تركيا تقطع تمويل فصائل سورية ترفض القتال في ليبيا

تركيا تقطع تمويل فصائل سورية ترفض القتال في ليبيا

أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تركيا أوقفت منذ شهرين تمويل فصيل فيلق الرحمن في سوريا بسبب رفض إرسال عناصره للقتال في ليبيا إلى جانب حكومة الوفاق وسط أنباء عن تمرد مرتزقة أردوغان على الضباط الأتراك في ليبيا، نتيجة تخلفهم عن دفع مستحقاتهم المالية.

إدلب (سوريا) – بدأت المخابرات التركية تنقل دفعات جديدة من عناصر الفصائل السورية المسلحة الموالية لأنقرة، من منطقة تل أبيض السورية باتجاه الأراضي التركية، وذلك تمهيداً لنقلهم إلى ليبيا.

ووفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن المخابرات التركية طلبت من قيادات الجيش الوطني السوري التابع لها، رفع لوائح جديدة تضم أسماء المئات من المقاتلين لإرسالهم إلى ليبيا للقتال هناك.

وبدوره أوعز الجيش الوطني لفصائله بذلك، ثمّ قدمت عدة فصائل قوائم بأسماء فاقت الـ2200 اسم حتى اللحظة، على رأسها أحرار الشرقية وجيش الشرقية والسلطان مراد وفصائل أخرى.

في مقابل ذلك نأت عدّة فصائل بنفسها عن إرسال مقاتليها، قبل أن تتحول الطلبات التركية إلى أوامر مباشرة، حيث كانت مصادر موثوقة أبلغت المرصد السوري بأن إيقاف التمويل المادي لفصيل فيلق الرحمن الذي ينحدر أغلب مقاتليه من الغوطة الشرقية ومحافظة حمص، لا يزال متواصلاً بأمر من قيادات الجيش الوطني.

وأرغمت المخابرات التركية فصيليْ أحرار الشرقية وجيش الشرقية على تقديم لائحة تضم 500 مقاتل، فيما بدأت التضييق على فصيل الجبهة الشامية لرفضه إرسال عناصر للقتال في ليبيا، وذلك عبر إيقاف الدعم المالي.

وجاء إيقاف تمويل فيلق الرحمن أيضا على خلفية طلب الجيش الوطني تقديم قائمة تضم أسماء مقاتلين لإرسالهم للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بأوامر تركية. وبعد تملص قياديي الفيلق من القائمة جاء الرد بإيقاف توزيع الرواتب منذُ نحو شهرين على فيلق الرحمن، وتخفيض المخصصات المقدمة له من طعام وذخائر.

يذكر أن هناك مقاتلين من فيلق الرحمن كانوا قد توجهوا إلى ليبيا بشكل فردي عقب تجنيدهم من قبل تركيا ونقلهم مع المرتزقة لخدمة المصالح التركية هناك.

وتحدث أحد المقاتلين عن ندم جميع المقاتلين بشأن القدوم إلى ليبيا، مشيرا إلى تورطهم بذلك، داعيا العناصر السورية الراغبة في القتال في سوريا للتراجع عن قرارها بسبب سوء الأوضاع وتخلف السلطات التركية عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار أميركي للشهر الواحد.

وأكد المقاتل أن الجميع يريد العودة إلى سوريا وأن هناك دفعات استعدت لذلك في ظل تمردهم على الضباط الأتراك وميليشيات حكومة الوفاق الليبية.

وبعد أن أخلفت تركيا بوعودها وخفضت رواتب عناصر المرتزقة السوريين، كشفت مصادر أمنية مقربة انسحاب المقاتلين السوريين في أكثر من محور قتال وحدثت مناوشات بينهم وبين الضباط الأتراك وجنود حكومة الوفاق. من جهته كشف رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن قائمة تضمّ 37 اسماً على الأقل من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية داعش، والذين باتوا الآن في ليبيا بعلم المخابرات التركية.

واعتبر في تصريحات له نشرها المرصد على منصّته الإلكترونية، أنّ تركيا تعمل اليوم على تفريغ إدلب من الجهاديين وإرسالهم إلى ليبيا ومناطق أخرى في شمال أفريقيا. وقد أدخلت منذ بداية الثورة السورية المجموعات الجهادية إلى سوريا من أجل تدمير الثورة وتحويلها من مطالبة بالحرية والكرامة إلى ثورة فصائل إسلامية متطرفة.

وتابع أنّ تركيا تجند اليوم وترسل المقاتلين السوريين عبر أراضيها ومطاري غازي عنتاب وإسطنبول إلى ليبيا، وهناك لوائح لأكثر من ألفي مقاتل من جيش الشرقية وأحرار الشرقية والسلطان مراد يستعدون للالتحاق بأكثر من 7500 عنصر باتوا في ليبيا. وأشار إلى أنّ هؤلاء ذهبوا للقتال بعد أن تمّ ترغيبهم في رواتب عالية ولكن لم يحصلوا عليها كما قيل لهم، بل تحصلوا على راتب شهري لا يتجاوز 400 دولار أميركي في أقصى الحالات.

وكشف مدير المرصد السوري عن أكثر من 200 مقاتل من هؤلاء تمّ قتلهم في ليبيا، وفي المقابل لا يزال هناك عناصر من الجيش الوطني السوري يخرجون للقتال في ليبيا ردّا لجميل عبدالحكيم بلحاج ومهدي الحاراتي اللذين بدآ يرسلان مقاتلين ليبيين إلى المُعارضة السورية منذ نهاية عام 2011.

ورأى أنّ رجب طيب أردوغان يكثف تدخله في المنطقة بدلا من الالتفات إلى وضع بلاده في ظل انتشار وباء كورونا، وهو يريد أن يحسم الأمر لصالح حكومة الوفاق في ليبيا دون الالتفات إلى المجتمع الدولي، ورغم معارضة العديد من الدول الأوروبية لمشروعه هناك.

ويواصل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر عمليته العسكرية منذ أبريل الماضي للسيطرة على العاصمة الليبية وتحريرها من المسلحين الإرهابيين الموالين لحكومة فايز لسراج. في ظل مواصلة تركيا نقل المقاتلين السوريين إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق التي تشهد اضطرابات مقابل تقدم قوات الجيش الوطني.

ورغم الدعوات المستمرة لوقف إطلاق النار في ليبيا في ظل ظهور إصابات بفايروس كورونا في بلد يعاني هشاشة بالقطاع الصحي بسبب الحرب، يواصل أردوغان الذي لا يتوقف عن تغذية الصراع بين الفرقاء الليبيين تهوره، ضاربا بذلك عرض الحائط الدعوات الدولية والإقليمية لخفض العنف في البلاد ليتسنى التفرغ لمواجهة الوباء.

ويحاول الرئيس التركي استغلال انشغال أغلب دول العالم بانتشار الوباء القاتل، لتدارك خسائره العسكرية والمادية في ليبيا وإعادة التموقع في العاصمة طرابلس وفي مدينة مصراتة بنشر المزيد من القوات والمعدات العسكرية وإرسال المزيد من المقاتلين السوريين والجنود الأتراك.

العرب