الراعي يدعو الجيش لمنع حزب الله من تسخين جبهة الجنوب

الراعي يدعو الجيش لمنع حزب الله من تسخين جبهة الجنوب

بتسخينه للجبهة الجنوبية على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، يسعى حزب الله لحرف الأنظار عن التحقيقات بشأن حادثة انفجار مرفأ بيروت والتي تشير مصادر غربية ومحلية إلى تورط الحزب فيها. ومع تنامي الضغوط الداخلية والخارجية للكشف عن الجناة تأتي المناوشات مع إسرائيل للتخفيف من حدة تلك الضغوط على الحزب.

بيروت – دعا البطريرك الماروني في لبنان مار بشارة بطرس الراعي الأحد الجيش اللبناني إلى منع إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل، محذرا من تسخين الأجواء على الجبهة الجنوبية لحرف الأنظار عن التحقيقات بشأن انفجار مرفأ بيروت قبل عام والتي لا تزال تراوح مكانها بسبب الحسابات السياسية والمصالح الحزبية.

وتأتي تحذيرات الراعي بعد ساعات من كلمة ألقاها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تعهد فيها بالردّ على أي هجمات إسرائيلية على لبنان ووجه فيها أيضا اتهامات مباشرة لقاضي التحقيق في انفجار بيروت وصفه فيها بـ”المسيّس”.

وتساءلت أوساط سياسية لبنانية عن سبب تهجم نصرالله على المحقق في حادثة بيروت رغم أنه لم يوجه اتهامات لأي طرف سياسي بالمسؤولية عن الحادثة بما في ذلك حزب الله.

وتشير هذه الأوساط إلى أن الأمين العام لحزب الله بوضع نفسه في مواجهة مع المحقق يعزز الشكوك التي تتداولها وسائل إعلام غربية ومحلية في وجود دور ما للحزب في حادثة انفجار مرفأ بيروت.

ولم يرشح عن تحقيقات القاضي طارق بيطار ما يؤشر على وجود علاقة بين نترات الأمونيوم التي تسببت في انفجار المرفأ وبين حزب الله، إلا أن الحزب آثر حشر نفسه.

بطرس الراعي: أدعو الجيش إلى منع إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية
واستدعى بيطار مشتبها بهم، وهو لم يحدد حتى الآن أي وجهة لمسار التحقيق، باستثناء أن ثمة مسؤولين حكوميين يجب أن تتم مساءلتهم، وربما لاحقاً محاسبتهم، وليس من بين هؤلاء -حتى الآن- أي مسؤول من حزب الله.

وقال نصرالله السبت إن القاضي الذي يحقق في انفجار مرفأ بيروت “مسيس”. وأضاف “بشكل رسمي أقول لعوائل الشهداء هذا المحقق القضائي عم يشتغل سياسي. هذا تحقيق مسيس”.

وأضاف “أنا لا أقول إن تغيروا القاضي ولكن القاضي يجب أن يشتغل وحدة معايير وما يشتغل استنسابية وأن يعلن عن نتيجة التحقيق الفني والقضائي ويرجع يمشي الملف بمساره الطبيعي”.

وانتقد آخرين -لم يذكرهم بالاسم- على إلقائهم اللوم على حزب الله وتحميله مسؤولية وجود شحنة نترات الأمونيوم التي تسببت في الانفجار.

وقال “الخصوم والأعداء ذهبوا إلى فرضيات… الذي جاء بالنترات حزب الله والذي خزنها في العنبر 12 حزب الله والذي حافظ عليها حزب الله والذي منع نقلها من العنبر 12 حزب الله .طيب دليلك حبيبي، دليلك على هذا الاتهام البشع الشنيع؟ ما في”.

وفي بلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية اغتيالات وتفجيرات وحوادث عديدة لم يكشف النقاب عن أي منها، إلا نادرا، ولم يحاسب أي من منفذيها لا يزال اللبنانيون -وعلى رأسهم أهالي 214 قتيلاً وأكثر من ستة آلاف جريح- ينتظرون أجوبة عن أسئلتهم: من أتى بهذه الكمية الضخمة من نترات الأمونيوم إلى بيروت؟ لماذا تُركت سبع سنوات في المرفأ؟ ومن كان يعلم بها وبمخاطرها؟ وما هي الشرارة التي أدت إلى وقوع أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم؟

وتؤكد مصادر قضائية أن الجزء الأكبر من التحقيق انتهى. لكن الحصانات والأذونات السياسية تقف عائقاً أمام استدعاء نواب ووزراء سابقين ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزين كميات هائلة من نترات الأمونيوم في المرفأ، ولم يحركوا ساكناً لإخراجها منه.

