يوفر رفع العقوبات على الاقتصاد الإيراني مثالا مرحبا به في العمل الدولي المنسق، ويؤكد أيضا أن الدبلوماسية يمكنها حل المشاكل العالمية المستعصية، ويمكنها أن توفر فرصة لإيران.
بدت هذه السياسة الجديدة في النظر إلى إيران واضحة في خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما حول رفع العقوبات الدولية والذي افتتحه بالقول “اليوم هو يوم جيد، وقد تم قطع جميع الطرق على إيران لامتلاك قنبلة نووية”، مشيدا بالجهود المبذولة وخاصة جهود كل من وزير خارجيته جون كيري ومستشارته للأمن القومي سوزان رايس.
وشكر أوباما السلطات الإيرانية التي قامت بإطلاق سراح سجناء أميركيين ومنهم مراسل جريدة واشنطن بوست جيسون ريزيان، مشيرا إلى إن “الدبلوماسية الذكية والصبورة هي من ساعدت على إطلاق سراح المواطنين الأميركيين المحتجزين لدى إيران منذ سنوات”.
وردّت في الولايات المتحدة “الجميل” بالعفو عن سبعة إيرانيين تمت إدانتهم بقضايا تهريب سلاح لإيران، زمن العقوبات الدولية. وقامت أيضا بإلغاء القضايا الجنائية ضد 14 مواطنا إيرانيا خارج الولايات المتحدة.
ومن الجدير الذكر أنه ما يزال في السجون الإيرانية عدد من السجناء الأميركيين الذين لم يتطرق إليهم هذا الاتفاق، بالإضافة إلى عدم معرفة مصير عميل مكتب التحقيقات الفدرالية روبرت ليفنسون، الذي اختفى في جزيرة كيش الإيرانية في مارس 2007.
|
وقال الرئيس أوباما في خطابه إنه تم التخلص من عشرين ألف جهاز طرد مركزي و 98 بالمئة من اليورانيوم الإيراني وتم شحنها خارج إيران، زاعما أن العالم أصبح أكثر أمنا. لكنه اعترف بوجود خلافات عميقة وأن الولايات المتحدة ستستمر بفرض العقوبات على إيران في ما يتعلق بملفها لحقوق الإنسان والصواريخ الباليستية.
وفي بيان لوزارة الخارجية الأميركية، أعلنت واشنطن أنها قامت بتسوية القضية المتعلقة في محكمة الجنايات الدولية وفك تجميد الرصيد الإيراني، الذي يقدّر بـ400 مليون دولار أميركي، والذي يعود لعقد عسكري سابق تم الاتفاق عليه قبل قطع العلاقات الأميركية الإيرانية.
ورغم تبريرات إدارة أوباما والجهات الغربية الداعمة له في موقفه من الاتفاق مع إيران، إلا أن ذلك لم يقنع العديد من السياسيين وخاصة المرشحين عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية؛ حيث وصف المرشح وحاكم ولاية نيوجرزي كرس كرستي الرئيس أوباما بأنه رئيس خبير بعقد الصفقات الفاشلة. وقال المرشح جيب بوش إن على واشنطن فرض عقوبات جديدة على إيران في ظل خرقها الاتفاق ملمحا للتجربة الصاروخية الباليستية الأخيرة.
واعتبر المرشح الجمهوري دونالد ترامب أن “الاتفاق عار على أميركا”، وذات الوصف اعتمده عضو الكنغرس الجمهوري بيتر روسكام، الذي قال إن هذا الاتفاق “اتفاق عار في تاريخ الولايات المتحدة، حيث قامت إدارة أوباما برفع العقوبات على ملايين الدولارات وأفرجت عن إيرانيين اتهموا بانتهاك القانونين الأميركي والدولي”. وأكد روسكام أن إيران تستطيع الآن دعم الجماعات الإرهابية بكل أريحية.
وحذر من أنه لا يمكن الثقة بطهران التي من المتوقّع أن تلتفّ على الاتفاق النووي وقرارات الأمم المتحدة والدليل على ذلك التجربة الصاروخية الباليستية التي قامت بها مؤخّرا، وإطلاقها صاروخا على الأراضي العراقية كاد أن يصيب قاعدة عسكرية أميركية هناك.
هذه المواقف السياسية والاستشارية من التقارب الأميركي الإيراني، تدفع طوني بدران، وهو زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، لـ”العرب”، إلى القول إن الاتفاق هو اتفاق آني، مشيرا إلى أنه إذا تغيّرت الإدارة الأميركية من ديمقراطية إلى جمهورية، من البديهي أن تعيد الإدارة الجديدة النظر في الاتفاق النووي. وفي هذا السياق يمكن فرض عقوبات أميركية جديدة، عبر الكونغرس، في حال رفض الأوروبيون السير مرة أخرى على الخطى الأميركية.
وأضاف بدران في تصريحاته لـ”العرب”، أن هذا الاتفاق له أبعاده السياسية الكبيرة على المنطقة حيث تم الإفراج عن مواطنين إيرانيين مطلوبين للأنتربول في قضايا تهريب السلاح إلى إيران، وأن إدارة أوباما منحازة إلى إيران وتجلّى ذلك من خلال تصريحاتها في قضية إعدام الشيخ نمر النمر وقضايا عربية مثل الملف السوري.
كنده قنبر
صحيفة العرب اللندنية