أسقطت الحشود التونسية الغاضبة في تونس غطاء الشرعية السياسية عن حركة النهضة الإخوانية وأنهت سنوات حكم التنظيم في البلاد بعد عقود من الفساد والفوضى.
وعقب تظاهرات حاشدة شهدتها البلاد الأحد احتجاجا على تدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية واستمرار ممارسات الإخوان في إفساد المؤسسات واختراق القضاء وممارسة العنف ضد المعارضين، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد مجموعة من القرارات الاستثنائية لمواجهة التنظيم الإرهابي.
ووفق مراقبين فإن حركة النهضة قد تجاوزت ما يمكن وصفه بالفساد خلال مشاركتها بالحكم واستغلت البلاد لخدمة أهداف التنظيم الدولي للإخوان وسعت لجعل تونس منصة لدعم الإرهاب في محيطها الإقليمي.
وقال مراقبون تحدثوا لـ”سكاي نيوز عربية” إن حركة النهضة ارتكبت جرائم بحق التونسيين كما تجاوزت جرائمها الحدود لتطال دولا إقليمية، خاصة ليبيا، التي وقعت فريسة للأطماع التركية والأهداف التي سهلتها تركيا وفتح البلاد كممرات لنقل السلاح والمرتزقة إلى الداخل الليبي، وفي الداخل، فشلت حركة النهضة في تحقيق أي وعود انتخابية، كما تسببت في انزلاق البلاد لمنحدر الاغتيالات السياسية والتحارب.
وأكد المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي أن النهضة عملت لصالح أجندة التنظيم العالمي للإخوان وليس وفق أجندة وطنية، ويغيب عن أدبياتها تماما مفهوم الدولة وقيم الوطنية، وبالتالي عندما وصلت إلى صنع القرار الساسي في تونس إبان الانتخابات التي جرت عقب 2011، لم تقدم أي جديد للسياسة التونسية، وكانت صفرا من المشاريع السياسية الوطنية وكذلك صفرا في القدرة على إدارة الدولة.
فشل وفساد إداري ومؤسسي
وأوضح “اليحياوي”، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، أن حركة النهضة لا تمتلك الأدوات التي تمكنها من إدارة الدولة أو تشكيل الحكومة بما تطلبه هذه العملية من إدراك لمختلف المعطيات، بالإضافة إلى غياب مفهوم الدولة القطر، طبعا أولوياتها مختلفة تماما عن هذا التنظيم الهلامي الذي لا يؤمن بالوطن ويعمل فقط لمصالحه الخاصة.
ويتابع “اليحياوي” أن جل تحركات حركة النهضة الإخوانية كانت تصب لصالح أجندات خارجية، مؤكدا أن العمل لصالح هذا التنظيم برأسيه قطر وتركيا كانت مسبقة على مصالح الوطن في تونس.
الجرم الأكبر بحق ليبيا
ويؤكد الباحث التونسي أن الجريمة الكبرى لحركة النهضة هي ما اقترفته بشأن ليبيا، الجارة العربية، التي تأذت بسبب تمكن حركة النهضة من مفاصل الدولة في تونس، وتواجدها على رأس دوائر صناعة القرار، وهو ما جعلها تقدم الكثير من التسهيلات للأطراف التي أرادت العبث بـ”الجغرافيا الليبية”، ولذلك كانت مساهمة حركة النهضة كبيرة جدا في تسهيل عمل تركيا في ليبيا وسهلت، خلال فترة حكمها للبلاد، مرور المسلحين والمتطرفين إلى ليبيا عبر الأراضي التونسية، كما عبرت الأسلحة من حوض البحر المتوسط إلى ليبيا.
نفاق وتملق سياسي
من جانبه يصف بسام حمدي المحلل السياسي التونسي وصول حركة النهضة إلى الحكم في تونس بأنه ارتكز على ما يمكن وصفه بالنفاق الانتخابي، يتضح ذلك من خلال عدم التزامها بما وعدت به قبيل الانتخابات وأهمها تحقيق التنمية في البلاد، لكنها لم تقدر على تحقيق أي نمو اقتصادي بالعكس تزايدت نسب الفقر والبطالة والجريمة في البلاد، في الفترة حكمت فيها البلاد وحتى اليوم.
ويقول حمدي في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” إن حركة النهضة لم تقدر حتى اليوم على تنفيذ أيا من وعودها الانتخابية خاصة ما يتعلق بالعدالة الانتقالية وتحقيق الكثير من الأمور التي طال انتظارها من جانب التونسيين، المتعلقة بالنمو الاقتصادي والتعددية السياسية، بل خضعت في كثير من المناسبات للإملاءات المرتبطة بالحلف التركي القطري، أكثر من كونها اتجهت لتحقيق استقلالية مالية لتونس.
ويؤكد حمدي أن النهضة خدعت التونسيين خلال العملية الانتخابية، وفي المقابل لم تفِ بوعودها بل أسهمت بشكل كبير في تفاقم الأزمات بالولاءات الخارجية.
الشرق الاوسط / سكاي نيوز