المفاوضات النووية الامريكية الايرانية دخلت مرحلة الحسم.. والانهيار غير مستبعد.. فما هي الاحتمالات المترتبة على ذلك؟ وهل العودة للخيار العسكري واردة؟
يلتقط العالم انفاسه مع اقتراب يوم الاثنين المقبل الموعد النهائي للتوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني بين طهران والدول الست العظمى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.
حالة التوتر تخيم حاليا على المفاوضات التي بدأت بين الطرفين، في جولتها الاخيرة، يوم الثلاثاء الماضي في فيينا، والسبب تمسك كل طرف بموقفه، ولم ينجح اجتماع استمر لمدة ساعتين في العاصمة النمساوية بين جون كيري وزير الخارجية الامريكي ونظيره الايراني في اشاعة اي تفاؤل بقرب الحل، لكن مغادرة السيد محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني الى طهران للتشاور مع قيادته اعطى بعض الامل وان كان املا ضعيفا.
حتى يتم التوصل الى اتفاق نهائي، وفي الموعد المحدد، لا بد من اقدام الطرفين على تقديم تنازلات جذرية، تؤدي الى ضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني، ورفع الحصار الاقتصادي الخانق مع ايران في المقابل.
الدول الكبرى، والغربية منها على وجه التحديد، تريد ان تتخلى ايران كليا عن طموحاتها غير المعلنة في امتلاك اسلحة نووية، او تأجيل تطبيق هذه الطموحات على ارض الواقع لاطول فترة ممكنة، ولهذا تطالب بتخفيض وحدات الطرد المركزي التي يمكن ان تنتج البولوتونيوم من اليورانيوم المخصب، ورقابة مشددة على جميع المعامل النووية الايرانية.
ايران تريد في المقابل ثلاثة امور:
ـ اولا: رفع الحصار الاقتصادي كليا الذي احدث حالة من الشلل في اقتصادها وصادراتها النفطية.
ـ ثانيا: مواصلة عمليات التخصيب لليورانيوم للاغراض السلمية باعتباره حق مشروع كفلته القوانين الدولية.
ـ ثالثا: التعامل معها كعضو طبيعي مثل بقية الدول الاعضاء في نادي الدول الموقعة على معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية.
العقبة الرئيسية التي تقف في طريق التوصل الى اتفاق تتمثل في شقين:
ـ الاول: تحويل معمل آراك الذي يقع في عمق جبل قرب مدينة قم من العمل بالماء الثقيل الى العمل بالماء الخفيف، وتخفيض وحدات الطرد المركزي فيه الى الفي وحدة بدلا من 10000 وحدة مثلما هو الحال في الوقت الراهن، علاوة على 9000 وحدة طرد مركزي للتخصيب لم تعمل بعد.
ـ الثاني: تخفيض عمليات التخصيب الى حدودها الدنيا، ونقل مخزون ايران من اليورانيوم المخصب في حدود 20 بالمئة الى موسكو او اي دولة اخرى خارج ايران وتحويله الى قضبان نووية صالحة للاغراض السلمية فقط.
السلطات الايرانية ترفض جميع هذه المطالب الامريكية وتؤكد انها لن تفكك اي من وحدات الطرد المركزي بل تريد مضاعفة اعداد ما لديها حوالي 20 مرة لتشغيل مفاعل بوشهر ومفاعلات اخرى تعاقدت على شرائها، خاصة ان اتفاقها لتشغيل المفاعل الاول مع روسيا تنتهي عام 2021.
السيد علي خامنئي المرشد الاعلى للثورة الايرانية يرفض رفضا مطلقا التخلي عن حق ايران في امتلاك الخيار النووي، ويوصف في الاوساط الغربية بأنه الاكثر تشددا في مطلبه هذا، وخطورته تكمن في اشرافه المباشر على ملف المفاوضات النووية مع الغرب.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ماذا لو انهارت المفاوضات الحالية ولم يتم التوصل الى اتفاق قبل منتصف ليل يوم الاثنين المقبل؟
هناك خياران يمكن رصدهما في هذا الخصوص:
ـ الاول: تمديد مدة المفاوضات لايام او لاسبوع مثلما لمحّ فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني، ولكن الوزير كيري استبعد هذه المسألة وقال نحن ذهبنا الى فيينا للتوصل الى اتفاق وليس لتمديد المفاوضات.
ـ الثاني: فرض حصار اكبر على طهران، والتهديد مجددا بعمل عسكري، وهناك احتمال ان يسير الامران بالتوازي، والعودة الى ما كان عليه الحال قبل الاتفاق الجزئي الذي تم التوصل اليه قبل اشهر في جنيف.
من الصعب استباق النتائج، والاندفاع في تأييد هذا الخيار او ذاك، فالرئيس اوباما الذي خسر انتخابات الكونغرس النصفية، ويواجه ضغوطا شرسة من قبل النواب الجمهوريين الذين هددوا برفض اي اتفاق ضعيف مع ايران، علاوة على جعجعة نتنياهو واللوبي اليهودي، ربما يلجأ الى التشدد هذه المرة لاثبات قوة شخصيته امام نقاده ومتهميه بالضعف.
الايام الثلاثة المقبلة صعبة وخطيرة، والاتفاق وارد ولكن انهيار المفاوضات وعودة التوتر امران غير مستبعدان.
نقلا عن صحيفة رأي اليوم
الكلمات المفتاحية: الملف النووي الايراني، اراك، التخصيب، العقوبات الاقتصادية،