن على غرار ما تقوم به أغلب العواصم العربية.

وبسبب ما لعبته عُمان من دور حيادي جعلها مقرا مثاليا للمفاوضات السرية التي أدت للتوصل للاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، إضافة للدول الخمس الكبرى، وجدت السلطنة نفسها هدفا لحملات تشويه وتشكيك، لم تتوقف خلال السنوات القليلة الماضية وزادت وتيرتها خلال الأيام والأسابيع الأخيرة، من دوائر أميركية يمينية متطرفة.

ويقوم عدد من المراكز البحثية التي تدفع باتجاه مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، أو لا تمانع في حدوث مثل تلك المواجهة، بجهود حثيثة ومنتظمة لدعم أجندتها، وفي بعض الحالات أجندة الجهات الممولة لها.

هجوم على طبيعة الدور العماني
يجمع عمان بالولايات المتحدة تاريخ طويل، بدأ في العام 1790 بزيارة القطعة البحرية “بوسطن رامبلر” لميناء مسقط، وتبعها توقيع “معاهدة الصداقة والتجارة” بين الدولتين عام 1833، ثم فتحت واشنطن أول قنصلية لها في عمان عام 1838.

وعلى الرغم من متانة العلاقات بين الدولتين، لا يروق لبعض دوائر واشنطن أن تبقى السلطنة على حيادها.

فعقب اندلاع أزمة الخليج قبل عامين وبدء حصار قطر، تعرضت عُمان لانتقادات وهجمات بسبب تبني مسقط لموقف حيادي بين الطرفين القطري من جانب والسعودي الإماراتي البحريني من جانب آخر.

وكان لمضاعفة عمان حجم تجارتها مع قطر وسماحها باستخدام مجالها الجوي بكل حرية عقب غلق الدول الثلاث مجالاتها الجوية أمام الطيران القطري، تأثير سيئ على دول الحصار، وظهرت مقالات تندد بالموقف العماني الرمادي.

وسبق ذلك اتخاذ عمان موقفا حياديا من الصراع في اليمن بين جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا والحكومة المدعومة من الرياض وأبو ظبي، وتسبب ذلك في تركيز جماعات ضغط تابعة لدول عربية عدة بواشنطن على التشكيك في الدور العماني، واتهامها بالانحياز للجانب الإيراني.

بل تتهم بعض الأطراف الأميركية سلطنة عُمان بتجاهل تهريب إيران أسلحة للحوثيين في اليمن من الأراضي العمانية. فقد شكك تقرير صدر عن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (أي دي دي) بواشنطن يوم 9 مايو/أيار الجاري عنوانه “عُمان في المنتصف.. توازن مسقط بين إيران والولايات المتحدة”، في “التزام عمان باستقرار المنطقة في ضوء تقارير عن تهريب إيران أسلحة للحوثيين عن طريق الأراضي العمانية”.

وطبقا للتقرير فقد عبر مسؤولون إسرائيليون وسعوديون وإماراتيون ويمنيون عن قلقهم من تلك التقارير. وحذر التقرير الحكومة العُمانية من أن تقوية علاقاتها مع إيران قد تنتج عنها خسارة واشنطن لحليف إستراتيجي هام في الخليج العربي.

حفاظ مسقط على علاقات سياسية واقتصادية جيدة بالدوحة في ظل الحصار أثار سخط اليمين الأميركي (الجزيرة)
حفاظ مسقط على علاقات سياسية واقتصادية جيدة بالدوحة في ظل الحصار أثار سخط اليمين الأميركي (الجزيرة)
عُمان وأزمة إيران.. من التفاوض إلى الأزمة
تذكر السفيرة العمانية في واشنطن السيدة حنينة بنت سلطان المغيرية أن بلدها استضاف مفاوضات الاتفاق النووي بدءا من 2013 كونها “من الدول القليلة التي تجمعها صداقة بطهران وواشنطن”.

وقالت في حديث لموقع المونيتور “نحن نؤمن بالتفاوض، ومن دون التفاوض لا يمكن حل ومواجهة المشكلات”. وأضافت أن إيران دولة من الإقليم، وبفضل صداقتنا معها استطعنا إنهاء احتجاز عدد من الأميركيين داخل إيران في الماضي.

وتنكر السفيرة أن بلادها قد طُلب منها القيام بوساطة بين واشنطن وطهران في الأزمة المتصاعدة بين الدولتين خلال الأسابيع الماضية.

من ناحية أخرى، فتحت بعض المراكز البحثية المحافظة النار على عُمان بسبب استضافتها المحادثات التي أدت لتوقيع الاتفاق النووي عام 2015 بين إدارة أوباما وإيران. وبعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي، نُشر مقال في صحيفة وول ستريت جورنال بعنوان “لعبة عمان المزدوجة الخطيرة” لجونثان شانزير ونيكول سالتر.

واعترف الكاتبان بأن إدارة ترامب غيرت بصورة كبيرة الموقف من الاتفاق النووي، لذا فهما “يتفهمان إحباط عُمان، إلا أنهما طالبا ترامب بالتدخل إذا استمر تغاضي مسقط عن تهريب إيران أسلحة للحوثيين من الأراضي العُمانية”.

ومؤخرا وبسبب تزايد الزخم الدبلوماسي الذي سافر من أجله وزير الخارجية العماني لطهران عقب اتصال هاتفي من وزير الخارجية الأميركية بقادة عُمانيين، تصور البعض أن مسقط تحاول فتح دائرة تفاوض خلفية بين واشنطن وطهران كما فعلت عام 2013. وتحدثت تقارير مؤخرا عن وصول المسؤول عن ملف إيران بالخارجية الأميركية براين هوك لمسقط لمتابعة التشاور حول ملف إيران.

ويرد دبلوماسي أميركي سابق تحدث للجزيرة نت بأن “القناة العمانية المحايدة للتفاوض بين واشنطن وطهران لا تمثل أي أهمية لدى إدارة ترامب حتى الآن”. إلا أن هذه التقارير كانت كفيلة بأن يشير تقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى مخاطر الدور العُماني.

وتبع صدور التقرير نشر مقالات عدة مناوئة للدور العُماني في صحف هامة، منها وول ستريت جورنال وواشنطن تايمز. ولم ينكر التقرير أهمية الحليف العُماني لواشنطن. وأشار إلى أنه على “واشنطن أن تستمر في الحفاظ على علاقتها بعُمان، وعليها أن تطالب السلطنة بأن تبقى طرفا محايدا فيما يتعلق بإيران”.

الجزيرة