حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، من المساس بمياه مصر في تعليقه على تطورات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي والذي تخشى القاهرة تأثيره على حصتها من مياه نهر النيل.
وقال: “نحن لا نهدد أحدا ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر (..) وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيلها أحد ومن يريد أن يجرب فليتفضل”.وذكر السيسي خلال مؤتمر صحفي: “أنا مبهددش حد وعمرنا ما هددنا وحوارنا رشيد جدا”.
وتابع: “محدش هيقدر ياخد نقطة مياه من مصر وإلا هيبقى في حالة من عدم الاستقرار في المنطقة لا يتخيلها أحد ومحدش يتصور إنه يقدر يبقى بعيد عن قدرتنا”.وأضاف “المساس بحقنا في المياه خط أحمر. نتطلع للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملئ وتشغيل السد”.وأوضح السيسي “نسعى للحصول على حقنا في مياه النيل لا أكثر. هناك تحرك إضافي خلال الأسابيع المقبلة عبر المفاوضات”.وأشار إلى أن “الأعمال العدائية تمتد تأثيراتها لسنوات طويلة”.
وجاء أول رد إثيوبي على تصريحات السيسي حول «سد النهضة» حيث قال السفير الإثيوبي بالقاهرة ماركوس تيكلي ريكي، اليوم (الأربعاء)، إنه سيتم استئناف المفاوضات بشأن ملف سد النهضة مع مصر والسودان قريباً؛ من أجل التوصل إلى اتفاق مرضٍ لجميع الأطراف برعاية الاتحاد الأفريقي.وأضاف ريكي، خلال مؤتمر صحافي عُقد اليوم بمقر السفارة الإثيوبية: «لم يتم التواصل مع إثيوبيا رسمياً بشأن لجنة الوساطة الرباعية التي اقترحها السودان وسمعنا عنها من وسائل الإعلام فقط»، حسبما أفادت وسائل إعلام مصرية.وأكد ريكي أن بلاده تركز على المفاوضات وتعمل على حل الخلافات بطريقة سلمية.
وقد رأي المتابعون للشأن المصري بأن التحليلات السياسية المصرية وقفت موقف مؤيد لتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، فقد علق أستاذ العلوم السياسية إسماعيل صبري مقلد بالقول:” حسنا فعل الرئيس عبد الفتاح السيسي باطلاقه هذا الانذار الحاسم والقاطع ضد المتآمرين علي امن مصر المائي لحرمانها من حقها الطبيعي في الحياة بتجفيف شرايينها المائية.
الرسالة واضحة بما لا يقبل اي سوء فهم أو تأويل ، وهي إنذار عنيف بكل ما يعنيه مثل هذا الإنذار وما سوف يترتب عليه من رد فعل انتقامي ساحق سوف يجعل الاثيوبيبن يندمون بعد نفاذ صبرنا عليهم ، ووصول كل محاولات الحل السلمي معهم إلى نهاية طريق مسدود بسبب عنادهم وحقدهم وعدائهم الذي تجاوزوا به كل الحدود.
العدوان علي حقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل خط أحمر والاقتراب منه أو التعدي عليه سوف يعني الكثير مما يجب إلا يغيب عن بال هذا الأثيوبي المراوغ الجالس في أديس أبابا يتحدي العالم بما هو مصمم على الإستمرار فيه من حماقات ومن اخطاء قاتلة بحق دول تتشارك مع بلده في نهر النيل دون اكتراث بالعواقب . وإذا كانت مصر قد حافظت علي حقوقها المائية علي مدار تاريخها الطويل حتي وهي في ذروة ضعفها، فهل تعجز عن ذلك وهي الآن في ذروة قوتها ولديها جيش هو احد اقوي عشرة جيوش في العالم ؟ وكما قال الرئيس دعوهم يجربون وبعدها اتركوا النتائج لتتحدث عن نفسها….. ونحن واثقون من ذلك وليس لدينا ذرة شك فيه.
أما الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، والذي يعارض سياسات الرئيس السيسي إلا أنه وجد نفسه مؤيدًا ومدافعًا عن تصريحاته الأخيره، حيث علّق على صفحته على ” تويتر” بالقول: ” ارحب ترحيبا تاما بتصريحات الرئيس السيسي حول سد النهضة وهي رد طبيعي على التهديدات الإثيوبية بأنها ستقوم بالملء الثاني لخزان السد بصرف النظر عن التوصل إلى اتفاق من عدمه، فهذه التهديدات تشكل عدوانا مباشرا على حقوق مصر المائية. أما تصريحات الرئيس فتدخل في إطار الدفاع الشرعي عن النفس”.
لا أحد ينكر تأثير سد النهضة الخطير على مصر، خاصة من ناحية تهديده المباشر للأمن القومي، إذ سيعمل السد على تعطيش المصريين وتدمير أراضيهم الزراعية وتهديد نسيجهم الاجتماعي والاستقرار الأسري والسلم الأهلي. كما سيؤدي السد الإثيوبي إلى حدوث قفزة في نسب الفقر والجريمة والطلاق والهجرة، وغيرها من الآثار الاجتماعية الخطيرة في مصر، وربما يدخل السد البلاد في مجاعة شديدة إذا أصرت إثيوبيا على ملء الخزان في فترة ثلاث سنوات فقط بدلا من عشر سنوات، خاصة مع استمرار الزيادة السكانية في مصر، وتراجع منسوب مياه النيل الذي تعتمد عليه كل الأنشطة التجارية والزراعية والصناعية والخدمية، كما يعتمد المواطن على مياه النيل كمياه للشرب.
النتيجة المباشرة لسد النهضة هي تعميق الأزمة الاقتصادية الحالية، ودفع البلاد نحو زيادة الاقتراض الخارجي لتدبير مئات المليارات من الجنيهات لتمويل مشروعات تحلية مياه البحرين الأبيض والمتوسط وتعويض نقص مياه نهر النيل، واستيراد المزيد من السلع الزراعية، وتدبير فرص عمل، ومع هذا التوسع ستشهد الموازنة العامة مزيداً من العجز، خاصة مع الضغوطات المالية الكبيرة الناتجة عن السد.
إزاء هذه المعطيات الخطيرة لن تقف مصر مكتوفة اليد تجاه إصرار إثيوبيا على الإضرار بحقوق مصر المائية وتعطيش المصريين وتدمير قطاعهم الزراعي وتهديد النسيج الاجتماعي والاقتصاد القومي، لكن هل ستلجأ مصر إلى عمل عسكري لحسم النزاع القائم في حال وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود؟ لذلك جاءت تصريحات الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسي في سياقها الطبيعي.
وحدة الدراسات المصرية