قاعدة باغرام الأميركية جنة تجار الخردة في أفغانستان

قاعدة باغرام الأميركية جنة تجار الخردة في أفغانستان

باغرام (أفغانستان) – تعمل القوات الأميركية في أفغانستان على اتباع طريقة سهلة للتخلص من أطنان من معداتها العسكرية البالية والمدمرة عبر بيعها كخردة إلى تجار محليين وسط الاستعداد لمغادرة البلد المدمر بعد 20 عاما من الحرب.

وتفكك تلك القوات جزءا هاما من قاعدة باغرام الجوية، وهي أكبر المواقع الأمامية المتبقية في أفغانستان، حيث تقوم بتدمير أيّ معدات عسكرية لا يمكن نقلها إلى الولايات المتحدة أو تسليمها للجيش الأفغاني إن أمكن ذلك.

واحتضن مكبّ للخردة لتاجر محلي يدعى بابا مير بقايا مركبات عسكرية أميركية صالحة لجميع التضاريس جنبا إلى جنب مع قطع أخرى محطمة كانت ذات يوم مولدات ومسارات دبابات تم تفكيكها إلى قطع معدنية، إضافة إلى وجود جبال من الخيام تحولت إلى قماش مقطع.

وتهدف عمليات تفكيك المعدات العسكرية وتدميرها إلى منع وقوعها مستقبلا في أيدي الجماعات المسلحة، لكن بالنسبة إلى مير والعشرات من بائعي الخردة الآخرين حول باغرام يرون أنها مجرد “نفايات” مثيرة للغضب.

ويشعر العديد من الأفغان بالإحباط والغضب مع خروج الآلاف من القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي، لأنهم وجدوا أنفسهم يواجهون إرثا يلقون فيه باللائمة ولو بصورة جزئية على الأميركيين، خاصة مع وجود حكومة فاسدة تدعمها الولايات المتحدة، وعدم استقرار متزايد يمكن أن ينفجر في مرحلة وحشية جديدة من الحرب الأهلية.

ولا يمثل غضب أصحاب مكبات الخردة سوى جزء صغير من الشعور العام، وهو يستند بالأساس إلى مصلحة شخصية إلى حد ما. فغضب التجار يتركز حول أنهم كانوا سيحققون مكاسب أكبر من بيع معدات سليمة بدلا من أخرى معطبة ومدمرة.

وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده ستنهي “حربها الأبدية” في أفغانستان، دفع مير ما يقرب من 40 ألف دولار مقابل حاوية مليئة بـ70 طنا من المعدات المدمرة.

وقال التاجر الأفغاني لوكالة أسوشيتيد برس إنه سيكسب المال، لكنه سيكون جزءا بسيطًا مما كان يمكن أن يحققه إذا تركوا المعدات على حالها، حتى لو لم تكن في حالة عمل.

وذكر أن قطع غيار السيارات كانت ستباع لجحافل من ورش تصليح السيارات في جميع أنحاء أفغانستان. لكن هذا لا يمكن أن يحدث الآن. فقد تحولت إلى قطع معدنية مشوهة يبيعها مير بثمن أقل.

ويقول تاجر خردة آخر في باغرام يدعى السادات إن ساحات الخردة في جميع أنحاء البلاد مكتظة بالمعدات الأميركية المدمرة، مضيفا أنهم “لم يتركوا لنا شيئا. إنهم لا يثقون بنا. لقد دمروا بلدنا. إنهم يتركون لنا الدمار فقط”.

وفي قاعدة باغرام شمال غرب العاصمة كابول وقواعد عسكرية أخرى، تخزن القوات الأميركية المعدات لإعادتها إلى الولايات المتحدة، كما تشحن عشرات الآلاف من الحاويات المعدنية، التي يبلغ طولها حوالي 20 قدما، على متن طائرات شحن “سي 17” أو عن طريق البر عبر باكستان أو آسيا الوسطى. واعتبارا من الرابع من مايو غادرت أفغانستان بالفعل 60 طائرة من طراز “سي 17” معبأة بالمعدات العسكرية.

ويتكتم المسؤولون على ما يبقى وما يشحن. ويقول مسؤولون أميركيون وغربيون، اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم، إن “معظم ما شُحن إلى الولايات المتحدة هو معدات حساسة وليست هناك نية لتركها أبدا” في أفغانستان.

وتنوي القوات الأميركية تسليم معدات أخرى بما في ذلك طائرات هليكوبتر ومركبات عسكرية وأسلحة وذخائر إلى قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، إضافة إلى تسليم بعض القواعد العسكرية الأخرى، وجرى مؤخرا تسليم قاعدة “نيو أنتونيك” في ولاية هلمند، حيث تسيطر طالبان على ما يقرب من 80 في المئة من المنطقة الريفية.

ومن المقرر أن تمتلئ كوم الخردة بالمعدات والمركبات التي لا يمكن إصلاحها أو نقلها إلى قوات الأمن الأفغانية بسبب سوء حالتها.

ويقول الجيش الأميركي إنه دمر حوالي 1300 قطعة من المعدات حتى الآن. ويتوقع أن يرتفع العدد قبل الموعد النهائي لمغادرة القوات الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر المقبل.

ولا تعد عملية تدمير معدات عسكرية ممارسة جديدة، فقد فعل الجيش الأميركي الأمر نفسه في العام 2014 عندما سحب الآلاف من الجنود وسلم مهمة أمن أفغانستان إلى الأفغان.

وحسب ما قالت متحدثة باسم وكالة “لوجستيات الدفاع” التابعة للجيش الأميركي في ذلك الوقت إن أكثر من 387 مليون جنيه إسترليني (176 مليون كيلوغرام) من الخردة من المعدات والمركبات المدمرة بيعت لأفغان مقابل 46.5 مليون دولار.

وقال مسؤول غربي مطلع على عملية الانسحاب، إن القوات الأميركية تواجه معضلة بشأن تسليم معدات عسكرية بالية ولكنها سليمة، عبر المجازفة بوقوعها في أيدي قوات العدو أو التخلص منها وإغضاب الأفغان.

وأوضح أنه “منذ وقت ليس ببعيد، اكتشفت القوات الأميركية عربتا هامفي وجدتا طريقهما إلى أيدي العدو. تم تجديدها وتعبئتها بالمتفجرات. دمرت القوات الأميركية المركبات، وعزز الحادث سياسة تدمير المعدات”.

لكن أصحاب ساحات الخردة الأفغان والعشرات من الأشخاص الآخرين الذين يغربلون الخردة في الساحات تساءلوا عن المخاطر التي يمكن أن يشكلها خرطوم ماء تم تقطيعه إلى أشلاء أو العشرات من الخيام المقطعة في أكوام على الأرض. وقال حاجي غول وهو تاجر خردة محلي، “دمروا بلدنا والآن يعطوننا قمامتهم. ماذا سنفعل بها؟”.

العرب