هل ما زالت القاعدة تشكل تهديدا أمنيا في القرن الأفريقي

هل ما زالت القاعدة تشكل تهديدا أمنيا في القرن الأفريقي

يرى العديد من الخبراء أن الجماعات المتطرفة التي تعلن ولاءها لتنظيم القاعدة تعمد أحيانا إلى التعاون والسعي إلى التقارب. لكن لا يوجد في أفريقيا خط إرهاب موحد بالنسبة إليها في عمق القارة. ومع ذلك تتبادر إلى أذهان المحللين فكرة تلتقي كل تفصيلاتها حول ما إذا كانت القاعدة لا تزال تشكل تهديدا أمنيا في القرن الأفريقي على وجه التحديد.

أديس أبابا- لم يخرج بيان السفارة الأميركية في إثيوبيا بأن الولايات المتحدّة قدّمت دعما عسكريا إلى أديس أبابا لاستخدامه في عملياتها ضد حركة الشباب الصومالية المتشددة عن القناعة السائدة حول فشل استراتيجية واشنطن في مكافحة الإرهاب عندما يتعلق الأمر بالقرن الأفريقي.

وبعد قرابة عقدين من الهجمات الإرهابية، التي شنها عناصر من القاعدة على مبنيي التجارة العالمية في مانهاتن يوم 11 سبتمبر 2001 يظهر قليل من الإجماع بين المحللين والمسؤولين العسكرين وحتى الباحثين حول نشاط التنظيمات الإسلامية المتطرفة أن نشاط القاعدة في تلك البقعة من العالم لا يزال تشكل تهديدا على الأمن القومي الأميركي.

ويساهم الدّعم العسكري المباشر الذي تقدمه الولايات المتحدة لدول القرن الأفريقي في تطوير مجالاتها الأمنية والاقتصادية وحربها على الإرهاب، ولكن الثغرات، التي يفترض أن يتم العمل عليها للحد من نشاط حركة الشباب الصومالية ذراع القاعدة في القرن الأفريقي تحتاج إلى مراجعات عميقة.

ويحذر متابعون من أن سياسة الولايات المتحدة في منطقة القرن الافريقي، لم تؤد إلى القضاء على الجماعات والتطرف، في ظل دعم تركيا وقطر لتلك الكيانات.

وذكرت السفارة الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قدمت مساعدات عسكرية أميركية لإثيوبيا بقيمة 2.9 مليون دولار في شكل سيارات إسعاف وحافلات نقل المؤن والجنود وغير ذلك من عتاد عسكري لمكافحة حركة الشباب في الصومال والقرن الأفريقي.

ويبدو أن الجيش الأميركي، الذي أقام قبل سنوات في ألمانيا قيادة أفريكوم ثم قرر نقلها إلى مكان آخر، مكلفة بالإشراف على المنطقة وإرسال قوات خاصة إلى أماكن معينة وتدريب جيوش البلدان الحليفة على مكافحة الإرهاب، أكثر قلقا اليوم أكثر من أي وقت سابق.

وفي العادة تهدف الولايات المتحدة من خلال هذا الدعم إلى رفع قدرات قوات الدفاع لبلدان المنطقة، التي يعمل جزء منها ضمن قوات البعثة الأفريقية في الصومال وترتدون شاراتها، كما أن هناك عددا آخر من القوات مثل القوات الإثيوبية ليس واضحا دوره في الصومال وما إذا كان يأتمر بإمرة وزارة الدفاع.

ويرى خبراء عسكريون أن الدعم الأميركي الجديد لإثيوبيا، ليس بالأمر الجديد، حيث كانت الإدارات المتعاقبة منذ جورج بوش تقدّم دعما مباشرا وغير مباشر لدول جوار الصومال وخاصة إثيوبيا التي تدخلت في 2006 بقواتها إلى العاصمة مقديشو بدعوى مساندة الحكومة الفيدرالية الانتقالية الصومالية المنبثقة عن مؤتمر إمبكاتي في كينيا عام 2004، والتي خاضت حربا ضدّ المحاكم الإسلامية الصومالية.

وتشكل الجماعات المتشددة في القرن الأفريقي وعلى رأسها حركة الشباب الصومالية أحد أبرز فروع القاعدة، أزمة كبيرة أمام الولايات المتحدة في جهودها لمكافحة الإرهاب بعد أن شهدت الأشهر الاخيرة حالة من الاستنفار لأنشطة هذه الجماعة.

وتشير بعض التقارير الغربية إلى أن فرع القاعدة في القرن الأفريقي كثّف من عملياته خلال أغسطس الماضي، حيث نفذت أكثر من 35 عملية في الصومال فقط. وهذا المؤشر يعطي تلميحات واضحة بأن استراتيجية مكافحة هذه الجماعة لم تؤت أوكلها حتى اليوم.

وفي ظل الانتقادات الموجهة للولايات المتحدة لقصور استراتيجيتها الأمنية في الصومال مع إنفاق نحو 3.5 مليار دولار خلال العقدين الماضيين، من أجل إعادة الاستقرار في الدولة الأفريقية الأهم على المحيط الهندي، لا يتوقع محللون أن تعمل واشنطن على تغيير أجندتها فهناك ملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها في مناطق أخرى من العالم، وأولها الشرق الأوسط.

وقد استمات المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنتون سيميلروث في الدفاع عن خطط بلاده حينما نقلت وسائل إعلام محلية عنه تأكيده أن “استراتيجيتنا لم تفشل، بل أدى العمل العسكري الذي نقوم به إلى وقف وتعطيل طموحات حركة الشباب”.

حركة الشباب الصومالية طورت من طرق مقاومتها للجهود العسكرية في المنطقة ما جعلها على قيد الحياة حتى الآن

ولم تتأثر حركة الشباب بكل العمليات العسكرية التي تشنها قوى التحالف هناك ضدها، بل على العكس فإنها تقوم بالتوسع في الصومال خاصة في مناطق محافظة شبيلي الوسطى جنوب البلاد، وقد أكدت وكالة الاستخبارات الأميركية أن فرع القاعدة يريد أن يقيم إمارة في جنوب البلاد، والتي تعتبر أهم معقل له في البلد.

ولا يقف طموحها إلى ذلك الحد، فأعضاء الجماعة، التي كانت ذراعا عسكريا لاتحاد المحاكم الإسلامية حيث سيطرت على مقديشو وكانت تهدف إلى فرض الشريعة خلال العقدين الماضيين، يسعون إلى السيطرة على أغلب الأراضي الصومالية.

ومع إضعاف ومطاردة قادة تنظيم القاعدة المركزي في السنوات الماضية باتت الحركة الصومالية تبحث في الصحراء وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عن شراكات تسمح لها بتجميع قواها واستعادة ديناميتها وهو مع تحقق لها على ما يبدو مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وما يعزز تلك الفرضية ما أكده نائب مدير وكالة الاستخبارات والأمن القومي الصومالي الأسبق عبدالله عبدالله قبل فترة من أن الإرهابيين تمكنوا من اختراق الوكالة وأجهزة الأمن بشكل عام.

العرب