حراك دبلوماسي يوناني نشط من أجل التصدي لتركيا في ليبيا

حراك دبلوماسي يوناني نشط من أجل التصدي لتركيا في ليبيا

كثفت اليونان من تحركاتها الأيام الماضية في محاولة للتصدي لتركيا وأجنداتها في ليبيا، حيث توصلت أثينا إلى اتفاق مع طرابلس الأربعاء على إجراء محادثات لترسيم الحدود البحرية وذلك خلال زيارة لرئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي لليونان. كما شددت أثينا على أن الشرط الضروري لإنجاز الحل السياسي للأزمة الليبية يبقى إخراج كل القوات الأجنبية من ليبيا.

أثينا – تقود اليونان حراكا دبلوماسيا نشطا في محاولة للتصدي لتركيا وأجنداتها في ليبيا، حيث أعلنت أثينا الأربعاء عن الاتفاق مع المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي على إجراء محادثات حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، فيما نفى المنفي أن تكون لمجلسه صلاحيات لإبرام اتفاقيات، موكلا بذلك الأمر إلى لجان مشتركة ستلتئم ويُحال الموضوع للسلطات الليبية المزمع انتخابها في ديسمبر المقبل.

وأجرى المنفي مباحثات الأربعاء مع رئيسة اليونان إيكاتيريني ساكيلاروبولو ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكوس، وذلك وسط تكثف الدعوات الدولية والأممية للإسراع في إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.

وأكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي الأربعاء بذل “كلّ الجهود الممكنة” من أجل “مغادرة جميع الميليشيات” الأجنبية بلاده.

وقال المنفي إثر لقائه رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس “سنبذل كل الجهود الممكنة لضمان سيادة واستقلال ليبيا المرتبط بالخروج النهائي لجميع الميليشيات من بلدي”.

ووفق بيان باليونانية لمكتب ميتسوتاكيس، شدد رئيس المجلس الرئاسي على أنه جرت نقاشات حول الموضوع “لتحقيق هدف مغادرة الميليشيات”.

وتعهد رئيس الوزراء اليوناني بتقديم الدعم في إعادة إعمار ليبيا، مؤكدا أن “الشرط الضروري” للحلّ السياسي في البلاد هو “مغادرة كلّ القوات الأجنبية الأراضي الليبية” في ضوء الانتخابات المقررة نهاية العام.

كما شدد على نيّة البلدين المتوسطيين معالجة “مسائل حيوية على غرار تحديد الحدود البحرية” في شرق المتوسط.

وتأتي زيارة المنفي لأثينا بعد أسبوع من زيارة ميتسوتاكيس ووزير خارجيته نيكوس ديندياس طرابلس لإعلان إعادة فتح سفارة اليونان في العاصمة الليبية.

كيرياكوس ميتسوتاكيس: الحل السياسي للأزمة الليبية رهين مغادرة القوات الأجنبية للبلاد

ويرى متابعون أن أثينا نقلت الصراع مع جارتها أنقرة إلى ليبيا، حيث تحاول اليونان ترميم علاقاتها مع السلطات الليبية الجديدة بعد أن كانت قد قطعت كل الروابط مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج سابقا إثر توقيعه في العام 2019 لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا.

والعام الماضي وقعت اليونان اتفاقا مع مصر لتحديد منطقة اقتصادية خالصة في شرق البحر المتوسط، قالت تركيا إنها تنتهك جرفها القاري وتتداخل مع المناطق البحرية التي اتفقت مع ليبيا بشأنها.

وقال رئيس الوزراء اليوناني إنه تم التوصل إلى اتفاق من أجل بدء محادثات لترسيم الحدود البحرية بين ليبيا واليونان دون أن يفصح عن المزيد من التفاصيل، غير أن مراقبين ربطوا هذه الخطوة بالاتفاقية التي وقعتها أنقرة مع حكومة السراج سابقا، لكن من غير الواضح كيف سيتم التصدي لها.

وجدد ديندياس رفض اليونان “الاتفاقين غير القانونيين اللذين أبرمتهما حكومة الوفاق السابقة مع تركيا”، في إشارة خصوصا إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية الموقع في 2019.

وكان حينها المنفي سفير ليبيا في أثينا، وقد طُرد لرفض الاستجابة لطلب الحكومة اليونانية اطلاعها على مضمون الاتفاق المثير للجدل.

والاتفاق الذي لا تعترف به الدول الأخرى المطلة على شرق المتوسط، يرسم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا في المنطقة الغنية بالغاز.

وترتكز أنقرة على الاتفاق لتسويغ عمليات البحث والتنقيب عن الغاز في مناطق توجد نظريا في المنطقة البحرية لليونان وقبرص.

وأعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة الإثنين تأكيد التزامهما بهذا الاتفاق، ما عكس سير حكومة الدبيبة على خطى حكومة الوفاق وحفاظها على نفس مكانة أنقرة في ليبيا، وفقا لمراقبين.

وأغلقت سفارة اليونان في طرابلس في يوليو 2014، وأجلت حينها فرقاطة يونانية نحو 200 يوناني وأجنبي من البلد الذي شهد فوضى أمنية.

وتأتي هذه التطورات في وقت تكثف فيه القوى الإقليمية والعالمية تحركاتها من أجل دفع التسوية السياسية في ليبيا للمضي قدما من خلال حلحلة العديد من الملفات أبرزها الملف الأمني الذي تُعد أنقرة أحد أبرز أطرافه.

وبالرغم من الدعم الدولي الذي تحظى به السلطة الانتقالية في ليبيا من أجل المضي قدما في ترتيبات أمنية وعسكرية تكرس حالة من الاستقرار، إلا أن الغموض لا يزال يلف مصير المرتزقة الذين استعان بهم طرفا الصراع في وقت سابق (حكومة الوفاق سابقا والجيش بقيادة المشير خليفة حفتر).

ولم تبعث تركيا إلى الآن برسائل إيجابية حول مرتزقتها شأنها في ذلك شأن روسيا، حيث أكدت تقارير سابقة أن مرتزقة فاغنر لا يزالون في ليبيا رغم إنكار موسكو لعب أي دور لها في البلاد. وتُعد شركة فاغنر الروسية من المجموعات المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين.

وأعربت مساء الثلاثاء إيطاليا والولايات المتحدة على لسان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو عن “قلقهما المشترك بشأن وجود القوات الأجنبية سواء الروسية أو التركية في ليبيا”.

وقال دي مايو في أعقاب محادثات مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن إن “الولايات المتحدة أعطت وعدا بالمزيد من الانخراط لتسريع عملية وحدة واستقرار ليبيا”.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، في بيان “إن الوزيرين أكدا خلال اللقاء دعمهما لجهود الشعب الليبي لإعادة الوحدة إلى بلاده، وإجراء الانتخابات الوطنية في ديسمبر المقبل”.

العرب