تركت الحقب التاريخية المختلفة التي مرت على أذربيجان تأثيرها الكبير في الأديان التي نشأت في بلد يضم إرثًا إنسانيًّا قديمًا، وفيه آثارُ واحدةٍ من أقدم المستعمرات البشرية في مدينة غوبستان؛ التي تعود إلى العصر الحجري المتأخر، وترتبط بثقافة غوروكاي وتطور التمدن الإنساني، وتظهر ثقافات العصر الحجري القديم الأعلى وثقافات أواخر العصر البرونزي في عدد من الكهوف الأذربيجانية، وحُكمت المنطقة في فترة 550 سنة قبل الميلاد من قِبَل الأخمينيين، وهي الفترة التي انتشرت فيها الديانة الزرادشتية، وما زال أحد معابدها قائمًا في باكو؛ ثم صارت جزءًا من إمبراطورية الإسكندر الأكبر، وتعاقبت على حكمها السلالات من الساسانيين والبيزنطيين إلى العرب المسلمين بعد أن وصل الإسلام إلى تلك البلاد في القرن السابع الميلادي. وإضافة إلى موقعها الجغرافي وتنوُّع التكوين القومي والعرقي للسكان، يمكن الحديث عن ظروف مواتية أسهمت في انتشار الديانات وتعددها في أذربيجان، وتجد أديانٌ عدة إضافة إلى الإسلام -منها: الزرادشتية، واليهودية، والمسيحية، وغيرها- مكانًا في البلد الذي تمتد مساحته اليوم على 86,600 كم2.
ويلاحظ في التجربة الأذربيجانية على هذا الصعيد وجود حالة تفاعلية بين هذه المكونات، قادت إلى نشوء حياة دينية يمكن أن نطلق عليها: “النموذج الأذربيجاني”، وإضافة إلى (المسلمين) الشيعة والسنة الذين يشكلون المكون الأساسي والغالبية في أذربيجان -حيث يتمركز الشيعة في العاصمة باكو ولنكران والقرى المحيطة بهما؛ بينما يتمركز السنة في شمال البلاد- يعيش في أذربيجان اليهود، وأتباع الكنيسة الأرمينية الرسولية، والكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وأديان أخرى.
تناقش هذه الورقة التي تقوم على مقابلات أجرتها الباحثة، خلال رحلة بحثية إلى أذربيجان(2)، النموذج الذي قدمته أذربيجان على صعيد التعايش في منطقة القوقاز، وما التحديات التي يواجها هذا البلد على هذا الصعيد.
أرقام ذات دلالة
يشير عدد من الدراسات المتعلقة بالحالة الدينية في أذربيجان إلى أن أكثر من 99% من سكان أذربيجان من المسلمين(3)، وتُقَدِّم مصادر حكومية نسبةً تقلُّ عن ذلك؛ وتؤكد أن 96% من السكان هم من المسلمين؛ فيما تتوزع النسبة الباقية (4%) على ديانات أخرى؛ كالمسيحية، واليهودية، والزرادشتية.. وهناك نسبة قليلة من الملحدين وأديان أخرى قليلة الأتباع(4)، وتحت هذه المظلة الواسعة ذات الأغلبية المسلمة تشهد أذربيجان أطيافًا متعددًا من الأعراق والثقافات، وتقدم نموذجًا من التعايش والتعددية يحمل ملامحه الخاصة، وإن كان لا يخرج في صورته الإسلامية عن مجمل تجربة الإسلام في القوقاز.
تقول بعض الإحصاءات الأذربيجانية: إن الشيعة يمثلون 85% من السكان المسلمين، ويعتنق غالبيتهم المذهب الاثني عشري، ويوجد بينهم إسماعيليون، فيما تصل نسبة المسلمين السنة إلى 15%(5)؛ لكن مسؤولين يُديرون أمر الشؤون الدينية التقيناهم في هذه الرحلة البحثية -أبرزهم رئيس لجنة الشؤون الدينية مبارز قرباني- يؤكدون أن نسبة السنة تتجاوز 35%(6).
