ما الجدوى الاقتصادية لسد النهضة وانعكاساته على الاقتصاد الإثيوبي؟ وماذا سيقدم للبلاد في ظل الكلفة السياسية والاقتصادية له؟ الإجابات في هذا التقرير.
ظل سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق -أو “أباي” وفق التسمية باللغة الأمهرية الإثيوبية- على مدى أكثر من عقد من الزمان يثير انشغالا كبيرا في 3 دول هي إثيوبيا ومصر والسودان.
وتعتبر إثيوبيا سد النهضة حجر الزاوية في رؤيتها 2030 للحد من الفقر وسط مواطنيها والذي تتجاوز نسبته 70% وفق إحصاءات الأمم المتحدة، وذلك من خلال توفير طاقة كهربائية للسكان في ظل أن أكثر من 70% منهم لا يحصلون على خدمات الكهرباء، في بلد يبلغ سكانه 115 مليون نسمة، إضافة إلى أنها تطمح بنهاية الرؤية أن تنتج 30 ألف ميغاوات من الكهرباء من المساقط المائية.
أما في دولتي المصب (السودان ومصر) فالخرطوم لديها مخاوف من أن يؤثر السد على سدودها التي تعتمد عليها في ري مشروعاتها الزراعية وتوليد الطاقة الكهربائية في مقابل فوائد عدة ستعود عليها عند اكتمال السد وبدء تشغيله.
وفي مصر التي تعتمد على مياه النيل بنسبة 97% في ري مشروعاتها وشرب مواطنيها فلديها مخاوف من أن تتأثر حياة سكانها بالسد في حال أصبحت إثيوبيا تتحكم في موارد نهر النيل الذي يأتي النيل الأزرق بـ65% من واردات مياهه.
وهذا المشروع قدرت تكلفته بـ4.9 مليارات دولار، ولكن التكلفة سترتفع إلى 8 مليارات بإضافة كلفة شبكات الخطوط الناقلة للكهرباء ومحولاتها، وهذه تمثل حوالي 18% من الناتج المحلي الإثيوبي في عام 2012 -الذي بلغ حوالي 42 مليار دولار- وفقا للبنك الدولي.
كما أشركت إثيوبيا المواطنين في تمويل المشروع بالتخطيط لجمع 3 مليارات دولار عبر سندات يشتريها إثيوبيون سواء من داخل البلاد أو خارجها.
ووقّعت إثيوبيا في أبريل/نيسان 2018 على اتفاقية قروض مع بنوك صينية بقيمة 1.8 مليار دولار لتمويل المحطات الكهربائية، ولذلك فإن جدلا يثور حول الجدوى الاقتصادية وما سيعود على البلاد في ظل تلك الكلفة السياسية والاقتصادية.
يتوقع أن ينتج سد النهضة 6 آلاف ميغاوات من الكهرباء من خلال 13 توربينة. ويمكن أن يحد سد النهضة بنسبة كبيرة من افتقار ثلاثة أرباع الإثيوبيين تقريبا إلى الكهرباء.
ومع خطة إثيوبيا لزيادة التغطية بالكهرباء لسكانها ورفع مستوى استهلاك الطاقة، فإنها تهدف إلى أن تكون مركزا لإنتاج الطاقة النظيفة لسبع دول من وسط وشرق أفريقيا، هي مصر والسودان وإثيوبيا وكينيا ورواندا وبوروندي والكونغو. وفي الوقت الراهن تصدر إثيوبيا كهرباء إلى كل من السودان (300 ميغاوات) وجيبوتي (100 ميغاوات).
وبلغت العائدات من صادرات الكهرباء، عام 2019، إلى السودان وجيبوتي، 66.4 مليون دولار وفقا لبيانات البنك المركزي الإثيوبي. وتخطط أن تصدر إلى كل من كينيا ورواندا 400 ميغاوات، واليمن عبر البحر الأحمر 900 ميغاوات.
وتستعد إثيوبيا لإنتاج طاقة تتجاوز احتياجاتها بأكثر من 50% عقب اكتمال عمل سد النهضة.
ويعتبر عدد من المراقبين بأن تخطيط أديس أبابا لتصدير الكهرباء، يعد من ساحات المنافسة بينها والقاهرة.
وغير توليد الكهرباء سيكون للسد أثر على البيئة من خلال تقليل الاعتماد على الأشجار كمصدر للطاقة على الرغم من أنه تمت إزالة 5 آلاف هكتار من الغابات، لأن أراضيها ستغمرها بحيرة السد. وسوف تخفف طاقة السد من إزالة الغابات، من خلال توفير بديل للوقود.
وتنتج الطاقة الكهرومائية انبعاثات كربون أقل من مصادر الطاقة الأخرى، ويتضمن ذلك الوقود الأحفوري والوقود الحيوي، وسيقوم السد بالحد من الفيضانات.
ويعمل في السد 9 آلاف عامل، من بينهم فقط 400 أجنبي، في بلد تبلغ البطالة فيه، عام 2020، نسبة 19.1% من عدد سكان يبلغ 115 مليون نسمة.
أضرار محتملة
ولكن من ناحية أخرى، فإن السد يمكن أن يكون ضارا، إذ سيقلل نسبة الزراعة بسبب انحسار الفيضانات في وادي النهر للمصب، وبالتالي سيحرم الحقول من الماء.
كما أن حوالي 20 ألف شخص تم تهجيرهم من قراهم إلى أماكن تبعد حوالي 5 كيلومترات على الأقل عن بحيرة السد. كما أن هناك مخاوف من أن يؤدي المشروع إلى زيادة الدَّين الخارجي والذي بلغ حوالي 35 مليار دولار.
المصدر : الجزيرة