ويُشكك كثيرون في إمكانية التوصل إلى حقيقة ما حصل أو حتى محاسبة أي مسؤول سياسي أو أمني بارز.

واتهمت منظمة العفو الدولية الإثنين الماضي السلطات اللبنانية بأنها تعرقل “بوقاحة” مجرى التحقيق في انفجار مرفأ بيروت للتوصل إلى الحقيقة وإنصاف الضحايا.

وقالت المنظمة في بيان إن “السلطات اللبنانية أمضت السنة المنقضية وهي تعرقل بوقاحة بحث الضحايا عن الحقيقة والعدالة في أعقاب الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت”.

وأضافت أن “الجهود التي بذلتها السلطات اللبنانية بلا كلل ولا ملل طوال العام لحماية المسؤولين من الخضوع للتحقيق عرقلت على نحو متكرر سير التحقيق”.

وقالت لين معلوف، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، “لقد تقاعست الحكومة اللبنانية على نحو مأساوي عن حماية أرواح شعبها، تماماً مثلما قصّرت لمدة طويلة للغاية في حماية الحقوق الاجتماعية – الاقتصادية الأساسية”.

وحلت الخميس الماضي الذكرى السنوية الأولى للانفجار الذي سوى مساحات شاسعة من العاصمة اللبنانية بالأرض وأودى بحياة أكثر من 200 شخص.

وتعتبر أوساط سياسية لبنانية أن تهديدات حزب الله بالتصعيد مع إسرائيل على الجبهة الجنوبية تأتي في سياق حرف الأنظار عن التحقيق القضائي في انفجار بيروت الذي قد يفضي إلى توجيه اتهامات رسمية للحزب بالمسؤولية عن الحادثة.

وأكد بطرس الراعي أنه “تم تسخين جبهة الجنوب لحرف الأنظار عن حدث 4 أغسطس”، متوجها للمسؤولين بالسؤال “كيف ستقنعون الشعب بأنكم أهل لقيادته، وكل يوم تزجونه في أزمة جديدة؟”.

واشتعلت الحدود اللبنانية – الإسرائيلية الأسبوع الماضي بصورة مفاجئة فأطلقت ميليشيا حزب الله 19 قذيفة صاروخية من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل التي ردت بدورها بقصف مدفعي وسط تحليق مكثف لطيرانها في أجواء الجنوب اللبناني.

ويعود آخر توتر عسكري بين لبنان وإسرائيل إلى عام 2019، حين استهدف حزب الله آلية عسكرية إسرائيلية في هجوم قال إنه كان ردا على هجومين إسرائيليين ضدّه في سوريا ولبنان.

ويتجاهل تصعيد حزب الله الوضع الداخلي المتأزم في لبنان سياسيا واقتصاديا، في حين لا أحد يشكّ في أن الوضع العام في لبنان لا يتحمل مثل هذا التصعيد والمجازفة غير المحسوبة.

ووصفت الأمم المتحدة التصعيد بـ”الخطر”، ودعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانّا فرونتسكا الجمعة إلى الالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 والحفاظ على الأمن والاستقرار جنوب البلاد.

وقال نصرالله إن “أي غارة إسرائيلية جديدة على لبنان سنرد عليها حتماً بشكل مناسب ومتناسب”، وأضاف “لن نفرط في ما أنجزته المقاومة في 2006 أياً كانت التضحيات أو المخاطر لأن ذلك سيجعل العدو يستبيح البلد”.

وتؤكد تصريحات نصرالله هذه ما ذهبت إليه أوساط سياسية في وقت سابق، حيث قالت إن الحزب لن يتوانى في الدفاع عن مصالحه السياسية والحزبية الضيقة حتى ولو كان ذلك على حساب الشعب اللبناني الذي يكابد من أجل توفير لقمة العيش والضروريات الحياتية اليومية من كهرباء ودواء ورغيف.

العرب