الحقبة السوفيتية.. محاربة الدين
كما أن تاريخ العلاقة بين أذربيجان والروس فيه الكثير من القمع والدماء، ويأتي مرتبطًا بـ”الاحتلال والصراع”؛ فإن الدين والحريات الدينية للناس كانا في مقدمة الضحايا للسياسة الروسية؛ خاصَّة في العهد السوفيتي؛ ففي عام 1806 احتُلَّت أذربيجان من قِبَل روسيا القيصرية، وفي عام 1918 أعلنت أذربيجان استقلالها عن روسيا؛ ولكن هذا الاستقلال لم يصمد طويلاً؛ إذ تم دمجها في الاتحاد السوفيتي في عام 1920، وقبل قيام الاتحاد السوفيتي كان هناك حوالي 2000 مسجد في أذربيجان؛ ولكنها شهدت قمعًا وتضييقًا على المسلمين، فأغلقت معظم المساجد في عقد الثلاثينات من القرن العشرين، وبسبب ظروف الحرب العالمية الثانية سُمِح بفتح بعضها خلال الحرب، وعانى مسلمو أذربيجان ومنطقة القوقاز عمومًا من سياسية سوفيتية منظمة لقمع الدين(7). وفي مطلع الثمانينات ومن بين خمسة مساجد كبيرة في باكو سُمح بفتح اثنين فقط، وعدد آخر لا يزيد عن 15 مسجدًا في كافة أنحاء أذربيجان؛ وهو ما دفع الكثير من الناس إلى ممارسة الشعائر والصلوات في بيوتهم سرًّا، وشمل القمع السوفيتي على صعيد الحريات الدينية جيران أذربيجان في جنوب القوقاز وأرمينيا وجورجيا(8).
عقب الاستقلال
بعد الاستقلال الذي أعلنته أذربيجان -الذي كلفها صدامًا دمويًّا مع روسيا- ارتفع عدد المساجد بصورة ملحوظة في أذربيجان، وتم بناء العديد منها بدعم من دول إسلامية؛ مثل: إيران، والمملكة العربية السعودية، وتزامن مع تلك الحقبة وصول عدد من الدعاة وإنشاء معهد ديني عام 1991؛ لكن تحوُّل أذربيجان إلى مقصد للدعاة كان له بعض الجوانب السلبية؛ إذ إن بعضهم “استغل الفراغ القائم وتأثيرات الحقبة السوفيتية، وبدأت توجهاتُ بعض الدعاة ذات الصبغة المتطرفة -سواء من جماعات سنية أو شيعة- تُحْدِث حالة طائفية جعلت من هذا الوجود غير مرحَّب به في أذربيجان”(9)، وتَتَّبِعُ لجنةُ الشؤون الدينية -ضِمْنَ تحرُّك مشترك مع إدارة المساجد(10)، وإدارة شؤون مسلمي القوقاز- سياسةً صارمة تجاه هذه القضية(11).
مع استقلال أذربيجان عام 1991 لم تكن أعداد المساجد في أذربيجان تزيد عن 17 مسجدًا، وكان عدد السكان في تلك الفترة سبعة ملايين نسمة، ويبلغ عدد السكان اليوم 10 ملايين نسمة(12)، ويبلغ عدد مساجدها 2100 مسجد تنتشر في مختلف أنحاء أذربيجان، ولا يجري تقسيم هذه المساجد بين الشيعة والسنة؛ بل هي مساجد “ترفع اسم الله، ويصلي فيها الشيعة والسنة معًا”(13). وفي تقييم التوجهات الدينية يبدو الناس في جنوب أذربيجان (في إيران) مهتمون بالدين أكثر من شمال أذربيجان (باكو)؛ وذلك له أسبابه؛ يجيء في مقدمتها طبيعة العلاقة بين الدين ومؤسسة الحكم، واختلاف طبيعة نظام الحكم في إيران وأذربيجان.
علمانية الدولة.. قيم الإسلام
يمكن الادعاء أن أذربيجان من أكثر المجتمعات الإسلامية علمانية؛ إذ ينص الدستور في مواد واضحة بعلمانية الدولة(14)، وبصرف النظر عن أنها كانت أول بلد مسلم دخله المسرح وعرفت السينما في فترة مبكرة، فنظام الحكم في أذربيجان اليوم من أكثر الأنظمة التي تدعم التوجهات العلمانية، وتذهب بعض التحليلات إلى أن هذا التوجه جعل بيئة التطرف محدودة للغاية(15) في البلد الذي تتعاظم أهميته الجيوسياسية يومًا بعد يوم في منطقة القوقاز.
وهذه العلمانية لم تمنع عودة الإسلام إلى أذربيجان بصورة متزايدة، وهي عودة توصف بـ”الحميدة والإيجابية، فهذه العودة تعني إعادة الاتصال بالقيم والتقاليد الإسلامية بعد أن تحرر الناس من سبعين عامًا من الإلحاد والسياسات السوفيتية، التي حاربت الدين في صدور الناس”(16). رافق ذلك صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة بتأثيرات خارجية، والواضح أن كل الإجراءات الحكومية على صعيد تنظيم الحالة الدينية لا تعارض “استحضار الإسلام في الحياة اليومية للناس، وتجد ملامح كثيرة لذلك”(17)، فما يهم من وجهة نظر السلطات هناك “هو المحافظة على حرية الاعتقاد بصرف النظر عن هذا الاعتقاد.. ومن الواجب نشر قيم الإسلام.. والوقوف في وجه الراديكالية والتطرف؛ سواء كان ذلك مصدره سني أو شيعي”(18)، ويبدو أن إسهام المتدينين ورجال الدين في دعم توجهات الدولة على هذا الصعيد قد أعطى قوة لتوجهاتها العلمانية، وعزز من قوتها داخل المجتمع، ويجد ذلك صداه في العملية التعليمية بصورة واضحة، وخلق حالة من التمازج بين مفاهيم تبدو متصادمة “علمنة، أسلمة”.
وقف تأثير الدعاة من الخارج
منذ عام 1991 اتخذت الحكومة بعض الخطوات لتعزيز التعاون مع المتدينين، وسعت إلى تحسين الحالة الدينية، ودخلت على خط تعليم رجال الدين الشباب؛ في محاولة لتعزيز القيم الإسلامية على أسس من التقاليد والأبعاد الثقافية المحلية؛ وذلك بهدف وقف تأثير جماعات دينية من خارج أذربيجان، وإن كانت توصيات عديدة تقول بضرورة أن يشمل الحوار عددًا من المنظمات غير الحكومية المستقلة للدخول في نقاش حول الدين والدولة، وابتكار طرق للتعامل مع الجماعات المستقلة القابلة بالتعددية الدينية(19).
وعلى مدى السنوات الماضية تعاملت السلطة بحساسية عالية مع جماعات وصفت بـ”الإسلامية” الراديكالية، وقامت بحملة أمنية طالت عددًا من أعضاء هذه الجماعات ضمن تهم “التخطيط لإعمال عنف”، ووسط التنوع الذي تشهده أذربيجان فضلاً عن موقعها الجيوسياسي، تبدو القضية الدينية معقدة على أرض الواقع؛ فأذربيجان جارة وقريبة لعدد من الدول التي تسعى بصورة واضحة إلى تصدير نماذجها الثقافية؛ (إيران، وتركيا، والسعودية، ودول أخرى في الشرق الأوسط)(20)؛ ولذلك كانت مقصدًا للكثير من الدعاة والمنظمات، وبدأت تبرز فيها تجمعات ذات صبغة شيعية، وأخرى ذات صبغة سنية، وهو ما واجهته الحكومة بصرامة معتبرة أنه يشكل تحديًا لعلمانية الدولة، وله مخاطر تهدد المجتمع وأمنه(21).
لم يَحُلِ التوجه العلماني الواضح لنظام الحكم في أذربيجان من التأثيرات التي تركها موقعها الاستراتيجي؛ حيث كانت هدفًا للمنافسة بين الجماعات الإسلامية الخارجية؛ سواء ذات التوجهات السلمية أو الراديكالية العنيفة.. وربما تكون السياسات الحكومية المتقاربة مع السياسات الغربية سببًا لاستهداف أذربيجان من قِبَل جماعات متطرفة، ولا تبدو الصورة كاملة دون الإشارة إلى المنافسة بين الدعاة الشيعة الإيرانيين ومنافسيهم السنة من تركيا والسعودية(22)، ويبدو أن الحكومة عازمة على إنهاء ذلك، وتتعامل معه كمهدد اجتماعي(23).
