هانينا، أيها الرئيس أوباما. وضعتم نصب عينيكم كسب موافقة الكونغرس الأمريكي على الاتفاق النووي مع إيران – أو على نحو أدق تجنب رفضه – وقد أتممتم هذه المهمة بدقة بالغة. لقد أنجزتم العمل ببراعة.
ومع أن عتبة النصر كانت دائماً منخفضة – أي فقط ثلث أعضاء إما مجلس النواب أو مجلس الشيوخ في الكونغرس – إلّا أنكم لم تجازفون إطلاقاً. قررتم في مرحلة مبكِّرة أن أضمن طريق للفوز في التصويت هو الحفاظ على ولاء القاعدة الديمقراطية، حتى لو أدى ذلك إلى تمرير الاتفاق [النووي] بأقلية في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ – وهو الاتفاق الذي وصفتموه على أنه أهم القرارات في السياسة الخارجية منذ عقد من الزمن. وفي المقابل، تجدر الإشارة إلى أنه جرت الموافقة على معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية مع الاتحاد السوفياتي، التي تستشهدون بها كمثال سابق عن «الدبلوماسية مع الشيطان»، بأغلبية تفوق الثلثين في مجلس الشيوخ؛ حتى إن قرار شنّ الحرب على العراق الذي تعرض إلى انتقادات كبيرة حظي بموافقة الأغلبية.
سوف ينتقل الجدل حول إيران إلى مرحلته الثانية عمّا قريب، إذ سيبدأ المشرعون بتقديم طروحات لسد الثغرات في الاتفاق ولتعزيز عوامل الردع بشكل أوسع ضد إيران. والسؤال المحوري هو: هل ستتوفر أغلبية تشريعية لصالح الأفكار العقلانية التي تمكنتم حتى الآن من تجنبها في مساعيكم الهادفة للحصول على موافقة الكونغرس على الاتفاق؟
لا نعني بذلك اقتراحات زيادة الدعم العسكري لإسرائيل ولدول الخليج التي تهددها المغامرات الإيرانية، فهذه الاقتراحات ستمر بأغلبية ساحقة وستوقعونها بملئ إرادتكم. لكن المقصود بالأفكار العقلانية هو الاقتراحات التي تطالبكم بإطلاع قادة الكونغرس على تفاصيل التفاهمات التي يدّعي المسؤولون المقربون منكم بأنهم توصلوا إليها مع الشركاء الأوروبيين حول طريقة معاقبة إيران إذا أخلّت بالاتفاق بأي شكل من الأشكال، وتحديد عقوبات جديدة لردع إيران عن إرسال الأموال التي ستجنيها من جراء رفع العقوبات إلى الجماعات الإرهابية، وتزويد إسرائيل بالقنبلة المخترقة للتحصينات «جي بي يو 57»، واتباع سياسة أمريكية رسمية تلتزم باستخدام «جميع الوسائل اللازمة» لمنع إيران، الآن أو في المستقبل، من تجميع اليورانيوم المخصّب بدرجات عالية والذي لا يهدف إلا إلى صنع سلاح نووي.
من شأن هذه التعديلات أن تسد بعض من أبرز الثغرات في الاتفاق النووي الإيراني، كما يمكن تطبيقها من دون معاودة التفاوض حول الاتفاق. ولكن يعتمد نجاح هذه التعديلات أو فشلها على مسألتين.
المسألة الأولى خارجة عن سيطرتكم، وهي تتمثل بالآتي: «هل سيبقى الجمهوريون مصرّين على عرقلة الاقتراحات القابلة للتنفيذ؟» لا تشير الأحداث الأخيرة في مجلس النواب إلى توقعات إيجابية لهذا الأمر.
ولكن المسألة الثانية متروكة لكم: «هل ستأمرون حلفاءكم في الكونغرس بمعارضة التعديلات العقلانية، تماماً كما رفضتم كل حديث عن “اتفاق أفضل” خلال الشهرين الماضيين؟»
لقد ربحتم المعركة الكبرى، السيد الرئيس. والآن، يأمل الأمريكيون من الطيفين السياسيين في البلاد أن تقرّوا بأن الوقت قد حان للتشمير عن ساعديكم وإصلاح العيوب التي تشوب الاتفاق.
روبرت ساتلوف
معهد واشنطن