استقالة وزيرة الأشغال العامّة الكويتية قبيل انطلاق الدورة البرلمانية الجديدة جاءت بمثابة علامة على مرونة الحكومة بهدف تسهيل التعاون مع البرلمان وتأمين دور انعقاد هادئ، لكنّ تحقيق هذا الهدف سيتطلب لاحقا معالجة الكثير من المسائل الخلافية المعقّدة التي تتجاوز بكثير ملف الوزيرة.
الكويت- تفادت الحكومة الكويتية صداما مع نواب مجلس الأمّة (البرلمان) كان ينتظر أن يحدث مع انطلاق الدورة البرلمانية الجديدة، بسبب استجوابين لوزيرة الأشغال العامّة أماني بوقماز أعدّهما اثنان من نواب المجلس وتضمّنا أسئلة محرجة لها ولحكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح.
وصدر الاثنين مرسوم بقبول استقالة الوزيرة. وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة جاسم الاستاد تم تعيينه في موقعها بالوكالة، بالإضافة إلى منصبه.
ومن جهتها قالت مصادر سياسية إنّ الاستقالة جاءت بإيعاز من الحكومة نفسها التي عبّرت للوزيرة عن عدم استعدادها لدعمها في مواجهة الاستجوابين.
ويفتتح أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الثلاثاء، دور الانعقاد العادي الثاني للفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمّة.
وجاءت إزاحة وزيرة الأشغال بمثابة خطوة للتهدئة من قبل الحكومة تعبيرا عن استعدادها للتعاون مع البرلمان في مستهل دور انعقاد لاحت بوادر مبكرة عن صعوبته قبل أن يبدأ في ظل تحفّز النواب لاستجواب الوزراء، وإصرار بعضهم على فرض أجندة تشريعية مطلبية تُرتب أعباء مادية إضافية على ميزانية الدولة وتتضاد تماما مع ما تأمل الحكومة في تمريره من إصلاحات ضرورية لكنّها غير شعبية. وقال متابعون للشأن الكويتي إن مرونة الحكومة يمكنها تحقيق تهدئة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكنها ظرفية وقصيرة المدى إذ ستظل هناك أسباب كثيرة للخلاف بينهما.
واستند هؤلاء إلى الخلاف الذي ما يزال قائما بين وزارة الخارجية وعدد من نواب المجلس بشأن اعتماد السفيرة الأميركية الجديدة في الكويت.
وأكّد وزير الخارجية الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح قرار الحكومة باعتماد أوراق كارين ساساهارا التي اختارها الكونغرس الأميركي لتشغل منصب سفيرة فوق العادة ومفوضة للولايات المتحدة لدى الكويت، موضّحا أنّ ترشيحها قُبل بالفعل من أمير البلاد.
وفي المقابل جدد النائب عبدالكريم الكندري تهديده باستجواب وزير الخارجية في حال تمّ اعتماد أوراق ساساهارا.
وكان كل من الكندري والنائبان عبدالعزيز الصقعبي وعبدالهادي العجمي قد أعلنوا رفضهم لاعتماد أوراق السفيرة الأميركية الجديدة بسبب شغلها في وقت سابق منصب القنصل العام في مدينة القدس، وذلك تضامنا مع غزّة ورغبة في توجيه رسالة إلى الإدارة لأميركية المساندة لإسرائيل.
وبحسب المتابعين فإنّ استبعاد بوقماز من الحكومة قبل فترة وجيزة من بدء البرلمان دورته الجديدة يمكن أن يُقرأ باعتباره علامة على ضعف الحكومة الأمر الذي سيفتح الباب للمزيد من الضغوط النيابية عليها ليشكّل بذلك عاملا لزيادة التوتّر بدل أن يكون أساسا للتهدئة المنشودة.
وقال النائب متعب الرثعان “في أول اختبار لقدرة الحكومة على المواجهة، قدّمت وزيرة الأشغال استقالتها وهربت من المساءلة الدستورية في مواجهة أعضاء الشعب”، مضيفا في تعليق عبر منصة إكس “هذا النهج لا يختلف عن الحكومات السابقة”.
وتدور محاور الاستجوابين المقدمين للوزيرة المستقيلة من قبل النائبين مبارك الطشة وداود معرفي واللذين كانا مبرمجين للنظر فيهما خلال أول جلسة للبرلمان في دورته الجديدة، حول عدة اتهامات من بينها عدم إنجاز وصيانة وإصلاح الطرقات وتعطيل المشاريع وشبهات الفساد والتنفيع وتضارب المصالح وهدر المال العام والتراخي والتهاون في تحصيل مبالغ غرامات التأخير المستحقة على المقاولين في المناقصات والعقود.
كما تدور أيضا حول الفشل في أداء المهام الوظيفية والتجاوز على الدستور والقانون وتجاهل الرد على الأسئلة البرلمانية وهدر المال العام وعدم تطبيق القانون والفشل في أداء المهام الوظيفية والتقصير والتلاعب في هيئة الطيران المدني.
ورغم استقالة الوزيرة فقد طالب الطشة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في أعمال بوقماز عن الفترة السابقة.
كما وجه إنذاره لرئيس الحكومة قائلا في تصريحات صحفية “رسالتي الأخيرة لرئيس الوزراء أنّ مرحلة تصحيح المسار يجب أن تكون باختيار وزراء قادرين على انتشال البلد من هذه الحالة، ووقف التراجع وحل وعلاج القضايا المستحقة”.
وقال النائب عادل الدمخي “كنت أول من حذّر من توزير بوقماز قبل التشكيل الوزاري لهذه الحكومة”.
وطالب النائب محمد الرقيب بإحالة جميع محاور استجوابي الوزيرة إلى محكمة الوزراء “حتى لا يكون الهروب والاستقالة هما ديدن ومنهج المقصّرين في حق الشعب”، مضيفا قوله “استقالة وزيرة الأشغال قبل صعود المنصة بلا محاسبة، أكد تقصيرها في حفظ حق الأمّة”.
العرب