الرياض – قال وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري إن وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون غير راضين عن مخرجات اجتماعهم، لافتا إلى الاتفاق على آلية تطويرية لمخرجاته، موضحا أن المملكة تقدمت بمشروع لدعم المجلس وتطويره وخلال 60 يوما سيعرض على الوزراء، بحسب ما نقلت قناة الإخبارية السعودية.
وتظهر تصريحات الدوسري في حديثه مع قناة “الإخبارية”، رغبته في إيجاد عمل خليجي مشترك ضمن أهداف مرسومة ومحددة من خلال المشروع الذي تنوي السعودية طرحه، إذ أكد “نأمل من خلال المشروع تطوير أداء المجلس بما يتوافق مع تطلعات قادة دول الخليج”.
وعقد وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العاصمة الدوحة اجتماعهم الـ27، برئاسة رئيس المؤسسة القطرية للإعلام الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، ومشاركة الأمين المساعد للشؤون الاقتصادية والتنموية بالأمانة العامة خالد بن علي السنيدي.
وناقش الوزراء عددا من الموضوعات المعنية بالتعاون الإعلامي المشترك بين دول مجلس التعاون، أبرزها سن ضوابط منظمة لآليات الإعلانات التجارية الإلكترونية بمواقع ومنصات التواصل الاجتماعي في الدول الأعضاء، وإعداد خطة إعلامية توعوية متضمنة حماية الأخلاق والتنشئة الاجتماعية وغرس القيم والهوية الخليجية، إضافة إلى إيجاد مبادرة رقمية حول السلامة الرقمية للأطفال بدول المجلس.
كما ناقشوا إنتاج دراما إذاعية مشتركة، وإنتاج برامج إذاعية تستهدف فئة الشباب واهتماماتهم في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، وإنتاج عدد من البرامج التلفزيونية الهادفة، والموافقة على إنتاج أمسية خليجية تلفزيونية مشتركة بين الدول الأعضاء تتزامن مع انعقاد الدورة الـ45 القادمة للمجلس الأعلى، إضافة إلى عدد من الموضوعات التي تخدم مسيرة العمل الإعلامي المشترك بين دول المجلس.
وبدا لافتا اهتمام المجلس بتناول الجانب “الأخلاقي” في الاجتماع، واعتبر متابعون أن التطرق إلى مسألة “الأخلاقي” في صناعة تجاوزت حدود الرقابة وحارس البوابة والقيود الأبوية، يبدو انفصالا عن الواقع والجمهور، ففي حال فرض الوصاية الأبوية على وسائل الإعلام المحلية التي يمكن للحكومات السيطرة عليها، لن تجد من يتابعها من الجيل الجديد الذي ينفر من أي محاولة لتلقينه أصول “الأخلاق الحميدة” في عصر الانفتاح الرقمي.
وتعكس النمطية الأبوية رؤية تقليدية للدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام في المجتمع كأداة لتعزيز القيم الاجتماعية والثقافية.
ويرى مراقبون أن التمسك بالصورة الأبوية للإعلام يأتي في إطار أوسع لتعزيز الاستقرار والتماسك الاجتماعي، خصوصا في مواجهة التحديات المعاصرة مثل التطرف والانقسامات. ومع ذلك، يمكن أن تكون للنهج الأبوي تأثيرات سلبية على النقاش العام والحرية الفكرية.
ويؤكدون أن من الضروري إعادة النظر في النهج الأبوي، خصوصا في عصر تزايد الوعي بأهمية الحريات العامة. وإذا ما تم تحرير الإعلام وتوفير المزيد من المساحة للحرية الصحفية، ستتاح الفرصة لبناء مجتمعات أكثر شمولية ومرونة، قادرة على التعامل مع التحديات بفعالية أكبر.
ويتم التلويح بالأخلاقيات أيضا عندما تغطي الصحافة موضوعات حساسة، مثل الدين والقومية والشؤون الإثنية. وبذريعة احترام حقوق الأقليات ضد خطاب الكراهية، أو منع التحريض على العنف.
ويرى خبراء أن مشكلة الإعلام الخليجي هي مشكلة أفكار متعددة ومتضاربة في الوقت ذاته. فهناك فكر إعلامي تقليدي تعود على نمط معين من الممارسة في التعامل مع الأحداث والقضايا على مستوى المنطقة العربية والعالم، ويرى أنها تخدم مصالح الدول الخليجية وتحقق أهدافها.
في المقابل هناك دول أخرى تحمل فكرا آخر حديثا ومتطورا يعتمد على التفاعل والعمق في تحليل الظواهر والأحداث الإقليمية والعالمية والبحث عن أفضل السبل والأدوات لإحداث التأثير المطلوب لدى المتلقي، ولذلك فإن الإعلام الخليجي ومسؤوليه مطالبون بتبني رؤية إعلامية واضحة يتم العمل الجاد على تحقيقها وتؤطر بإستراتيجيات وخطط وبرامج فعالة يمكن قياس نتائجها ويتم تطويرها ومتابعتها لتنهض بالعمل الإعلامي الخليجي.
ويشير النقاش المتصاعد حول المواضيع المطروحة خلال اجتماع وزراء الإعلام في دول الخليج كما باقي دول المنطقة طيلة السنوات الماضية، إلى حجم المخاوف التي تبديها السلطات ممّا يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن رغم ترسانة التشريعات القانونية لمحاصرة المحتوى الذي تعتبره المجتمعات العربية مسيئا ويتنافى مع قيمها، إضافة إلى الأخبار الكاذبة والتضليل والشائعات، إلا أن هناك حلقة مفقودة مازال القائمون على الإعلام العربي يبحثون عنها للحد من صداع ما يتم تداوله على الشبكات الاجتماعية.
ويشير متابعون إلى أن القضية التي تشغل بال السلطات العربية تتصدر اجتماعات الوزراء العرب في كل مؤتمراتهم ونقاشاتهم الدورية دون أن تكون هناك مخرجات جديدة أو خطة عملية لتنظيم الواقع الافتراضي الخارج عن السيطرة.
ويضيفون أن النقاشات باتت أشبه بالواجب أو الالتزام المفروض على طاولة البحث الوزارية دون جديد في كل مرة، حيث لفت الانتباه عقد اجتماع وزراء الإعلام الخليجيين عن بعد دون لقاء مباشر، وهو ما كان ساريا في فترة الحظر الصحي بسبب موجة فايروس كورونا في السنوات الماضية، ويبدو أنهم استمروا بنفس الطريقة لأنهم لم يجدوا ما يدعوهم إلى اللقاء المباشر في ظل إعادة طرح نفس القضايا ونفس البيانات والحلول الشكلية التي لا تخرج عن إطار العموميات.
العرب