العراقيون يترقبون تحقيق وعد الكاظمي بكشف حقائق الفساد الكبرى

العراقيون يترقبون تحقيق وعد الكاظمي بكشف حقائق الفساد الكبرى

بغداد – تعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بأن يكون 2021 “عام كشف الحقائق الكبرى الخاصة بالفساد”.

وقال الكاظمي في حديث مراجعة بشأن أحداث العام المنقضي وخطط العام الجديد إن “العراق لم يشهد أي تنمية، بل تم تدمير صناعته وزراعته وتعليمه ونظامه الصحي، خلال العقود الأخيرة”، مشيرا إلى أن “الاقتصاد العراقي أصبح رهنا لأسعار النفط، في أجواء اقتصادية هزيلة مع تفشي الوباء، والفساد كان قد أكل الأخضر واليابس”.

وتابع “أسسنا لجنة مكافحة الفساد والجرائم الاستثنائية، ولأول مرة تجد رؤوس كبيرة نفسها في السجن لا يحميها حزب ولا متنفذون، ومستمرون في ذلك، وسيكون عام 2021 عام كشف الحقائق الكبرى الخاصة بالفساد الذي أثّر في الاقتصاد والتنمية”.

وشكل الكاظمي لجنة خاصة برئاسة ضابط كبير، لتتبع موظفين فاسدين واعتقالهم. وحاولت اللجنة أن تعمل خارج القيود الروتينية المعروفة، التي تتيح للمتهمين تسوية أوضاعهم قبل القبض عليهم.

وتقول مصادر مطلعة إن مكتب الكاظمي أعد معتقلا خاصا في مطار بغداد، لاستكمال التحقيقات مع مسؤولين ألقي القبض عليهم لتورطهم في قضايا فساد، من بينهم شاكر الزاملي رئيس هيئة استثمار بغداد، وأحمد الساعدي مدير دائرة التقاعد العامة، وغيرهما.

ومضى الكاظمي يقول “تأثر شعبنا كثيرا بالأزمة المالية، مثلما تأثر العالم بالأزمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، ولكن وقعها على العراق كان أصعب.. وللأسف الحكومات السابقة لم تخطط لمثل هذه الأزمات”.

333 مسؤولا متهمًا بقضايا فساد، بينهم عشرون بدرجة وزير سابق، أحيلوا إلى المحاكم

وأكد عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي النائب جمال المحمداوي أن “333 مسؤولا متّهما بقضايا فساد، بينهم عشرون بدرجة وزير (سابق)، أحيلوا إلى المحاكم”.

ويحمل حديث المحمداوي إشارة تتضمن الكثير من المعاني في ملف الفساد ومحاربته في العراق، وهي أن الملاحقات في العادة تطال مسؤولين سابقين هربوا فعلا إلى خارج البلاد، بعدما رتبوا أوضاعهم ونقلوا أموالهم إلى دول أخرى، وتحولوا إلى أثرياء، ما يجعل من أوامر القبض الصادرة ضدهم نكتة.

ويحتوي الهيكل الإداري للدولة العراقية على مؤسستين رسميتين لمكافحة الفساد، هما ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة. ويفترض أن المؤسستين مستقلتان، لكنهما في الحقيقة تخضعان للحكومة.

وكانت هناك مؤسسة ثالثة، هي دائرة المفتش العام في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، لكنها ألغيت مؤخرا، بعدما تحول المفتش الذي يفترض أن يراقب الوزير إلى حارس له ومدافع عنه.

تضاف إلى جميع هذه الهيئات لجنة في البرلمان مختصة بـ”النزاهة”، عادة ما يتهم بعض أعضائها بالابتزاز. ولم تنجح هذه الأجهزة في وضع حد للفساد، الذي يقر الكاظمي بأنه أكل الأخضر واليابس، وقطع الطريق على التنمية ومنع نهوض البلاد.

ويرى كثيرون في العراق أن انشغال أجهزة الرقابة بملاحقة الموظفين غير الحزبيين أو المنتمين إلى أحزاب ضعيفة أو لا تشارك في السلطة، هو مجرد عملية تخدير للعراقيين، الذين أصبح الحديث عن مكافحة الفساد يستفزهم كثيرا، ويدفعهم إلى مهاجمة أصحابه علنا، إذا كان ذلك ممكنًا.

وعلى سبيل المثال، كلما تحدث الكاظمي عن الفساد تعرض إلى هجمة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن حديث زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي عن الملف نفسه، سيبقى بعيدا عن النقد من قبل المدونين المعروفين أو الذين ينشرون بأسمائهم الشخصية أو يقيمون داخل البلاد، لأنهم قد يُقتلون بسبب ذلك.

وتتجسد المفارقة في حديث وزير الثقافة العراقي حسن ناظم عن إحالة مسؤولين في وزارته إلى التحقيق، بالرغم من أن ليث الخزعلي، شقيق قيس الخزعلي، استخدم نفوذ ميليشيا العصائب للهيمنة على معظم مخصصات وزارة الثقافة في الحكومة السابقة، ولا يزال يسيطر على جزء منها في الحكومة الحالية.

ويشير حديث الوزير ناظم عن الموظفين لا عن ليث الخزعلي إلى حقيقة الجهات التي تمنع محاربة الفساد، وهي الميليشيات الشيعية التابعة لإيران.

وتكشف معلومات غير رسمية عن سيطرة هذه الميليشيات على أجزاء واسعة من قطاعات مختلفة تتصل بعمل الدولة، مثل المقاولات الإنشائية والنقل البحري والبري والجوي واستيراد الأدوية وتهريب النفط. وتدر هذه القطاعات ملايين الدولارات على الميليشيات الإيرانية في العراق شهريا، تمكنها من تغطية نفقاتها الهائلة.

ويقول العديد من الساسة إن الحكومة العراقية تدرك أن محاربة الفساد تبدأ من قطع أذرع إيران في العراق، وهذا قد يتطلب اعتقال نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون وهادي العامري زعيم منظمة بدر وفالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي وقيس الخزعلي، وغيرهم من رجال طهران في بغداد.

العرب