جدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عزم حكومته المضي قدما في محاربة الفساد الذي أضر باقتصاد البلد وكلفه خسائر كبيرة، حيث تصطدم هذه الحملة بضغوط شبكات نافذة تنتعش من استفحال الفساد.
بغداد – أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن حكومته ماضية في خطوات محاربة الفساد رغم الضغوط الكبيرة التي تعيق هذا الملف.
وشدد الكاظمي خلال اجتماعه بسفراء دول مجموعة الاتصال الاقتصادي الداعمة للعراق على أهمية الإجراءات الحكومية في معالجة المشاكل المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي وارتباطها بالفساد وسوء الإدارة.
جاء ذلك خلال استقباله سفراء دول مجموعة الاتصال الاقتصادي الداعمة للعراق، التي تترأسها ألمانيا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى البنك الدولي.
وذكر بيان صادر عن مكتب الكاظمي أن الأخير استعرض خلال اللقاء آخر التطورات المتعلقة بالخطوات الحكومية في مجال الإصلاح الاقتصادي.
وشدد الكاظمي على “أهمية الإجراءات الحكومية بمعالجة المشاكل المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، وارتباطها بالفساد وسوء الإدارة”.
وقال إن “خطة حكومته الاقتصادية تحمل رؤية مستقبلية نحو بناء اقتصاد عراقي متطور ينشط فيه الإنتاج المحلي في القطاعات الصناعية والزراعية وغيرها، ويوفر فرص العمل ويستثمر طاقات العراق البشرية والمادية بالوجه الأمثل”.
كما أكد “مضي الحكومة في خطوات محاربة الفساد على الرغم من الضغوط الكبيرة التي تعيق هذا الملف نتيجة تضرر مصالح من بقي يعتاش على موارد الدولة بشكل غير شرعي لسنوات طويلة”.
وفي أغسطس الماضي شكل الكاظمي لجنة خاصة للتحقيق في ملفات الفساد الكبرى، وأوكل مهام تنفيذ أوامر الاعتقالات إلى قوة خاصة برئاسة الوزراء.
وأشاد سفراء دول مجموعة الاتصال الاقتصادي “بأهمية الخطوات التي تتخذها الحكومة لتنفيذ الإصلاح”، معربين عن “استعدادهم للعمل وفق الأولويات التي يحددها العراق لدعم مسيرة الإصلاح وجهود مكافحة الفساد”.
والخميس أعلنت هيئة النزاهة المعنية بمحاربة الفساد في العراق، في بيان، أنها “عملت على 13 ألفا و482 قضية جزائية خاصة بمكافحة الفساد خلال 2020، بلغ عدد المتهمين فيها 8 آلاف و891، وُجهَت إليهم 12 ألفا و7 اتهامات، بينهم 63 وزيرا ومن بدرجته”.
وأشارت الهيئة إلى “صدور 639 حكما بالإدانة شملت 854 متهما، من بينها 4 أحكام إدانة بحق 4 وزراء ومن هم بدرجتهم”.
وتعد محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة يشهدها العراق منذ أكتوبر 2019.
ووفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية، يعد العراق من بين أكثر دول العالم التي تشهد فسادا.
وفي أكتوبر 2020 جرى الإعلان في لندن عن تأسيس “مجموعة الاتصال الاقتصادي الداعمة للعراق”، وتضم الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا، إضافة إلى صندوق النقد والبنك الدوليين، بجانب وزارة المالية والبنك المركزي واللجنة المالية النيابية من الجانب العراقي.
وتهدف المجموعة إلى تحفيز الدعم الدولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي “العاجل” للعراق، ويستمر لمدة 3 سنوات، بكلفة 6 ملايين جنيه إسترليني.
ويواجه العراق انتشارا كبيرا للفساد حيث أكدت لجنة النزاهة النيابية في يناير الماضي أن حجم الأموال المهربة خارج العراق تقدر بـ350 تريليون دينار (239.7 مليار دولار) وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، مشددة على وجود ضغوط سياسية لعرقلة مكافحة الفساد.
وقال عضو اللجنة طه الدفاعي إن “الأموال التي تم تهريبها خارج العراق خلال الأعوام الماضية بحدود 350 تريليون دينار وجميعها من خلال إيصالات وهمية”.
وأضاف أن الكثير من العمولات دفعت إلى بعض المسؤولين لغرض تسهيل عمليات التهريب.
وفي وقت سابق من العام الماضي قدر عضو اللجنة المالية في البرلمان سابقا رحيم الدراجي قيمة الأموال المنهوبة في العراق بنحو 450 مليار دولار.
وتتوزع تلك الأموال ما بين حقبتين في تاريخ العراق، الأولى ما قبل 2003 والأخرى الفترة التي تليها.
ويشهد العراق عجزا ماليا بموازنة 2021 بقيمة 58 تريليون دينار عراقي (43.9 مليار دولار)، أي 38.6 في المئة من إجمالي الموازنة البالغة 102 مليار دولار.
ويتذيل مؤشر مدركات الفساد حيث حصل على 18 نقطة من أصل 100 في التقرير العالمي الذي يرصد 180 اقتصادا حول العالم.
ويرى خبراء أن الفساد المستشري في هذا البلد الغني بالنفط يعود أساسا إلى سياسة المحاصصة السياسية والطائفية التي ساهمت في تعميق الأزمة المالية والاقتصادية.
العرب