وفيما يمكن وصفه بـ”أيديولوجية دينية” تحاول المؤسسات الدينية في أذربيجان بناء نموذج ديني يقلل الفوارق بين الشيعة والسنة؛ لذلك كانت هناك سياسات حازمة تجاه الدعاة من الخارج، للحفاظ على ما يوصف بـ”التعايش السلمي الفريد من نوعه بين فروع الإسلام؛ فقد تكون أذربيجان هي البلد المسلم الوحيد الذي يصلي فيه أتباع المذهبين معًا في المسجد نفسه، وأحيانًا وراء إمام واحد”(24). ويصر المسؤولون في أذربيجان على الحديث عن بلدهم كمكان للتعايش السلمي بين ممثلي جميع الأديان وكذلك الأقليات القومية والعِرقية، ويرون ضرورة “تشجيع مثل هذا النموذج في التسامح في أوروبا، وفي العالم أجمع”(25).
بناء الهوية والهوية الدينية
في أذربيجان كثيرًا ما تسمع عبارة مثل: “هذا هو أكثر بلد مسلم علماني في العالم”، وتبدو هذه المقولة صائبة إلى درجة كبيرة بالنظر إلى التزام الناس بالعبادات الإسلامية بصورة صارمة، فضلاً عن غياب الكثير من المظاهر التي تجدها في المجتمعات الإسلامية، وعلى الرغم من وجود المحجبات في الشوارع؛ فإنه وجود قليل مقارنة بالغالبية العظمى من النساء، ومع ذلك يُثير الناس هناك الكثير من الأسئلة بشأن إلزامية الكثير من الأحكام الإسلامية المتعلقة بالعبادات. ووفقًا لبعض المؤشرات يمثل الإسلام بالنسبة إلى معظم أذربيجان المسلمين مسألة روحية خاصة، لا تؤثر في ولائهم للدولة وتوجهاتها العلمانية، كما لا تؤثر على علاقاتهم الودية مع الديانات الأخرى، وهناك (وفقًا لمقياس القوقاز) نسبة منخفضة (20%) من الأذربيجانيين تمارس الشعائر الدينية بانتظام، وأقل من 40% تحصر هذه الممارسة في الأعياد(26)، وتقول دراسة أخرى: إن أقل من 9% من الأذربيجانيين يواظبون على حضور الشعائر الدينية مرة واحدة في الأسبوع أو أكثر؛ وتصل نسبة مَنْ يواظبون على الصيام 14%، وتقل نسبة مَنْ يواظبون على الصلاة عن 19%(27).
ويبدو أنه يجري تفكيك بين الدين والتدين؛ حيث إن لكل منهما معنى ودلالة في أذربيجان، ومع كل المظاهر العلمانية -في البلد الذي يشهد نموًّا اقتصاديًّا متسارعًا- فإن الإسلام هو جزء أصيل من الهوية الاجتماعية والثقافية، تجده في العلاقة والصدام مع (روسيا وأرمينيا، الاستقلال، احتلال إقليم كراباخ)، وفي التقاليد المحافظة للعائلات، ويبدو حاضرًا في مراسم الزواج والوفاة، وتجده بصورة واضحة أحيانًا ومستترة أحيانًا أخرى على مستويات عدة في المجتمع.
إن ما يجري في أذربيجان يُعَدُّ واحدة من صور خطة حكومية لصياغة الهوية الوطنية العلمانية(28)، وجَعْل الهوية الدينية جزءًا تابعًا للهوية الوطنية العامة؛ ويجري العمل على ذلك من عدة زوايا:
-
تطوير وتوفير الهياكل لمختلف الفئات، لتحقيق الشعور بأنهم جزء من الدولة.
-
السعي لقطع الطريق على الولاءات خارج نموذج الدولة؛ والتعاملُ مع قضايا الدعاة من الخارج مثالٌ على ذلك.
-
تطوير سياسة أمنية تتعامل بحساسية بالغة مع التهديدات ذات المنشأ الراديكالي.
- وقد فتحت هذه السياسات الأمنية بابًا للنقد فيما يتعلق بقضايا “حقوق الإنسان”؛ منها الحقوق الدينية، ويجادل المسؤولون عن الجانب المتعلق بالموضوع الديني، بأن النقد الموجه الذي “تتبناه دوائر غربية لا ينال من الحريات الدينية، بقدر ما ينال من التعامل الصارم مع الجماعات المتطرفة”، ويُعَبِّرُ عن هذه الحالة رئيس لجنة الشؤون الدينية مبارز قرباني بقوله(29): كثيرًا مع دخلنا في نقاش مع بعض المنظمات بشأن هذه المسألة، ولدينا دائمًا ردودٌ دقيقة بشأن الاتهامات؛ تتلخص في النقاط التالية:
-
أذربيجان تدعم الحرية الدينية؛ لكنها تقف بحزم ضد الجماعات المتطرفة.
