“أزمة الدولار” تدخل لبنان في دوامة الاحتجاجات

“أزمة الدولار” تدخل لبنان في دوامة الاحتجاجات

وجّه خروج المئات من المتظاهرين في عدة مدن لبنانية منها بيروت وصعدا احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، رسالة قوية لسلطات البلد التي تلقت إنذارا مبكرا دفع بالبعض إلى التحذير من إمكانية واردة لحصول انفجار وشيك في لبنان ما يهدده بالدخول في دوامة ما يسمى بالربيع العربي.

وشهدت عدة مدن لبنانية، منها العاصمة بيروت، تظاهرات حاشدة احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية جراء الخلافات السياسية، وسط انتشار كثيف للجيش وقوى الأمن الداخلي.

وتراجع سعر صرف الدينار اللبناني على نحو حاد في الأيام الأخيرة لامس الـ1630 و1700 ليرة للدولار الواحد، في ظل تسجيل تراجع كبير في احتياطي البلاد من العملة الصعبة وارتفاع الدين العام وتصاعد العجز في ميزان المدفوعات.

وأوردت بعض التقارير اللبنانية تفاعلا مع التطورات الأخيرة أخبارا مفادها أن الرئيس اللبناني ميشال عون يطرح تصورا لحل الأزمة الاقتصادية الراهنة يكون عبر استقالة الحكومة التي يقودها سعد الحريري.

ونفت الرئاسة اللبنانية الاثنين في بيان صادر عنها “تداول عدد من المواقع الإلكترونية معلومات منسوبة إلى مصادر مقربة من قصر بعبدا جاء فيها أن حل الأزمة الراهنة يكون باستقالة الحكومة”.

وأكّد البيان أن ”هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة، لاسيما وأن رئيس الجمهورية ميشال عون أكد أكثر من مرة على دور الحكومة التي يقودها سعد الحريري في المرحلة الراهنة وضرورة تفعيلها”.

ونفت الرئاسة اللبنانية ”ما ورد في وسائل الإعلام عن مداولات تمت خلال لقاء الرئيس عون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نيويورك الاثنين الماضي، لاسيما في ما يتعلق بما نسب إلى رئيس الجمهورية عن العلاقة مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري”.

وتضاربت التشخيصات في لبنان بشأن عمق الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تذبذب الدولار في البلد، خاصة بعدما أكدت وكالة الأنباء المركزية اللبنانية (خاصة) أن شبكة منظمة مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات أخرى مقربة من النظام السوري تسحب عملة الدولار من أجهزة الصراف الآلي (ATM) الموزعة في الشوارع من أجل تحويلها إلى سوريا.

وذكرت وسائل إعلام لبنانية أنه بعد تعقب عمليات السحب النقدي المشبوهة في فترات متقاربة، منعت جمعية المصارف أي مودع من سحب الدولار من أي مصرف لا يتعامل معه، وإنما يسمح له بالليرة اللبنانية فقط.

ويوجد إجماع في لبنان على أن ما حصل في احتجاجات الأحد يشكل إنذارا للسلطة الحاكمة في كل المواقع وعلى أن الانفجار يوشك أن يحصل إن لم تتدارك السلطة الحاكمة الأمر واتخاذ إجراءات عملية للخروج من الأزمة.

ويعيش لبنان مؤخرا على وقع أزمة مالية حادة جراء التذبذب في وفرة النقد الأجنبي، حيث طالت هذه الأزمة سعر صرف الدولار مقابل الليرة في الأسواق دون المصارف.

إنذار مبكر للسلطة
إنذار مبكر للسلطة
وسجل سعر صرف الدولار لدى بعض الصرافين أسعارا وصفها الخبراء بـ“المرعبة” لامست الـ1630 و1700 ليرة للدولار الواحد، بينما كان سعر الصرف الرسمي يُقدر بـ1507 ليرة للدولار.

وقال الرئيس اللبناني ميشيل عون الجمعة الماضي إنه لن يترك لبنان يسقط “ولا بد من تعاون الجميع لمعالجة الأوضاع القائمة”.

وأرجع في المقابل رئيس مجلس النواب نبيه بري الأزمة إلى العقوبات الأميركية التي “أخافت المودعين من تدهور الأوضاع ‏في البلاد، وولّدت خشية لدى المغتربين من تحويل أموال إلى لبنان للسبب عينه”.

وأصدر حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلام من جهته بيانا أعلن فيه عن نيته إصدار تعميم الثلاثاء ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي.

وقال وزير الاقتصاد السابق رائد خوري إنه سيتم “ضخ سيولة لعمليات التجارة والاستهلاك الأساسية، أي تأمين العملة الصعبة في الأسواق لمن يحتاجها من التجار”.

وأكد خوري أن إجراء تنظيم تمويل شراء السلع الاستراتيجية، “سيحل 70 بالمئة من الأزمة، ما سيعيد تخفيض سعر صرف الدولار مجددا في الأسواق”. وأوضح أن “سبب الأزمة يتمثل في سعي المصرف المركزي للحد من المضاربة القائمة على الليرة، لأنها تؤدي إلى تقلص احتياطي البنك المركزي بالعملة الأجنبية، وذلك عبر عدة إجراءات”.

ومن بين أبرز الإجراءات بحسب الوزير السابق، وقف القروض السكنية، لأن عمليات البناء تتطلب استيراد مواد وسلع من الخارج.

ومن الإجراءات الأخرى، تعاميم عدة أطلقها مصرف لبنان، منها منع المصارف من إقراض أكثر من نسبة 25 بالمئة من ودائعها بالليرة اللبنانية للقطاع الخاص، وتقييد عمليات الاستيراد.

وأكد أن ما يحصل ليس بوادر انهيار لليرة، المركزي قادر على أن يتدخل، وهو محصّن بالعملة الصعبة، لكنه لم يفعل ذلك لأنه يحاول ضبط عمليات المضاربة.

وأكد النائب هادي أبوالحسن بدوره على الرابط بين أزمة شح الدولار والتهريب عبر المعابر غير الشرعية من وإلى سوريا.

وقال “يبدو أن عملا ممنهجا من الداخل والخارج، لعمليات التهريب من سوريا إلى لبنان، ويُدفع البدل بالدولار، ويبدو أيضا أن هناك تهريبا معاكسا”.

وكشف أن هناك بعض التقارير والملاحظات بشأن التهريب، باتت بحوزة المعنيين، وبناء عليها ستُتخذ الإجراءات الضرورية واللازمة من البنك المركزي الأسبوع المقبل. وأضاف “لا أريد ذكر أسماء في قضايا التهريب، الجهة التي لها مصالح مع سوريا وتقوم بالتهريب معروفة، وهي من تحتاج اليوم للسيولة النقدية”، في إشارة إلى حزب الله.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مصرف “جمال ترست بنك” والشركات التابعة له في 29 أغسطس الماضي بتهمة تسهيله الأنشطة المالية لـ”حزب الله”.

ومن جهته، أكد عضو لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني، نقولا نحاس أن “الوضع الاقتصادي صعب، ولا يمكن مقارنته بالسنوات السابقة”.

وأرجع نحاس السبب الرئيسي في أزمة تذبذب وفرة الدولار، أساسا إلى عجز ميزان المدفوعات والعجز في الميزان التجاري.

العرب