في إطار تعدد جبهات الحرب المفتوحة والتي اقتربت من عقدها الرابع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني الساعي إلى الإنفصال عنها. وفي سياق هذه الحرب، حصل مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية على معلومات خاصة مفادها قيام عناصر من حزب العمال الكردستاني خلال هذا الشهر الحالي، باختطاف عنصرين من عناصر المخابرات التركية”ميت” في مدينة السليمانية الخاصهة لسيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وقد تمكنت عناصر الحزب من اجتياز جميع السيطرات الأمنية وعددها الخمسة والوصول بهذين العنصرين من المخابرات التركية إلى جبال قنديل.
وقد برر حزب العمال الكردستاني عملية الخطف هذه، بأن عناصر المخابرات التركية كانت تخطط لإغتيال “جميل بايك” الذي يعد أحد المؤسسين الخمسة لحزب العمال الكردستاني وأحد أبرز قادة الحزب، وهو أحد الأعضاء اللجنة القيادية في منظومة مجتمع الكردستاني التي تضم تحت لوائها حزب العمال الكردستاني. من جانبها اتهمت الحكومة التركية حزب الاتحاد الوطني الكردستناني الذي يتزعمه جلال طالباني بالتواطىء مع حزب العمال الكردستاني في تنفيذ عملية الخطف.
وقد بنت الحكومة التركية موقفها هذا، بناءً على معطيات واقعية -من وجهة نظرها- منها: أن الأجهزة الأمنية في السليمانية تطلق العنان لتحركات عناصر العمال الكردستاني فيها، ووجود عشرات المقرات للحزب بداخلها، فضلًا عن النفوذ الذي يتمتع به حزب العمال الكردستاني في السليمانية. ولسبب الاختطاف نشبت أزمة سياسية بين الحكومة التركية وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، تجسدت على شكل اجراءات تركية عقابية ضد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني تمثلت بالآتي:
أولًا: قيام الحكومة التركية بطرد ممثل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في أنقرة “بهروز كلالي” وعائلته من أراضيها. ويُفهم من طرد سياسي مخضرم كبهروز كلالي الذي عمل على تعزبز علاقات حزب اتحاد الوطني الكردستاني مع الحكومة التركية بأن القيادة التركية غاضبة جدا من ذلك الخطف الذي وقع في منطقة يسيطر عليها ذلك الحزب. وقال كلالي في مؤتمر صحافي لدى وصوله إلى السليمانية، -في وقت سابق- إنه قضى 17 عامًا ممثلاً لحزبه في تركيا حيث عمل على تعزيز العلاقات بينها وبين حزبه. واشار إلى أنّ الحكومة التركية قد استدعته مؤخرًا وابلغته عدم ارتياحها من وجود خلافات سياسية مع السليمانية وطلبت منه اغلاق مكتب ممثلية حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، وان يغادر هو وأفراد أسرته أراضيها.
ثانيًا: اصدرت الحكومة التركية قرارًا يمنع بموجبه أي شخص يحمل جواز سفر عراقي حتى لو كانت لديه “تأشيرة دخول” القدوم إلى تركيا عبر مطار السليمانية، مع عدم شمول المدن العراقية الأخري بذلك القرار.
لا تنظر تركيا إلى عملية الخطف على أنها عملية يمكن القبول بها أو السكوت عنها وإنما قد تدفعها التطورات بشأنها اللجوء إلى الخيار العسكري لمعالجتها فمن أجل ذلك سارعت في التنسيق مع الحكومة الإيرانية وأبلغتها بأنها حركت دباباتها ومعداتها العسكرية الثقيلة إلى حدود كردستان العراق. وفي خضم هذه الأزمة قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية “بهرام قاسمي” أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” سيزور إيران قريبًا، وسيتم الإعلان عن موعد وبرنامج الزيارة في المستقبل القريب”. وقد تتصدر قضية عناصر المخابرات التركية المختطفين من قبل حزب العمال الكردستاني جدول أعمال الرئيس التركي مع نظيره الإيراني حسن روحاني لإيجاد مخرج لحلها.
مما لا شك فيه أن عملية خطف عناصر المخابرات التركية في محافظة السليمانية الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني جعلته في موضع محرج جدًا مع الحكومة التركية، فبحسب المعلومات التي حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، فإن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من أجل احتواء الأزمة أجرى -ولايزال- يجري مفاوضات شاقة مع حزب العمال الكردستاني لإطلاق سراح عناصر المخابرات التركية، ولغاية الآن، لم يسفر عن هذه المفاوضات أي جديد، فهل سينجح حزب الاتحاد في حلها؟ فنحن والمتابعون لها بانتظار المفاجأة.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية