أربيل (إقليم كردستان) – تجد تركيا فرصة كبيرة لتوسيع نفوذها في إقليم كردستان العراق، في ظل الخلافات بين الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد. ولا يقف الاهتمام التركي بالإقليم عند حدود تصدير النفط، وإنما يشكل نفوذا متزايدا للشركات التركية، ما يجعله فناء خلفيا للمستثمرين الأتراك.
وتستعد أنقرة لعقد منتدى أعمال في أربيل عاصمة إقليم كردستان، في رسالة تظهر الاهتمام التركي بالاستثمار في منطقة تتعامل معها الشركات الدولية كمنطقة نفطية. كما أن حكومات إقليم كردستان نفسها تهتم بعائدات النفط أكثر من اهتمامها بتقديم التسهيلات بُغْية استقطاب الشركات في مجالات أخرى.
ويعتبر الإقليم وجهة رئيسية للمنتجات التركية، ليتم توزيعها لاحقا على سائر أنحاء العراق. كما تعمل في كردستان العراق المئات من الشركات التركية الصغيرة والمتوسطة في مجالات متعددة، بدْءا من مراكز التسوق ووصولاً إلى مشاريع الإسكان ومتاجر الأثاث والسلع التجارية والاستهلاكية.
الشركات التركية تعمل في مجالات متعددة مثل مراكز التسوق ومشاريع الإسكان ومتاجر الأثاث والسلع الاستهلاكية
ورغم حساسية الموضوع الكردي ومعارضة أنقرة لفكرة استقلال الإقليم، إلا أنها تشجع كردستان العراق على أن يمتلك مقومات الاعتماد على الذات وعدم الارتهان للحكومة المركزية، والهدف من وراء ذلك ربط الإقليم بالاقتصاد التركي.
وتريد أنقرة إقامة علاقات وثيقة مع كردستان العراق تقوم على مصالح أمنية واقتصادية متبادلة؛ وذلك بأن تسهّل تركيا تصدير النفط ومساعدة الإقليم اقتصاديا في مقابل أن يلعب الأخير دورا مهما في محاصرة حزب العمال الكردستاني والمجموعات المرتبطة به.
ويشنّ المسؤولون الأتراك، بمن فيهم سفير تركيا لدى العراق علي رضا غوناي، حملة علاقات عامّة بلا هوادة تقوم على محاولة إقناع المسؤولين العراقيين بفتح باب الشراكة مع تركيا في عدّة مجالات. ولا ينطلق هؤلاء من فراغ بل يستندون إلى قدرات حقيقية لبلادهم في عدّة مجالات إنشائية وصناعية وغيرها.
ويستفيد الأتراك من تراجع النفوذ الإيراني في إقليم كردستان العراق. وقال ممثل إقليم كردستان العراق في إيران ناظم دباغ إن عدد الشركات الإيرانية في السليمانية وصل إلى أقل من 150 شركة خلال عام 2023 بعد أن كان 450 شركة في عام 2002، مضيفا أن عدد الشركات التركية في المقابل وصل إلى 2000 بعد أن كان لا يتجاوز 100 شركة في السليمانية وأربيل.
وشدد محمود نجفي عرب رئيس غرفة تجارة طهران وممثل إقليم كردستان ناظم دباغ على “ضرورة التهدئة في العلاقات السياسية بين إيران وإقليم كردستان”، معتبرين “تطوير التعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات المشتركة سببا لاستقرار العلاقات في المستقبل القريب”.
وأعلن الجانب الإيراني خلال اللقاء استعداد الغرفة لاستقبال وفود من التجار الأكراد العراقيين وإرسال وفد تجاري من الناشطين الاقتصاديين الإيرانيين إلى الإقليم. وقال عرب إن “مقترح إرسال وفد تجاري من غرفة طهران إلى أربيل أو السليمانية تم تقديمه إلى وزارة الخارجية الإيرانية لإثبات حسن النوايا”.
2000 شركة تركية تنشط في الإقليم بعد أن كان العدد لا يتجاوز 100 شركة في السليمانية وأربيل
ويرى مراقبون أن الاهتمام الإيراني بالإقليم جاء ردّ فعل على الحظوة التي بات يحصل عليها الأتراك في كردستان العراق والعراق عموما، خاصة إثر تبني طريق التنمية.
وبحسب الحكومة العراقية سيتضمن المشروع طرقا سريعة وسكك حديد وخطوطا لنقل الطاقة تمتد من أقصى الجنوب العراقي إلى الحدود العراقية – التركية في فيشخابور، بكلفة تبلغ 17 مليار دولار، على أن يتم إنجاز المشروع على ثلاث مراحل تنتهي الأولى عام 2028، والثانية عام 2033، والثالثة عام 2050.
وأعلن مجلس إدارة غرفة تجارة طوربالي بإزمير عن عزمه عقد منتدى أعمال في أربيل قريبا يجمع رجال الأعمال الأتراك والعراقيين. جاء ذلك في بيان لغرفة تجارة طوربالي الجمعة، بعد لقائها بوزير شؤون المكونات في حكومة كردستان شمال العراق آيدن معروف.
وقال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة طوربالي عبدالوهاب أولجون “سيكون هذا المنتدى، الذي سنعقده في أربيل، فرصة عظيمة للتعريف بالفرص التي تقدمها طوربالي لرجال الأعمال العراقيين”.
وبحسب البيان ذكر الوزير معروف أن تركيا لها مكانة مهمة في تجارة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنه ينبغي جمع رجال الأعمال العراقيين مع رجال الأعمال الأتراك، بمساهمة غرفة تجارة أربيل.
وقال “إن العلاقات التجارية التي من المزمع أن تقام بين تركيا والعراق ستقدم مساهمات كبيرة في التنمية الاقتصادية لكلا البلدين”. وأضاف “تنظيم منتديات الأعمال المشتركة والمعارض التجارية سيمكّن رجال الأعمال في البلدين من التعرف على بعضهم البعض بشكل أوثق”.
العرب