البارزاني … قيادة شامخة ورؤية استراتيجية ثاقبة

البارزاني … قيادة شامخة ورؤية استراتيجية ثاقبة

عندما تستمع إلى الحوار المباشر الذي اجراه الاعلامي اللبناني ايلي ناكوزي مع السيد مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعبر شاشة شمس الفضائية، تكون أمام شخصية سياسية بارزة ورجل حكيم خبرته سنين النضال والمواجهة وانسان يحمل مشاعر فياضة ملؤها الحب والتفاني تجاه أبناء الشعب العراقي وأبناء قوميته الكردية في إقليم كردستان العراق، قائد ينظر للمستقبل برؤية ثاقبة وارادة قوية وثبات على القيم والتمسك بالمبادئ والدفاع عن حرية الإنسان وتطلعاته في حياة كريمة ومستقبل زاهر، يتمتع فيه بعدالة اجتماعية واحترام لفكره الإنساني ومعتقده الديني، رجل يتسم بالشجاعة وسداد الرأي وقول الحق والحكمة في التصرف والاعتدال في العمل واحترام الرأي الآخر والاستماع للحوار الوطني الصادق، مواطن محب لبلده وشعبه ولقوميته، يعتز بمواطن التقدم والازدهار والعمران الذي يشهده إقليم كردستان العراق، ويتمنى أن يكون العراق مزدهرًا في جميع محافظاته ومدنه، يرفل بالسعادة والحرية والعمل الدؤوب من أجل نهضة عمرانية واسعة وتنمية اجتماعية مستدامة.
الاستماع إلى حديث السيد البارزاني يمنح الإنسان ثقة أكيدة بالتطور الحضاري والفعل الإنساني حيث يعتبر الهوية الوطنية هي الجامعة التي تحتضن روح التماسك المجتمعي وتسعى لمسايرة التطورات الإنسانية لبناء مجتمع متطور وبأفاق مستقبلية مشرقة ، أساسها العمل المتواصل ورسوخ التكافئ وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء صرح الحياة وتعزيز البنى التحتية للتنمية المجتمعية وتحقيق الأهداف والغايات الإصلاحية التي تمثلها دولة متماسكة يستظل فيها جميع أبناء الوطن على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم، ليست دولة قائمة على أسس عنصرية وطائفية وتحتكرها قوى مسلحة بديلة عن شرعية الدولة، وإنما دولة مدنية حديثة يسودها القانون وتنظم حياتها الشرائع والأنظمة القائمة على احترام حرية الإنسان وتعزيز الفكر المجتمعي في توحيد الرؤى واعتماد مبدأ المساواة المجتمعية وتعميق روح المساهمة في بناء صرح الوطن، ويرى القائد السياسي البارزاني أن بناء الدولة يحتاج لقيادات ذات أفق استراتيجي قريبة من شعبها، مخلصة في أيدائها، وفية في عهودها، صادقة في أهدافها.
أعطى السيد رئيس، الحزب الديمقراطي الكردستاني صورة لملامح الحياة السياسية في العراق وركز بصورة واضحة عن تعدد القوى التي تتدخل في شؤون الدولة وتضعف ارادتها في العمل والتوجيه السليم واعتبرها من أكبر الأدوات التي تنخر في هيكلية المؤسسة الحاكمة التي تضعف إرادة الإنسان وتغيب ابداعاته وتؤثر سلبيًا على الوازع الوطني وتفكك أواصر المجتمع ووحدة البلاد وتشجع على حماية المصالح والمنافع الشخصية.
أن الرؤية الميدانية والافق السياسي الذي مثله حديث الرئيس مسعود البارزاني إنما أكد حقيقة ناصعة أن
وجود قيادة فاعلة ميدانية وبارادة ناجحة سليمة، هي الأساس في مواجهة التحديات والصعاب التي تعيشها الدول وتحاول تخطيها من أجل تحقيق الرؤية الاستراتيجية في بناء المجتمع وتعزيز إرادة الإنسان والتوجه نحو مواجهة حقيقية لجميع الأخطار التي تحدق بالبلاد والعمل على إشاعة روح الإنتماء الوطني ومعالجة جميع الأوضاع الميدانية التي هي حصيلة تراكمات زمنية وجعل المسؤولية تضمانية اجتماعية والتعامل معها بروح ايجابية، وهو ما يحقق الأداء الصادق للقيادات السياسية عبر إدامة روح التعاون المشترك وتحقيق الانسيابية المجتمعية التي توصل إلى بناء مجتمع متجانس قائم على روح والتألف والتأزر ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تتعلق بالأمن الوطني والقومي.
يرى السيد البارزاني أن
الزعامة السياسية ليست أداة للتعظيم والتهليل، وإنما هي دور حيوي وقيادة مجتمعية تترك لأبناء الشعب حرية اختياراتهم وارائهم السياسية بما يحقق سلامة الأمن الوطني للبلاد ويعزز الجبهة الداخلية بعيدًا عن أي أزمات أو مواجهات بين الشعب والسلطة التي عليها احترام وصيانة حقوق المواطنين وبناء جسور الثقة معهم التي تشعرهم أن الدولة هي الحصن الذي يمثل حمايتهم والحفاظ على مستقبل أبنائهم.
والقيادات السياسية الناجحة والواثقة من عملها هي من تعتمد مبادئ ( الشراكة والتوازن والتوافق) وفق رؤية تعمل على ترسيخ مفهوم العمل الجماعي بعيدًا عن التسلط والاحتكار وسوء استخدام أدوات الحكم، بل تسعى لخدمة الناس والارتقاء بهم والابتعاد عن المنافع واعتماد العمل الصادق السليم المستند للعقل النير والحكمة في التعامل والصبر عند الملمات والابتعاد والدوافع الشخصية واستيعاب حاجات المواطنين ومعرفة متطلباتهم والعمل على تحقيق أهدافهم.
أن من أهم الواجبات الاعتبارية والقانونية للدولة هي حماية حقوق المواطن وتمكينه من التمتع بحقوقه وحماية ثرواته وبناء بلده والحفاظ على وجوده وادامة الأمن المجتمعي والاستقرار المدني وتعزيز منظومة القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية وتمتين العلاقة الإيجابية الصادقة بين جميع أبناء الشعب.
أعطى الحوار السياسي للسيد البارزاني منهجية صادقة للحكم ورؤية لمسار تقدم الدولة وعلاقتها مع المواطن، ثم تعزيز الشراكة السياسية القائمة على التوافق الفكري والإنساني لجميع الأحزاب والتيارات السياسية في العراق واحترام الخصوصية الشاملة لأبناء الشعب الكردي والتعامل السليم وفق منظور احترام إرادة الشعب وتعزيز دوره في البناء والإعمار، مع إعطاء الدور الريادي المشترك في بناء صرح الدولة العراقية وصولاً إلى استعادة دورها الريادي وتأثيرها الإقليمي والدولي.

وحدة الدراسات العراقية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية