دور روسيا بأزمة ناغورنو كرباخ حياد أم انحياز؟

دور روسيا بأزمة ناغورنو كرباخ حياد أم انحياز؟

441 (1)

طرح تجدد المواجهات العسكرية بشأن إقليم ناغورنو كرباخ بين أذربيجان وأرمينيا -الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين-الحديث عن الدور الروسي في النزاع، وسط اتهامات لموسكو بالانحياز إلى أرمينيا، بينما يتحدث المسؤولون الروس عن دور توفيقي في الأزمة.

فبعد تجدد المواجهات بداية الشهر الجاري، تحركت موسكو بشكل فوري فأرسلت رئيس الوزراء ديمتري مدفيدف ووزير الخارجية سيرغي لافروف إلى كل من أرمينيا وأذربيجان من أجل نزع فتيل الأزمة بينهما.

وصرح لافروف بأن مهمة موسكو لا تنتهي عند التهدئة، بل إنها ستواصل مساعيها لإرساء توافقات من أجل التوصل إلى تسوية شاملة.

وتعود جذور الصراع على الإقليم الأذري بين أذربيجان وأرمينيا لعام 1921 عندما اتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي-مكتب القوقاز قرار ضم ناغورنو كرباخ لأرمينيا السوفياتية، ولكن يوم 5 يوليو/تموز 1921 تم التراجع عنه ليبقى الإقليم ضمن جمهورية أذربيجان السوفياتية مع منحه صلاحيات الحكم الذاتي.

ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، أعلن الإقليم استقلاله وقيام جمهورية غير تابعة لأي من الدولتين، وهو ما اعتبرته أذربيجان تمردا تم باتفاق مبطن مع أرمينيا، ما أدى إلى اندلاع حرب بين البلدين عام 1992 استمرت عامين، خسرت خلالها أذربيجان ثماني مناطق تابعة لها استولى عليها الأرمن بدعم روسي واضح.

ويرى العديد من الخبراء أن موسكو منحازة لأرمينيا بالرغم من أنها من الوسطاء الدوليين لحل الأزمة، ولوجود قاعدة عسكرية روسية كبيرة بمنطقة غومري الأرمينية.

وهناك بعد إقليمي للأزمة بعد إعلان تركيا وقوفها إلى جانب أذربيجان “لاستعادة وحدة أراضيها” ولا تغيب إيران عن المشهد فهي وإن كانت أقرب دينيا إلى الأذريين فإنها تقف إلى جانب الأرمن.

حياد روسي
مدير مركز الدراسات والتحليل لشؤون رابطة الدول المستقلة ألكسندر غوسيف رفض الاتهامات القائلة إن روسيا لديها مصلحة ببقاء حالة التوتر في جمهوريات ما وراء القوقاز، وأشار إلى أن روسيا تدفع الأطراف للجلوس إلى طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات.

واعتبر غوسيف أن هناك أطرافا خارجية تسعى لإشعال النزاع و”لكن هناك إدراك من الجانبين بخطورة الانزلاق نحو المواجهة واتساع نطاق الأزمة”.
وأشار إلى عدد من الأطروحات لتسوية النزاع من أبرزها وضع الإقليم تحت الرقابة الدولية، وإرسال قوات من الأمم المتحدةلتتولى حماية سكانه المدنيين أو ضمها للاتحاد الروسي.
اتفاقيات معطلة
من جانبه، يقول نائب رئيس معهد رابطة الدول المستقلة فلاديمير جاريخين إن روسيا تعي تعقيدات قضية الإقليم ومخاطر تفجر النزاع “ولهذا تم استدعاء قادة أركان القوات الأرمينية والأذرية إلى موسكو” والتقى بهم وزير الدفاع الروسي، وكان من نتائج الاجتماع التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين.
وأشار جاريخين في حديثه للجزيرة نت إلى أن الخطة التي تم تبنيها عام 2009 من مجموعة مينسك التي ضمت كلا من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا تنص على منح الإقليم حكما ذاتيا على أن يبقى ضمن أراضي أذربيجان “ولكن الخطة للأسف بقيت دون تنفيذ”.
وأوضح أن سبب الفشل يعود إلى عدم امتلاك قادة البلدين ما يكفي من “الشجاعة السياسية” ولوجود نوع من التعبئة الشعبية في البلدين، وإثارة للنزعات القومية.
وزاد المتحدث للجزيرة نت أن الخطة تضمنت انسحاب القوات الأرمينية من المناطق الثماني التي خسرتها أذربيجان بعد حرب استمرت بين عامي 1992-1994 مع بقاء قواتها بالإقليم، وعودة النازحين الأذريين لمناطقهم، مع إبقاء “ممر لاتشينسكي” الذي يربط ناغورنو كرباخ بأرمينيا مفتوحا، ومن ثم منح الإقليم حكما ذاتيا مؤقتا يراعي وحدة الأراضي الأذرية لحين إجراء استفتاء على الوضع الدائم.
وأضاف أن موسكو تحركت على عجل بهدف تطويق الأزمة في بداياتها قبل تصاعدها وتحولها إلى مواجهة عسكرية، لافتا إلى أن الرئيس الروسي يتواصل يوميا مع الرئيسين الأرميني سيركسيان والأذري إلهام علييف و”قد تمكن من دفع الأمور نحو التهدئة”.
وحول الخلفية القانونية التي يستند إليها طرفا النزاع، قال غوسيف إن الأرمن يستندون إلى أنهم يشكلون نحو 90% من سكان الإقليم، في حين يقول الأذريون إن الإقليم يقع في قلب أراضيهم، وهناك عوامل تزيد من التأزم من أبرزها العداء التاريخي بين الجانبين.
افتكار مانع
الجزيرة نت