يعتقد الكثير من المتابعين أن الانتخابات الرئاسية لهذا العام تشكل معركة مفصلية بشأن تحقيق طموحات الولايات المتحدة بغض النظر عمن هو الفائز في السباق، وذلك بالنظر إلى مدى الانقسام بين شرائح واسعة من المجتمع الأميركي كانت تنظر إلى مثل هذه الاستحقاقات على أنها أداة لتوحيد أقوى بلد في العالم.
واشنطن – لا يمكن إلا لعدد قليل من الأشخاص أن يقولوا بيقين حقيقي ما إذا كان سيتم انتخاب الرئيس الحالي دونالد ترامب لولاية ثانية أو سيخسر بفارق ضئيل من الأصوات أمام نائب الرئيس السابق جون بايدن، أو سيمنى بهزيمة منكرة، حيث يتجه الناخبون، الجدد والقدامى، بأرقام قياسية إلى إبعاده عن البيت الأبيض.
ومن المرجّح أن يجد الأميركيون الذين يتوقون إلى رؤية بلدهم في حالة وصفها الرئيس الأسبق وارن جي. هاردينغ بالعودة إلى “الحالة الطبيعية والسوية” بعد صدمة حرب عالمية وجائحة قبل أكثر من مئة عام، أن كل ما يعرّفه المرء في الحالة الطبيعية لن يتحقق قريبا بعد انتخابات هذا العام.
ويقول المحلل الأميركي ديفيد كين إن الحقيقة الماثلة أمام الجميع هي أن البلاد اليوم منقسمة على نحو متساوٍ وعميق، مثلما كانت قبل أربع سنوات، ويبدو أن هذا الوضع لن يتغير بصرف النظر عن الحزب الذي سوف يبزغ نجمه اليوم الثلاثاء، أو عندما يؤكد فرز الأصوات في النهاية أنه الفائز.
وعلى النقيض تماما، سوف يشعر الخاسرون بأن الناخبين خذلوهم وتعرضوا إلى معاملة غير عادلة وسوف يدفعون بالقول إن الفائزين كذبوا وسرقوا انتخابات ما كان يجب أن يفوزوا بها. ففي الماضي، كان يُنظر إلى الانتخابات العامة بوصفها وسيلة لتوحيد البلاد، ولكن من المرجح أن تفعل هذه الانتخابات العكس.
وكل هذا الاضطراب هو انعكاس للانقسام الحزبي والأيديولوجي الكبير خلال العقد الماضي أو نحو ذلك، ويتحدث مسؤولو الحزبين الديمقراطي والجمهوري عن اختلافات حقيقية للغاية في الطريقة التي سوف يحكمون بها البلاد.
وولت الأيام التي كان يقال فيها إن “لا شيء يستحق الخلاف بين الحزبين”، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه من غير المرجح احتمال حدوث أي مصالحة على المدى القصير حتى، وفي حالة ظهور توافق جديد فمن الصعب أن تسفر عنه حملات تتفادى أي مناقشات حقيقية من أجل شن هجمات شخصية.
والحقائق الماثلة هي أن اليسار المتشدد يستعد بالفعل بشكل علني لنقل مطالبه إلى الشارع بغض النظر عن الفائز، ليواصل هجماته على دونالد ترامب أو إرغام جو بايدن وآخرين على الرضوخ لإرادته.
وحتى الآن، كانت استطلاعات الرأي هي التي تعطي انطباعا عمن هو الفائز، فالمرشح الديمقراطي جو بايدن لا يزال يحرز تقدما بشكل كبير ولكنه يتضاءل، وعندما يتم فرز الأصوات بشكل نهائي فإن نتيجة الانتخابات، مثل نظيرتها عام 2016، ربما تتوقف على عدد قليل من الأصوات في عدد صغير من الولايات، أو ربما لا يحدث ذلك.
ويعتقد كين، عضو مجلس مركز ناشيونال إنتريست، أن الحقيقة هي أنه لا يمكن لأحد أن يكون متأكدا مما إذا كان يمكن التعويل كثيرا على استطلاعات الرأي هذا العام وليس السبب هو أن القائمين عليها “يكذبون” حسبما يقول بعض مؤيدي ترامب، ولكن لأن من المستحيل فعليا التكهن إلى الحد الذي يقترب من درجة اليقين بشأن من سوف يصوت وما إذا كانت المشاركة الديموغرافية التاريخية أو أنماط التصويت تعني الكثير في الأوقات الاستثنائية.
وتشير التقديرات إلى أن هذه الانتخابات سوف تشهد إقبالا لا نظير له منذ عام 1908. وفي السنوات الأخيرة واجه القائمون على استطلاعات الرأي المزيد من الصعوبات في عملهم للتوصل إلى نتائج موثوق بها.
ويرجع سبب المشاكل التي واجهوها إلى عدم القدرة على جمع عيّنة تمثيلية دقيقة عندما يتمكن الأشخاص من الاحتفاظ بنفس رقم الهاتف عندما ينتقلون من موقع إلى آخر، وللزيادة الكبيرة في عدد الأشخاص الذين يرفضون ببساطة الإجابة على أسئلة يطرحها قائم باستطلاع رأي.
وثم هناك بعض الناخبين الذين يشير إليهم المتخصصون في العلوم السياسية على أنهم “خجولون” وهم الناخبون الذين لا يعترفون علانية بدعم مرشح أو قضية لا تعتبرها شخصيات النخبة، التي تبت في مثل هذه الأمور، صحيحة من الناحية السياسية.
وأخيرا، هناك الحقيقة التي مفادها أن العينات التي تم جمعها من قوائم الناخبين لا تشمل ناخبين “جدد” أو ناخبين لأول مرة في عام يشهد إقبالا متزايدا.
وهذا الأمر صحيح بالنسبة إلى السباقات الانتخابية الخاصة بمجلس الشيوخ التي ستحدد السيطرة على المجلس، كما أنه صحيح بنفس القدر بالنسبة إلى السباق الرئاسي. وقبل أسبوعين، بدا من المحتمل فوز المنافسين الديمقراطيين في سباقات في آيوا ونورث كارولينا وأريزونا.
وربما لا يزال بإمكانهم الفوز بهذه الولايات لكن جميعهم الآن في إطار هامش الخطأ، وهي درجة الخطأ في النتائج المستقاة من استطلاع آراء العينة العشوائية، ويتجنّب أولئك الذين طرحوا هذه التنبؤات المبكرة الكشف عن آرائهم.
العرب