-
هذه التقارير تريد أن نفتح المجال للجماعات المتطرفة، وقد سألناهم غير مرة: ماذا تريدون؟ هل تريدون أن تروا جماعات مثل “داعش” في أذربيجان؟ وكان الجواب: لا.
-
في المسيحية هناك -أيضًا- مجموعات متطرفة، وهناك قيود قانونية ضدها في الغرب، ومن حقنا وضع قيود لضمان أمننا.
-
أولوياتنا تتعلق بمصالحنا الوطنية؛ وكما أنهم في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا لهم مصالحهم الوطنية، وهذه المصالح لا نبنيها وفق التقارير الغربية.
خلاصة
تبدو الحالة الدينية في أذربيجان مرتبطة إلى درجة كبيرة بتعقيدات الوضع الجيوسياسي لهذا البلد؛ المحاط بجيران أقوياء، وفاعلين سياسيين لهم وزنهم وأدوارهم في المنطقة؛ مثل: روسيا، وتركيا، وإيران، وتبدو في تشابك وتداخل للمصالح الاقتصادية والسياسية، فضلاً عن الأبعاد الثقافية، وعلاقات التعاون مع الغرب وفي الوقت نفسه العالم الإسلامي.
ويزيد هذا التعقيد السعي إلى بناء الهوية الشاملة لأذربيجان؛ التي وجدت نفسها -على مرِّ التاريخ- تحت تأثير ثقافات الإمبراطوريات الكبيرة التي تحيط بها؛ لذلك فإن ما يمكن تسميته بالهوية الأذربيجانية، هو مركب معقد مع التأثيرات الإيرانية والتركية والعربية والروسية.
في الواقع، فإن أذربيجان هي جمهورية من الجمهوريات التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وفيها غالبية مسلمة من الشيعة في وضع يشابه الحالة الإيرانية؛ وهي دولة علمانية على غرار تركيا، التي تشترك معها -أيضًا- في اللغة والعرق التركي؛ وهي في الوقت ذاته تسعى إلى تعريف نفسها كدولة غربية(30).
ومع كل المظاهر العلمانية، في البلد الذي يشهد نموًّا اقتصاديًّا متسارعًا؛ فإن الإسلام هو جزء أصيل من الهوية الاجتماعية والثقافية، تقوم أذربيجان اليوم بصياغة هوية وطنية علمانية، وفي عملية الصياغة فإنها تقوم بصياغة الهوية الدينية بوصفها جزءًا تابعًا للهوية الوطنية العامة، وتتبنَّى المؤسسات الدينية في أذربيجان سياسة صارمة لبناء نموذج ديني يقلِّل الفوارق بين الشيعة والسنة؛ لذلك كانت هناك سياسات حازمة تجاه الدعاة من الخارج، وتجاه المجموعات الراديكالية، للحفاظ على ما يوصف بـ”التعايش السلمي الفريد” بين مختلف الأطياف الدينية.
______________________________________ -
- فاطمة الصمادي
-
مركز الجزيرة للدراسات
الهوامش والمصادر
1- من مقابلة للباحثة مع مستشار الرئيس الأذربيجاني، د. علي حسنوف، باكو، 24 أغسطس/آب 2015.
2- قامت الباحثة برحلة بحثية إلى أذربيجان، في الفترة من 20- 30 من أغسطس/آب 2015.
3 – MAPPING THE GLOBAL MUSLIM POPULATION A Report on the Size and Distribution of the World’s Muslim Population, October 2009 (accessed:September 5, 2015):
http://www.pewforum.org/files/2009/10/Muslimpopulation.pdf
4- مقابلة للباحثة مع رئيس لجنة الشؤون الدينية في أذربيجان، مبارز قرباني، باكو 27 من أغسطس/آب 2015.
5 – RELIGION, Administrative Department of the President of the Republic of Azerbaijan, P R E S I D E N T I A L L I B R A R Y(accessed:September 1, 2015):
http://files.preslib.az/projects/remz/pdf_en/atr_din.pdf
6- مقابلة للباحثة مع رئيس لجنة الشؤون الدينية في أذربيجان، مبارز قرباني، باكو 27 من أغسطس/آب 2015.
7- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام في منطقة القوقاز الله شكر باشزاده، باكو، 28 من أغسطس/آب 2015.
8- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام باشزاده.
9- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام باشزاده.
10- يعد مجلس القوقاز المسلمين (CBM) واللجنة الحكومية لإدارة شؤون المنظمات الدينية (SCWRO) أبرز المؤسسات التابعة للدولة للإشراف والمراقبة على الحياة الدينية، وقد أنشئ المجلس في العهد السوفيتي، ويقوم على إدارته شيخ الإسلام الله شكر باشزاده (منذ عام 1980)، ويعين رجال الدين، وينظم رحلات الحج إلى مكة المكرمة، أما اللجنة فقد أنشئت عام 2001 وتشرف على تسجيل التجمعات الدينية وأنشطتها.
11- من المقابلة مع قرباني.
12- تجد من يرى أن عدد سكان أذربيجان يقارب الـ50 مليونًا؛ إذ يضيفون إليهم 35 مليونًا من السكان في “جنوب أذربيجان” (شمال إيران)، ويرون أنه جرى شطر أذربيجان إلى قسمين تبعًا لمعاهدة وقعت بين إيران وروسيا. (من المقابلة مع قرباني).
13- هذا ما أكده شيخ الإسلام باشزاده ورئيس اللجنة الشؤون الدينية قرباني في مقابلتهما مع الباحثة، وما سمعته من مصلين في بعض مساجد العاصمة باكو، ويروي شيخ الإسلام للباحثة أن الناس يجتمعون للصلاة، ويختارون إمامًا، وقد يكون يومًا سنيًّا، وفي يوم آخر شيعيًّا يصلي خلفه الجميع.
14- تنص المادة السادسة من الدستور على أن أذربيجان دولة علمانية، وتنص المادة 19 منه على فصل الدين عن الدولة، ومساواة جميع الأديان أمام القانون، وتنص تشريعات أخرى على حرية الاعتقاد.
15- SE Cornell, “The Politicization of Islam in Azerbaijan”, Central Asia-Caucasus Institute & Silk Road Studies Program –A Joint Transatlantic Research and Policy Center,2006(accessed:September 3, 2015):إضغط هنا.
16- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام الله شكر باشزاده، ومسؤول لجنة الشؤون الدينية قرباني.
17- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام الله شكر باشزاده، ومسؤول لجنة الشؤون الدينية قرباني.
18- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام الله شكر باشزاده، ومسؤول لجنة الشؤون الدينية قرباني.
19 -AZERBAIJAN: INDEPENDENT ISLAM AND THE STATE, Europe Report N°191 – 25 March 2008(accessed:September 3, 2015): إضغط هنا.
20 -AZERBAIJAN: INDEPENDENT ISLAM AND THE STATE, Europe Report N°191 – 25 March 2008.
21- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام الله شكر باشزاده، ومبارز قرباني قرباني.
22 – Raoul Motika, « Islam in Post-Soviet Azerbaijan », Archives de sciences sociales des religions, 115 | 2001, 111-124.
23 – Shahla Sultanova, Azerbaijan: Islam Comes with a Secular Face, EurasiaNet’s Weekly Digest Azerbaijani Politics Islam, August 15, 2013(accessed:September 4, 2015:
http://www.eurasianet.org/node/67396
24- من مقابلة للباحثة مع شيخ الإسلام الله شكر باش زاده.
2 – 5Caucasus Barometer: «Attendance of Religious Services, Caucasus Barometer. “Time-series dataset Azerbaijan.” http://caucasusbarometer.org (accessed:September 3, 2015).
26- من المقابلة مع د. علي حسنوف.
27 – Robia, Charles. “Religiosity and Trust in Religious Institutions: Tales from the South Caucasus (Armenia, Azerbaijan and Georgia).” Berkeley Program in Eurasian and East European Studies (UC Berkeley: Berkeley Program in Soviet and Post-Soviet Studies), 2009.
28 – SECULARISM IN AZERBAIJAN AND THE THREAT OF RADICALISATION IN THE REGION, Jun 15, 2015(accessed:September 8, 2015) (accessed:September 6, 2015):
http://europeandemocracy.eu/wp-content/uploads/2015/06/EFD-Azerbaijan-light.pdf
29- من مقابلة للباحثة مع رئيس لجنة الشؤون الدينية، مبارز قرباني، باكو 2015.
30 – Makili-Aliyev, Kaml. “Azerbaijan’s Foreign Policy: Between East and West.” IAI Workin