رفض تمرير حكومة علاوي يهدّد بقاء الحلبوسي على رأس البرلمان العراقي

رفض تمرير حكومة علاوي يهدّد بقاء الحلبوسي على رأس البرلمان العراقي

بغداد – كشفت مصادر سياسية في بغداد أن طهران شجعت حلفاءها في العراق على استغلال فرصة انقسام القوى السياسية السنية بين داعم ورافض لمنح حكومة رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي الثقة، بهدف إقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الذي يبدو أنه “تضخم أكثر مما يمكن احتماله”، على حد تعبير نائب في البرلمان.

وبرغم أن الحلبوسي هو طرف واحد، من بين أربعة أطراف أخرى تعارض علنا تمرير حكومة علاوي المنتظرة، إلا أنه نال القسط الأكبر من الانتقادات، إذ وصف بـ”الانتهازي”، و”الساعي إلى الحفاظ على مصالحه”، وذلك من خلال إصراره على حصول تحالف القوى الذي يقوده على عدد من الوزارات في الحكومة الجديدة.

وتضم قائمة المعارضين لحكومة علاوي الحزبين الكرديين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني بالقيادة المشتركة بين لاهور شيخ جنكي وبافيل طالباني، وكتلة رئيس الوزراء الأسبق إيّاد علاوي. ومع الموقف الغامض لتيار الحكمة بزعامة عمّار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، لا تتضمن قائمة الداعمين لحكومة علاوي سوى تحالف الفتح المقرّب من إيران بقيادة هادي العامري، وتحالف سائرون الذي يرعاه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، ومجموعتين من القوى السنية بقيادة أسامة النجيفي وخميس الخنجر.

وفي وقت متأخر من يوم الجمعة، عاد مقتدى الصدر من قم الإيرانية إلى النجف، لقيادة حملة ضغط من أجل تمرير حكومة علاوي، وفقا لما أفادت به مصادر مطلعة.

وقالت المصادر إن الصدر طلب من حسن الكعبي، الذي يشغل منصب نائب رئيس البرلمان، ممثلا لكتلة سائرون، الدعوة لجلسة استثنائية يوم الاثنين، بناء على إعلان رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي إكمال كابينته واستجابة لطلب رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي بألا يستمر في مهامه لما بعد المهلة الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة.

وسارع الكعبي إلى تلبية طلب الصدر، معلنا أن “مجلس النواب ملزم بعقد جلسة استثنائية يوم الاثنين المقبل لمنح الثقة للحكومة المقبلة حسب دعوة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي”، مضيفا أن هذه الدعوة جاءت “وفقا للقانون”.

لكن الساعات التي تلت هذا الإعلان كشفت عن خلافات عميقة بين الكعبي والحلبوسي، ربما تترتب عليها تداعيات، إذ نفى رئيس البرلمان تحديد موعد لجلسة التصويت على الحكومة، محذرا من “المضيّ في إجراءات مخالفة للدستور”.

وقال الحلبوسي، إن مجلس النواب لم يحدد “حتى الآن موعد الجلسة الاستثنائية”، مستبعدا “تحديد موعد الجلسة الاستثنائية قبل وصول المنهاج الوزاري وأسماء الوزراء”.

وأوضح أن “النظام الداخلي نص على أنه في حال وصول المنهاج يحيله الرئيس إلى لجنة خاصة يرأسها أحد نائبيه لإعداد تقرير يقدم إلى المجلس قبل التصويت عليه”، محذرا من “مغبة المضي في أيّ إجراءات خارجة عن الدستور والنظام الداخلي والقوانين التي نعمل بها ولاسيما فيما يتعلق بعمل مجلس النواب”.

