الجزائر – فتح الوضع الحاد الذي تعيشه الجزائر، البلد النفطي في شمال أفريقيا، والناتج عن تفاقم أزمة المياه باب التساؤل عن سبب غياب الإجراءات الحكومية العربية لمعالجة أزمة أساسية تعاني منها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعلى الرغم من تحذيرات مراكز دراسات عربية ودولية من تداعيات شح المياه على المنطقة التي يعيش نحو 60 في المئة من سكانها في مناطق شديدة الإجهاد المائي، إلا أن تداعيات هذه الأزمة تبقى متراكمة دون حلول.
وتقول السلطات الجزائرية إن أزمة التزود بالمياه الصالحة للشرب موجودة على الأقل في عشر ولايات (محافظات) من مناطق شمال البلاد ووسطها.
ومنذ أسابيع شهدت عدة ولايات جزائرية احتجاجات تطالب بتزويدها بالمياه الصالحة للشرب على غرار العاصمة الجزائر التي أقدم سكان ضاحيتها الشرقية على قطع الطريق السريعة المؤدية إلى المطار الدولي على خلفية أزمة المياه.
وفي الثامن من يوليو الجاري قال كريم حسني، وزير الموارد المائية والأمن المائي المعين حديثا في الحكومة الجديدة، “ثمة الكثير من المهام ذات الأولوية التي يجب إتمامها لتجاوز الفترة الصعبة التي تمر بها البلاد، بسبب شح الماء ونقص تساقط الأمطار”.
الانقطاع المستمر في الكهرباء يجمع بين سوريا والعراق ولبنان على الرغم من اختلاف أوضاعها الداخلية
وأضاف حسني أن “أولويات القطاع تزويد المواطنين بشكل منتظم بمياه الشرب ومواصلة الورشات الجارية، إضافة إلى التسيير العقلاني لهذا المورد الحيوي”.
واستحدث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون تسمية جديدة لوزارة الموارد المائية، بأن أضاف إليها عبارة الأمن المائي لمواجهة ظاهرة الجفاف وشح المياه لأول مرة.
وفي 27 يونيو الماضي أفادت وزارة الموارد المائية في بيان بأن “الجزائر تعيش على غرار دول البحر الأبيض المتوسط عجزا مائيا ناجما عن التغيرات المناخية التي أثرت بشكل كبير على الدورات الطبيعية للمتساقطات المطرية”.
ويرجع الشيخ فرحات، الخبير الجزائري في شؤون البيئة والمناخ، أزمة العطش في بلاده أساسا إلى التغيرات المناخية الحاصلة في العالم وارتفاع درجات الحرارة وضعف تساقط الأمطار وكذلك التلوث الصناعي.
ويقول فرحات إن “التغيرات المناخية لا تقتصر على الجزائر فقط، بل تشهدها دول المغرب العربي ومختلف دول العالم”.
ولم تكن الجزائر الوحيدة التي تعيش هذا الوضع في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، حيث يواجه السكان خطرا وجوديا جراء ندرة المياه.
ولم تكن أزمة المياه في بعض بلدان الشرق الأوسط، خاصة لبنان وسوريا والعراق، هي الوحيدة؛ فالأخير رغم أنه بلد نفطي يعاني هو الآخر من انقطاعات مستمرة في الكهرباء، وهو ما يثير موجة من التساؤلات عن سبب غياب الحلول.
وعلى الرغم من اختلاف الأوضاع في سوريا والعراق ولبنان إلا أن تطابقا جمع هذه البلدان في قالب واحد وهو “الظلام الحالك”، خصوصا في فصل الصيف الحار.
ورغم أن العراق يعد ثاني أكبر منتج للنفط الخام في أوبك وهو أيضا أحد كبار منتجي الغاز فإنه لم يستطع الهروب من العتمة حيث عاشت العاصمة بغداد ليالي حالكة دون كهرباء.
وينتج العراق 19 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، بينما يحتاج فعليا إلى 26 ألف ميغاواط في الشتاء وإلى أكثر من 30 ألف ميغاواط في ذروة الصيف.
وقدم وزير الكهرباء العراقي ماجد حنتوش هذا الشهر استقالته إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي دون تقديم حلول للأزمة المتفاقمة في القطاع.
وحاولت الحكومة العراقية معالجة الأزمة من خلال تخصيص 45 مليون دولار بهدف إصلاح أبراج الطاقة المدمرة.
السلطات الجزائرية تؤكد إن أزمة التزود بالمياه الصالحة للشرب موجودة على الأقل في عشر ولايات من مناطق شمال البلاد ووسطها
كما لم تكن دمشق أفضل حالا من بغداد، حيث يبلغ متوسط الطلب اليومي على الكهرباء في سوريا 6500 ميغاواط ويرتفع صيفا إلى 7000 ميغاواط، بينما لا يتجاوز حجم الإنتاج المحلي الثلث، وتضطر البلاد إلى قطع التيار الكهربائي لتوزيع الأحمال بين 8 و10 ساعات يوميا.
وفي أواخر يونيو الماضي قال وزير الكهرباء السوري غسان الزامل إن زيادة عدد ساعات التقنين للكهرباء جاءت بسبب النقص في مادتي الغاز والفيول (الوقود المخصص للتوليد). كما تحدث الوزير السوري أمام مجلس الشعب في بداية نوفمبر الماضي عما أسماه “المعاناة الكبيرة” في تأمين الغاز والفيول لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
أما لبنان فليس حديث عهد بالظلام، لكنه اشتد إثر الأزمة المالية الطاحنة التي تضرب البلاد منذ قرابة العامين، حيث يعاني من أسوأ أزمة مرتبطة بالتغذية الكهربائية نتيجة شح الدولار.
وتجاوز سعر صرف الدولار الواحد الـ19 ألف ليرة في السوق السوداء، بينما يبلغ سعره الرسمي بحسب البنك المركزي 1510 ليرات، وهو سبب شح الدولار داخل الأسواق المحلية.
وفي مايو الماضي توقفت المحطات العائمة المستأجرة من قبل الحكومة لتوليد الكهرباء عن الإنتاج، وقد كانت توفر حوالي 400 ميغاواط يوميا.
وانسحبت البواخر إثر نزاع مع الحكومة اللبنانية التي لم تدفع مستحقاتها البالغة 150 مليون دولار خلال 14 شهرا، بسبب نزاع قضائي متصل بالفساد ودفع عمولة لدى توقيع العقود في 2013.
ويحتاج لبنان إلى 3000 ميغاواط تتكفل شبكة الكهرباء الموازية “مولدات” بنصفها، فيما تتكفل معامل إنتاج الطاقة بتأمين النصف الآخر.
وأصدر الرئيس اللبناني ميشال عون هذا الشهر موافقة استثنائية في خضم الأزمة من أجل فتح اعتمادات مستندية لشراء المحروقات اللازمة لمؤسسة كهرباء لبنان عبر “سلفة” خزينة.
واستورد لبنان وقودا لتوليد الكهرباء بحوالي 900 مليون دولار في 2020، وسط تآكل في احتياطي العملات الأجنبية بالمصرف المركزي من 40 مليار دولار إلى 16 مليار دولار.
العرب