دبي – توقع محللون اقتصاديون، أن تستمر وتيرة طرح السندات الدولية في دول مجلس التعاون الخليجي في 2017 بعد إصدارات قياسية في العام الماضي.
ودفعت أسعار النفط الخام المتراجعة، دول الخليج العربي للبحث عن أدوات للدين لتغطية النفقات الجارية لها رغم تنفيذها حملات وبرامج للتقشف.
وتأتي مستويات الإصدار غير المسبوقة مع إقبال قوي من المستثمرين الدوليين نظرا لارتفاع العوائد عليها وانخفاض المخاطر مقارنة بالسندات الأوروبية.
وحتى وقت قريب، كانت دول الخليج الغنية بالنفط قادرة على تجاهل أسواق السندات العالمية، ولكنها لجأت مؤخرا إلى إصدار أدوات الدين لتغطية العجز في موازناتها الناتجة عن تدهور أسعار النفط.
وتعاني أسواق النفط الخام من تُخمة المعروض ومحدودية الطلب، وتراجع سعر البرميل بأكثر من 70 بالمئة من 120 دولارا منتصف 2014، إلى نحو 27 دولارا قبل أن يصعد إلى نطاق 56 دولارا بالمتوسط في الوقت الحالي.
وشهدت الدول الخليجية إصدارات متتالية منذ العام الماضي، وكانت سلطنة عمان آخر الدول الخليجية المصدرة للسندات الدولية، وباعت هذا الشهر ما قيمته 5 مليارات دولار ضمن خطتها للاقتراض الخارجي لعام 2017.
مايكل جريفيرتي: اللجوء لأسواق الدين يقلل الاعتماد على الاحتياطيات في سد عجز الموازنة
وعادت مسقط إلى سوق السندات الدولية في 2016 بعد غياب لنحو 20 عاما.
وكانت السلطنة قد أصدرت سندات بقيمة 2.5 مليار دولار في يونيو الماضي، في أول إصدار منذ العام 1997، تبعه إصدار سندات بقيمة 1.2 مليار دولار في سبتمبر.
وبعد الإصدارات العمانية يكون حجم إصدارات دول الخليج من السندات الدولية منذ بداية عام 2016 قد وصل إلى 46.5 مليار دولار.
وللمرة الأولى أصدرت السعودية، أولى سنداتها الدولية في أكتوبر الماضي، وجمعت رقما قياسيا بلغ 17.5 مليار دولار وجذبت اهتمام كثير من المستثمرين الدوليين في أكبر إصدار سندات لسوق ناشئة.
وأعلنت الرياض أنها تخطط للاستفادة من أسواق الدين مرة أخرى هذا العام. وتترقب الأسواق المالية المزيد من الإصدارات من السعودية.
وجمعت حكومة قطر تسعة مليارات دولار من إصدار سندات دولية في أواخر مايو في حين أصدرت حكومة أبوظبي سندات بقيمة 4 مليارات دولار على شريحتين بعد غياب دام سبعة أعوام.
واختارت حكومة البحرين مؤخرا بنوكا لإطلاق سندات دولية بقيمة 600 مليون دولار، في عملية إعادة فتح إصدار قائم مستحق في 2028، وباعت سندات بالقيمة ذاتها في فبراير 2016.
والكويت آخر دولة خليجية تتطلع إلى أسواق رأس المال الدولية، وتخطط لبيع سندات بقيمة 10 مليارات دولار خلال الأسابيع المقبلة، بهدف تمويل جانب من عجز موازنة العام المالي الحالي الذي ينتهي في مارس الجاري، ويقدّر بنحو 9.6 مليار دينار (31.5 مليار دولار).
قال فيليب جود، مدير إدارة الاستثمارات لدى “فيش” وهي شركة لإدارة الأصول مقرها الرئيسي زيورخ “إن هبوط أسعار النفط وما تبعه من انخفاض الإيرادات النفطية، ساهم في زيادة العجز في الميزانية ودفع الدول الخليجية إلى أسواق الدين العالمية”.
وأضاف “إن السندات الدولية توفر تنوعا في الأدوات التمويلية، وتحسنا في السيولة فضلا عن توسيع قاعدة المستثمرين. ما تزال سوق الديون الخليجية جيدة مقارنة بالعائدات السلبية في الأسواق النامية، وارتفاع المخاطر في السندات الأوروبية”.
طه عبدالغني: استمرار تراجع النفط فرض ضغوطا متزايدة على موازنات دول الخليج
وأشار جود إلى أنه من المتوقع أن يزداد حجم العجز في منطقة الخليج “مع استمرار ارتفاع الديون السيادية وديون الشركات، وهو الأمر الذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى مواصلة الإصدارات سواء من السندات والصكوك خلال هذا العام”.
وتوقعت وكالة موديز أن يسجل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء المنطقة، بحلول 2018، نحو 32 بالمئة مقارنة بنسبة 10 بالمئة في 2014.
لكن طه عبدالغني المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية وهي مؤسسة خاصة مقرها الدوحة، يرى إن استمرار تراجع النفط لأكثر من عامين فرض ضغوطًا متزايدة على موازنات دول الخليج، وهو ما أدى إلى لجوئها للسندات لتمويل احتياجاتها التمويلية.
وأضاف “إن أداء السندات الخليجية خصوصا على صعيد السندات السيادية، شهد تحسنا كبيرا في العام الماضي بعد إصدارات قياسية من حكومات السعودية وأبوظبي وقطر، التي أظهرت إقبالا من المستثمرين الدوليين على الديون في المنطقة. الكويت تجهز لإصدارها الأول المقترح من السندات بقيمة 10 مليارات دولار علاوة عن أن دول أخرى في المنطقة قد تكرر التجربة”.
ويقول مايكل جريفيرتي رئيس جمعية الخليج للسندات والصكوك وهي جمعية مستقلة مقرها دبي تمثّل سوق الدخل الثابت في الخليج “إن وتيرة إصدار السندات السيادية في الخليج تشهد نشاطا ملحوظا خلال الأشهر القليلة الماضية وسط إقبال كبير من المستثمرين في الأسواق العالمية”.
وأعلنت عُمان الأسبوع الماضي عن تغطية حجم إصدارها السيادي بأربعة أضعاف، وتجاوزت التغطية 20 مليار دولار، وكانت السعودية جمعت من المستثمرين الدوليين 67 مليار دولار، أي 4 أضعاف المبلغ المطلوب.
وقال جريفيرتي “إن اللجوء لأسواق الدين قد يقلل الاعتماد على الاحتياطيات في مسألة سدّ عجز الموازنة ويساعد أيضا على تمويل مشاريع البنية التحتية العملاقة”.
العرب اللندنية