ويرى رئيس البرلمان أن “الهدف من تشكيل أيّ حكومة هو الخروج من أزمة، ولا نرغب بالذهاب إلى حكومة قد تهدد السلم المجتمعي أو تحدث شرخا بين مكونات المجتمع”. وتابع “لن تكون هناك إجراءات أحادية الجانب”، مشيرا إلى أن “رئيس المجلس ونائبيه حرصوا منذ اللحظة الأولى على التوافق بقراراتهم، وهناك صلاحيات للرئيس، ولكنني أحرص على أن يكون التوافق رسالة نرسلها إلى جميع مكونات الشعب العراقي من رئاسة مجلس النواب تمثل كل أبناء الشعب، ولن يمر أيّ أمر خلافا لإرادة الشعب والقوانين النافذة”.

وقال الحلبوسي إنه لم يلمس “جدية من رئيس مجلس الوزراء المكلف بتحديد موعد للانتخابات المبكرة”، مشيرا إلى أن “المفوضية السابقة أجرت الانتخابات بعد تشكيلها بستة أشهر”.

ومضى قائلا إن “قانون الانتخابات سينشر في أول أسبوع بعد انتهاء عطلة مجلس النواب، وينبغي أن يكون هدف الحكومة المقبلة فرض الأمن وإعادة هيبة الدولة وإجراء الانتخابات المبكرة”.

بعد قليل، رد الكعبي على الحلبوسي قائلا إن “الدستور ألزم رئاسة مجلس النواب بتحديد موعد الجلسة الاستثنائية”، موضحا أنه “بعد طلب رئيس الوزراء (المستقيل عادل عبدالمهدي) وتوقيع أكثر من 70 نائبا لا يستطيع أحد الامتناع عن تحديد موعد للجلسة الاستثنائية”.

وحذّر من أن “من يمتنع عن تحديد موعد للجلسة الاستثنائية سيتعرّض للمساءلة القانونية”، مشيرا إلى أنه “لا يمكن تطويع الدستور للأهواء الحزبية والسياسية، فزمن العودة إلى التحاصص والمغانم انتهى”.

ووفقا للمصادر، فإن إصرار الحلبوسي على ضمان حصة ائتلافه من الوزارات يصطدم برغبة إيرانية ملحّة في تمرير حكومة علاوي، ما يضع مصير البرلمان العراقي على المحك، مشيرة إلى أن مؤشرات إقصاء الحلبوسي من منصبه تتزايد.

وقال ساسة عراقيون إن التواصل بين علاوي والحلبوسي كان متعسرا خلال اليومين الماضيين، وإن إحدى المكالمات الهاتفية بينهما، شهدت تلاسنا. ووفقا للمصادر، فإن “علاوي أخبر الحلبوسي، بأنه لا يمثل المكوّن السني في العراق، كما أن الزعماء الآخرين لا يمثلون الشيعة والكرد”، ملوحا بإمكانية الحصول على الدعم اللازم لتمرير حكومته من أطراف سنية أخرى.

ويقول مشعان الجبوري، وهو سياسي مقرب من زعيم جبهة الإنقاذ السنية بزعامة أسامة النجيفي، إن أكثر من ثلاثين نائبا سنيّا سيصوّتون لصالح حكومة علاوي عند عرضها في البرلمان.

وتقول المصادر إن ضغوطا من أطراف عديدة تسببت حتى الآن في انشقاق عشرة نواب من كتلة الحلبوسي، فيما يجري التحضير لإعلان تكتل سنيّ جديد داخل البرلمان العراقي.

وتشير المصادر إلى أن مصدر الانتقادات الرئيسية، التي طالت الحلبوسي، يتعلق بمعلومات متداولة عن صلته بعمليات عرض مناصب حكومية رفيعة على شخصيات سنيّة معينة، لقاء مبالغ طائلة، في إطار ما يعرف بـ “مزاد الوزارات”.

وبالرغم من أن العملية السياسية العراقية تورّطت في أشكال مختلفة من الفساد، إلا أن تهم بيع وشراء الوزارات والمناصب الحكومية تلاحق في العادة ساسة سنّة يلعبون على التناقضات بين القوى الشيعية لتقوية مراكزهم التفاوضية، من دون أن تطال ساسة من الشيعة والكرد.

العرب