الوظيفة مقابل الولاء: صورة قاتمة لحال الصناعة العراقية

الوظيفة مقابل الولاء: صورة قاتمة لحال الصناعة العراقية

بغداد – رسم مستشار كبير لرئيس الحكومة العراقية صورة قاتمة للوضع في القطاع الصناعي العراقي بعد 18 عاما من الغزو الأميركي مشيرا إلى وضع استثنائي ساهمت في خلقه حكومات سياسية متعاقبة تعتمد على واردات النفط بدلا من التنمية.

وقال مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لصحيفة “الصباح” بأن 72 في المئة من شركات القطاع العام خاسرة ويتقاضى نحو 400 ألف من العاملين فيها منحا حكومية شهرية على شكل رواتب دون أداء أعمال منتجة منذ عام 2003.

ورغم أن صالح لم يشر إلى الدوافع السياسية لرؤساء الحكومات المتعاقبة في العراق في الافراط في توفير الوظائف “الفضائية” كما صارت تعرف، إلا أن حكومات إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبدالمهدي أمعنت في شراء سكوت مئات الآلاف من الموظفين العراقيين ممن ورثتهم من النظام السابق أو قامت بتعيينهم من دون حاجة حقيقية.

وبلغت ذروة “الوظيفة مقابل الولاء” في عهد نوري المالكي الذي استمر لثماني سنوات أنفق العراق خلالها ما يقدّر بتريليون دولار من العائدات النفطية وغير النفطية من دون رصد أيّ مشاريع تنموية حقيقية، وبالتوسع في التوظيف “الفضائي” الذي تحول إلى عبء على ميزانية الدولة.

وقال صالح إن “من بين 173 شركة عامة أو مملوكة للدولة لا يوجد منها سوى 28 في المئة يعمل ويحقق أرباحا و72 في المئة الباقية تعد شركات خاسرة.”

وأشار إلى أن أكثر من 20 في المئة من الشركات العراقية قد أزيلت من الوجود بسبب العمليات الحربية التي جرت في حرب الخليج الثانية وأدّت إلى زوال النظام السابق، وأن الشركات الرابحة تعود إلى النشاط الريعي لقطاع النفط التي تتمتع بمزايا شبه احتكارية في الحصول على المواد الأولية وتسويق المنتج والأسعار.
ولم تسع الحكومات المتعاقبة إلى الاستثمار في العنصر البشري وكان همّها توزيع الوظائف على أساس محاصصات سياسية وطائفية أتخمت المؤسسات العراقية بموظفين وعمال دون مهام محددة مما خلق جيشا من “البطالة المقنعة” وأدى إلى ترهل استثنائي في الإدارة الحكومية، وأغلق الباب على طاقات شابة جديدة “وصلت متأخرة إلى سوق التوظيف الطائفية والسياسية” على حد وصف مراقب عراقي.

وأوضح المسؤول العراقي أن الخبرات الفنية قد تضاءلت بسبب عدم تراكم الرأس المال البشري والتعلم أثناء العمل ونقل التكنولوجيا أو تجديد خطوط الإنتاج التي باتت مندثرة فنيا، مشيرا إلى أن “الذنب ليس ذنب هؤلاء العمال والموظفين ولكن بسبب التقصير والإهمال في السياسة الاقتصادية التي تعتمد على الإيرادات المالية المتحققة من مبيعات النفط الخام”.

وذكر أن وزارة المالية العراقية حاولت تشغيل المعامل الحكومية وشركاتها ومصانعها المتوقّفة بعد أن مدتها برؤوس أموال تشغيلية وفق قروض مصرفية حكومية لكن لم يتحقق شيء يذكر على أرض الواقع وذهبت الأموال سدى وتلك القروض مع الفائدة تقدر بنحو 16 تريليون دينار عراقي.

وقال المسؤول الحكومي إن “تلك القروض والأموال لم تستطع تحريك عجلة الإنتاج ورفع الإنتاجية وتعظيم كفاءة الإنتاج لاسيما في الشركات الصناعية التي تزيد على 80 في المئة من الشركات المملوكة للدولة، وبقيت القروض بسبب كفالتها سياديا من قبل الحكومة العراقية جزءا لا يتجزأ من إجمالي المديونية الحكومية الحالية وتحسب معها حتى اللحظة”.

وأضاف أن الحكومة العراقية الحالية في إطار ورقة الإصلاح البيضاء التي تبنّتها في العام الماضي كمنهج إصلاحي اقتصادي تعمل على تحويل الشركات الخاسرة المملوكة للدولة المتوقفة أو المتلكئة عن العمل إلى شركات رابحة ومنتجة لزيادة الناتج المحلي الإجمالي للعراق وتقليل الخسائر الفادحة التي يتكبّدها الاقتصاد العراقي.

العرب