بيروت – دخل المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم على خط المنافسة مع مؤسسة الجيش، وظهر في تصريح نادر وهو يدافع عن أوضاع منظوريه من منتسبي المؤسسة الأمنية بعد أن حظي منتسبو الجيش باهتمام إقليمي ودولي وتلقوا وعودا بدعم سخي لتحسين أوضاعهم المعيشية.
وقالت أوساط لبنانية مطلعة إن الهدف من وراء خطاب عباس إبراهيم إلى المؤسسة الأمنية ودعوة منتسبيها إلى الصمود، رغم الوضع الصعب، هو لفت النظر إلى أن هناك مؤسسة أمنية في لبنان تقوم بدور يضاهي دور الجيش، وأنها تستحق الاهتمام ليس فقط من حيث الدعم المالي، ولكن وهو الأهم قراءة حساب لوزنها سياسيا.
اللواء إبراهيم يبحث عن اعتراف خارجي يلعب من بوابته دورا معادلا لدور قائد الجيش
وأشارت الأوساط اللبنانية إلى أن مدير الأمن، الذي عرف بالأساس بلعب أدوار خارجية ووساطات خاصة في الموضوع السوري، بات يبحث عن دور داخلي في بلد يشهد صراعا كبيرا على تقاسم النفوذ بين شخصيات وأحزاب وتحالفات محلية بارتباطات خارجية.
ورجّحت هذه الأوساط أن اللواء إبراهيم يبحث عن اعتراف خارجي يلعب من بوابته دورا معادلا لدور قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي حظي بزيارات ولقاءات وسط حديث عن رهان إقليمي ودولي عليه لضبط الوضع الأمني في البلاد، ومنع انزلاق لبنان إلى فوضى تهدد محيطه.
وفي نشرة توجيهية لعسكريي الأمن العام قال المدير العام للأمن العام “يمر لبنان بحالة انعدام وزن سياسي واقتصادي، وحتى أمني وعسكري جراء الانهيار الكبير الذي ضرب الدولة وقوّض مؤسساتها وأنهك مواطنيها”.
وقال موجها كلامه لمنتسبي المؤسسة الأمنية إن “التأزّم الذي يمرّ به لبنان قد يطول، واجبكم الصمود والوقوف سدّا منيعا حماية لوطنكم وأهلكم وشعبكم، لأنه متى سقطت الدولة فستقع على الجميع بلا استثناء، والكل سيُصبح في عين الفوضى وعلى خط التوترات”.
واعتبرت الأوساط اللبنانية أن كلام إبراهيم هدفه إشعار منتسبي المؤسسة الأمنية أنهم يمكن أن يلعبوا دورا مهما في حماية لبنان، وأنهم ليسوا أقل من مؤسسة الجيش ومنتسبيها، وهو موقف يخفي قلقا لمدير الأمن من تنامي دور الجيش خصوصا بعد تدخل الجيش في قضية الصدامات جنوب بيروت وفي عكار فنيدق، حيث ظهر في صورة الضامن الوحيد لأمن البلاد.
وكانت كلمة اللواء إبراهيم تشير إلى الأزمة المالية الطاحنة التي تعصف بلبنان منذ عامين وتفاقمت هذا الشهر مع نفاد إمدادات المحروقات المستوردة مما أدى إلى تقليص الخدمات الأساسية أو حتى توقفها وأشعل العديد من الحوادث الأمنية.
وأشار إلى تأثير الأزمة على عسكريي الأمن العام قائلا “إن المديرية العامة للأمن العام تعلم، وعلى معرفة تامة، بكل ما تُعانونه من شظف العيش، شأنكم شأن شعبكم ورفاقكم في سائر المؤسسات العسكرية والأمنية، وهنا أؤكد لكم أن المديرية تولي هذا الأمر عناية خاصة على كل المستويات”.
ولفت مدير الأمن إلى تأثّر مختلف الأجهزة الأمنية والبلاد ككل بالأزمة، وقال “لقد أقسمتم على الخدمة والتضحية، كونوا أوفياء لقسمكم أمام الله ووطنكم، ثابروا على أداء واجبكم، تحلوا بالمناقبية العسكرية في تطبيق القوانين والتعليمات لرفع مناعة الدولة في وجه الظروف الصعبة التي يعاني منها جميع اللبنانيين، مدنيين وعسكريين”.
وقال مراقبون لبنانيون إن كلمة اللواء إبراهيم هي بمثابة لفت نظر إلى الفاعلين الخارجيين ليهتموا بأوضاع الأمنيين في لبنان تماما مثلما فعلوا مع المؤسسة العسكرية التي تلقت مساعدات من أكثر من جهة خارجية وتنتظر وعودا أخرى تقوم على تحسين مستوى عيش منتسبيها والرفع من قيمة رواتبهم.
وجاءت كلمة مدير الأمن على خطى كلمة قائد الجيش، التي ألقاها في مؤتمر افتراضي نظمته فرنسا لدعم الجيش اللبناني في يونيو الماضي، ونوه فيها بأداء العسكريين “الذين يواجهون هذه الظروف الصعبة بعزيمة وإصرارٍ (…) رغم تدهور قيمة الليرة ما أدّى إلى تدني قيمة رواتبهم بنسبة تقارب 90 في المئة”.
وقال العماد جوزيف عون إن “استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان سيؤدّي حتما إلى انهيار المؤسسات ومن ضمنها المؤسسة العسكرية، وبالتالي فإن البلد بأكمله سيكون مكشوفا أمنيا”.
وأضاف “يبدو واضحا انعدام فرص حلول الأزمة الاقتصادية في الوقت القريب، ولذلك تزداد الحاجة أكثر إلى دعم الجيش الذي يحظى بثقة المواطن ومساندته كي يبقى متماسكا وقادرا على القيام بمهامه”.
العرب