سرت (ليبيا) – دعا رئيس الحكومة الليبية المكلف عبدالحميد الدبيبة الاثنين مجلس النواب بشقيه طرابلس وطبرق إلى عدم تفويت فرصة التوحد في سرت، وإلى تغليب مصلحة الوطن على كل الحسابات الخاصة والضيقة، وتمكين الحكومة من مباشرة مهامها الصعبة على الفور.
وطالب الدبيبة في كلمة متلفزة بعدم ترحيل إجراء منح الثقة إلى مرحلة أخرى، ما يسبب عرقلة المسار الانتخابي الذي أوصت به مخرجات جنيف، وحرمان الشعب الليبي من الوصول إلى انتخابات حقيقية ونزيهة.
وأشار الدبيبة إلى أن آلية الحوار بملتقى جنيف فرضت على جميع من قبلوا بهذه العملية أن مخرجات الحكومة، والخارطة السياسية، يجب ألّا تستثني أحدا، وبذلك كانت الحكومة في شكلها الحالي من حيث عدد الوزراء والمحاصصة الجغرافية أو الجهوية، والتي يكون فيها الصانع مكرها لا بطلا، على حد تعبيره.
ووصل الدبيبة الاثنين إلى مدينة سرت (غرب) لعرض تشكيلته الوزارية أمام مجلس النواب، وفق ما أعلن عن ذلك محمد حمودة الناطق باسم الحكومة.
وذكر عضو مجلس النواب الليبي محمد الرعيض أن عدد النواب الواصلين إلى سرت بلغ نحو 90 نائبا من مجلسي طبرق وطرابلس.
وأضاف الرعيض أن “35 نائبا آخرين قادمين من طرابلس سيصلون سرت بعد قليل (..) سيبلغ عدد النواب أكثر من 125 وسنمنح الثقة للحكومة وبقوة”.
وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق في وقت سابق الاثنين، وصول طائرة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح إلى مطار القرضابية الدولي، بالتزامن مع وصول طائرة أخرى تحمل على متنها حوالي 40 نائبا من نواب المنطقة الغربية.
ونقل موقع إخباري ليبي عن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب قوله، إن عقيلة صالح سيترأس جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة بمشاركة النواب الحاضرين من جميع المدن الليبية.
وانقسم البرلمان، شأنه شأن معظم المؤسسات الحكومية، بعد فترة وجيزة من انتخابه في 2014 مع انقسام ليبيا بين فصائل متحاربة في الشرق والغرب.
ويجتمع البرلمان للنظر في منح الثقة لحكومة أعلنها عبدالحميد الدبيبة الذي انتخب رئيسا للوزراء الشهر الماضي، في حوار سياسي استضافته الأمم المتحدة في جنيف.
ويتألف البرلمان من 200 عضو، وتوفي بعض الأعضاء، واستقال آخرون، كما هدد البعض بمقاطعة الاجتماع.
وقال مقرر اللجنة صالح قلمة إن الجلسة المقررة الاثنين ستنظر في النصاب القانوني والأغلبية المطلوبة لمنح الثقة.
ويتطلب عقد الجلسة رسميا وصول النصاب القانوني إلى 98 نائبا، فيما تحتاج الهيكلة الحكومية للدبيبة إلى موافقة 83 نائبا فحسب لتحصل على الثقة.
وقال مختار غباشي أستاذ العلوم السياسية في تصريحات صحافية “من المفترض تمرير الحكومة وعدم تعطيلها من قبل النواب”، مؤكدا أن هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها، وتمهد للدولة الليبية الجديدة، معربا عن تفاؤله بعدم اعتراض البرلمان للحكومة الجديدة.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أعلن الدبيبة أن وزارات حكومته الـ27، ممثلة من كل ليبيا حسب 13 دائرة انتخابية، مشيرا إلى تصنيف الحقائب الوزارية إلى ثلاث فئات هي: سبع وزارات سيادية، و14 خدمية، وست وزارات إنسانية، من المقرر عرضها على مجلس النواب في جلسة الاثنين.
