رمى المرشح الجمهوري دونالد ترامب بكل ثقله قبل أسبوع من موعد توجه الأميركيين إلى صناديق الاقتراع وبدأ في تنفيذ استراتيجيته لاستمالة الناخبين عبر الترويج إلى أنه قادر على إنعاش الاقتصاد بعد انتهاء المرحلة المفصلية من السباق نحو البيت الأبيض، بغية ترويض منافسه الديمقراطي جو بايدن، الذي يشكّك في سياسة مواجهة أزمة الوباء.
واشنطن – يتبدل مزاج الناخب الأميركي مع تغير منسوب معركة الوعود التي يطلقها المرشحان الجمهوري دونالد ترامب وخصمه الديمقراطي جوب بايدن خلال حملتيهما الانتخابية للظفر بأعلى نسبة من الأصوات قبل يوم الاقتراع، في سباق يبدو شاقا لكل من المتنافسيْن نحو البيت الأبيض.
وتتجه أنظار هؤلاء إلى الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الثالث من الشهر المقبل، حيث يرى بعض المراقبين أنها غامضة حتى الآن، حيث لا يعرف من سيحظى بنسبة الأصوات الأكبر، وقد تشهد الولايات المتحدة نفس سيناريو الانتخابات السابقة، حين كانت هيلاري كلينتون تتقدم السباق أمام ترامب.
ولكن معركة الوعود تبدّلت قليلا هذه المرة بدخول ضيف جديد في السباق، فأكثر الأمور التي ركز عليها المرشحان هي كيفية إنعاش الاقتصاد والتصدي لمخاطر انتشار وباء فايروس كورونا المستجد، الذي يرى فريق حملة بايدن أن سياسة إدارة ترامب لم تكن ناجعة.
وقبل أسبوع من الاستحقاق الرئاسي، وضع ترامب وبايدن استراتيجيتين مختلفتين جذريا لإخراج البلاد من الأزمة الصحية مع مواصلة الأول التقليل من خطورة الجائحة التي تتسارع وتيرتها في الولايات المتحدة كما هو الحال في أوروبا.
وأمام تجمّع للمئات من مناصريه في ميشيغن، الولاية التي منحته الفوز في انتخابات 2016، قال ترامب “عليكم الاختيار بين مشروعنا لقتل الفايروس، ومشروع بايدن لقتل الحلم الأميركي، لأنه يريد أن يفرض إغلاقا جديدا وهذه الانتخابات هي خيار بين انتعاش خارق بقيادة ترامب وكساد بقيادة بايدن”.
وفي وقت أدلى فيه قرابة 70 مليونا من أصل أكثر من 230 مليون ناخب أميركي بأصواتهم، أي الثلث بالاقتراع حضوريا والثلثان عبر البريد، وفقا لبيانات جمعها مشروع الانتخابات الأميركي بجامعة فلوريدا. ويمثل هذا العدد رقما قياسيا يتجاوز نصف العدد الإجمالي لمن أدلوا بأصواتهم في انتخابات 2016، يداهم الوقت مساعي ترامب لقلب مسار الأمور.
ومن واشنطن إلى لاس فيغاس مرورا بميشيغن وويسكونسن ونيبراسكا، يواصل ترامب تنظيم أكبر عدد ممكن من التجمّعات الانتخابية. وفي المقابل اكتفى خصمه الديمقراطي بزيارة ولاية جورجيا في الجنوب المحافظ، حيث لم يكن أحد حتى الأمس القريب، يتصوّر أن ترامب يمكن أن يُهزم.
وتوضح استطلاعات الرأي أن الأميركيين يثقون في بايدن أكثر مما يثقون في ترامب في احتواء الفايروس. ورصدت السلطات في الأيام الأخيرة أعدادا قياسية من المصابين بالوباء، مما أتاح للمرشح الديمقراطي الفرصة لتذكير الناخبين بسوء تصرف الإدارة الأميركية في الجائحة.
ومن خلال لعب بايدن على وتر الصحة العامة بقوله “يمكننا السيطرة على الفايروس وسنفعل ذلك”، استغل تصريحا أطلقه كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز في نهاية الأسبوع الماضي قال فيه “لن نسيطر على الجائحة، سنسيطر على واقع تلقي اللقاحات”.
وفي خطاب ألقاه في الهواء الطلق لعشرين دقيقة أمام عدد قليل من الحاضرين الذين تقيّدوا بقواعد التباعد المادي، قال بايدن “إذا منحتموني شرف أن أكون رئيسكم استعدوا لتغيير في الأولويات لأننا سنتحرك من اليوم الأول لولايتي الرئاسية لاستعادة السيطرة على وباء كوفيد – 19”.
ويعوّل المرشح الديمقراطي ليس فقط على دعم الناخبين، بل على تحركات الرئيس السابق باراك أوباما، والذي عاد بقوة إلى المنابر في الأسبوع الأخير قبل الاقتراع ليهاجم مجددا الثلاثاء الماضي ترامب خلال تجمع جديد في أورلاندو بفلوريدا كان المشاركون فيه داخل سياراتهم، مؤكدا أنه يفتقر إلى الكفاءة، وقال “يدعي هذا الرئيس بأن لديه كل الفضل في اقتصاد ورثه ويرفض أي مسؤولية عن جائحة تجاهلها”.
وحذر أوباما من تكرار ما حصل في انتخابات 2016 عندما هزمت هيلاري كلينتون على الرغم من أن استطلاعات الرأي كانت تفيد بتصدّرها نوايا التصويت، أمام خصمها في مفاجأة مدوية. وقال “المرة الأخيرة نمنا على أمجادنا. وكان الناخبون كسالى ظنا منهم أن المعركة حسمت لصالحنا وأنظروا ما حصل”.
لكن الملياردير الجمهوري حقق الاثنين الماضي، انتصارا سياسيا لا جدال فيه، مع تثبيت مجلس الشيوخ القاضية المحافظة إيمي كوني باريت التي اختارها لعضوية المحكمة العليا، في المنصب.
والمحكمة العليا هي أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة، ولها الكلمة الفصل في القضايا الاجتماعية الكبرى وأيضا في المنازعات الانتخابية، وهو ما يثير المخاوف من إمكانية استغلالها من قبل ترامب الذي يطرح من دون أي دليل، فرضية حصول عمليات غش على نطاق واسع في الاقتراع، خصوصا مع الإقبال الكبير على التصويت عبر البريد.
وقد يعيد الأسبوع الأخير للحملة الانتخابية إلى الواجهة قضايا تجييش الشارع الأميركي على غرار عنف الشرطة والعنصرية، التي أطلقت شرارة تحرّكات احتجاجية حاشدة على خلفية مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد على يد شرطي أبيض في أواخر مايو الماضي في مينيابوليس.
العرب