وعلى نحو مفاجئ دعا 42 عضوا بمجلس النواب إلى تأجيل الجلسة، قائلين إنها ستكون “محصورة في مناقشة منح الثقة للحكومة المقترحة دون الإشارة إلى ضرورة تسبقها، متعلقة بتضمين مخرجات تونس حزمة واحدة للإعلان”.
وطالب النواب بـ”ضرورة اعتماد مجلس النواب لمخرجات حوار تونس حزمة واحدة، مما يتطلب إتمام هذا الإجراء قبل الشروع في مناقشة منح الثقة للحكومة المقترحة”.
وتحدث النواب عن “ضرورة الاطلاع على تقرير لجنة الخبراء بكل ملاحقه لأهمية دحض أي شبهات بالرشاوى والتأكد من سلامة العملية السياسية وشفافيتها، وحتى لا تقع حكومة الوحدة الوطنية تحت الابتزاز الخارجي أو الداخلي”.
ودخل المسار الدستوري على خط التساؤلات، مع رسالة رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الجيلاني أرحومة إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، التي عبر فيها عن “الأمل في البت بالاستحقاق الدستوري في جلسة مجلس النواب المرتقبة خلال الفترة المقبلة، استكمالا لآخر مراحل العملية الدستورية”.
وفي مقابل عراقيل اللحظات الأخيرة، فإن رسائل المجتمع الدولي تدفع بقوة نحو إتمام هذه الخطوة، إذ دعا المبعوث الأممي يان كوبيتش إلى عدم عرقلة الجلسة المقررة لمجلس النواب الاثنين في مدينة سرت “تحت أي ذريعة”، مشيرا إلى رسالة نصية جرى تداولها بشأن مزاعم الرشوة التي شابت ملتقى الحوار السياسي “هي خطوة مهمة أخرى نحو استعادة وحدة وشرعية المؤسسات والسلطات الليبية بما يحقق وحدة البلاد وسيادتها واستقرارها”.
وأعرب الأمين العام المساعد المنسق الخاص لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ريزدون زينينغا عن أمله في أن تعقد جلسة مجلس النواب دون أن تحدث فيها أي عراقيل، وذلك خلال لقاء رئيس المجلس الرئاسي المختار من قبل الحوار السياسي الليبي محمد المنفي، ونائبيه عبدالله اللافي وموسى الكوني الأحد بمدينة طرابلس.
وأعلنت السفارة الأميركية تأييدها لرسالة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول أهمية عقد جلسة مجلس النواب المقررة الاثنين في سرت.
وشددت السفارة في تغريدة لها على تويتر الأحد، على أهمية عقد الجلسة واستكمال خارطة الطريق في ليبيا.
وقال السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا إن أمام مجلس النواب الاثنين فرصة فريدة لتأييد الحكومة المؤقتة، وبالتالي إعادة توحيد البلاد مرة أخرى.
وأضاف في تغريدة له على تويتر أن ذلك يأتي بعد عام نتيجة مؤتمر برلين العام الماضي واتفاق الزعماء على الحد من التدخل الأجنبي ودعم العملية السياسية التي يقودها الليبيون.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري أكد “ضرورة استكمال المسار السياسي الحالي، عبر عقد اجتماع مجلس النواب لمناقشة تشكيل الحكومة، انتهاء بعقد الانتخابات وفق قواعد دستورية في موعدها في 24 ديسمبر 2021″، وذلك خلال لقاء مع المبعوث الأممي يان كوبيتش في القاهرة الأحد.
وأكد الوزير المصري، وعلى نحو واضح، “ضرورة التزام كافة الأطراف بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة في ما يتعلق بإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، فضلا عن أهمية التصدي لأي محاولات من شأنها عرقلة توحيد المؤسسات الأمنية الليبية، أو تكرس الانقسام الليبي”.
ووسط هذا الدعم الإقليمي والدولي الواضح، يتساءل محللون عما إذا كان الاثنين سيتم وضع خطوة عملية على طريق الانقسام الليبي – الليبي، وتوحيد البلاد تحت حكومة واحدة، انتظارا لخطوات أخرى، أم أن البلاد مقبلة على دورة جديدة من التسويف وتمديد الأزمة.
العرب