هجوم عدن يستهدف نسف الجهود الدولية لترميم صفوف الشرعية

هجوم عدن يستهدف نسف الجهود الدولية لترميم صفوف الشرعية

عدن – استفاقت مدينة خور مكسر وسط العاصمة اليمنية المؤقتة عدن الأحد على مشهد دمار كبير خلفه تفجير بسيارة مفخخة استهدف مدخل مطار عدن الدولي، وأدى إلى مقتل 12 شخصا وإصابة العشرات.

وتقول أوساط سياسية يمنية إن الهجوم الذي لم تعلن أي جهة بعد عن تبنيها له، يستهدف تكريس حالة اللا ستقرار والفوضى في العاصمة المؤقتة، والإبقاء على فجوة الثقة قائمة بين فرقاء السلطة الشرعية.

وتشير الأوساط إلى أن العديد من الأطراف الداخلية والإقليمية لديها مصلحة في ما يحدث داخل عدن، حيث تنظر هذه الأطراف وفي مقدمتها الحوثيون وحزب الإصلاح الإخواني إلى التحركات الدولية الأخيرة الرامية إلى توحيد صفوف الشرعية، على أنه تهديد مباشر لأجندتهم القائمة على تفتيت اليمن، وإبقائه في حالة حرب دائمة.

وأعلن وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني فجر الأحد ارتفاع حصيلة التفجير الذي شهده محيط مطار عدن الدولي مساء السبت إلى 12 قتيلا. واعتبر الإرياني في بيان أن “هذه الهجمات الإرهابية هي محاولة للإضرار بجهود الحكومة في تطبيع الأوضاع وتثبيت الأمن والاستقرار، ولا تخدم سوى ميليشيا الحوثي الإرهابية”.

معمر الإرياني: الهجمات الإرهابية محاولة للإضرار بجهود تطبيع الأوضاع في عدن

وانفجرت مساء السبت سيارة مفخخة قبالة البوابة الرئيسية لمطار عدن بمدينة خور مكسر، وكان المسؤول الإعلامي لمطار عدن عادل حمران صرح في وقت سابق‎ بأن حصيلة ضحايا التفجير بلغت أكثر من 10 أشخاص و20 مصابا، قبل أن يعلن الإرياني عن الحصيلة الجديدة.

وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” بأن رئيس الحكومة معين عبدالملك وجه “اللجنة الأمنية في عدن بإجراء تحقيق عاجل حول ملابسات هذا التفجير”، فيما أعلنت اللجنة الأمنية بمحافظة عدن الأحد عن استمرار حركة الملاحة الدولية بالمطار.

واعتبرت اللجنة في بيان أن “الحادثة تهدف إلى تقويض حالة الأمن والاستقرار والسكينة العامة في عدن، من قبل قوى التطرف والإرهاب (لم تحددها)”.

وتعرضت مدينة عدن وهي العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دوليا، لعدة تفجيرات دامية على مدار السنوات الماضية، وتوجه أصابع الاتهام عادة إلى المتمردين الحوثيين، وأيضا إلى جماعات متطرفة أخرى كجماعة الإخوان المسلمين وتنظيم داعش.

وسبق وأن كان مطار عدن هدفا لهجوم بصواريخ باليستية في الثلاثين من ديسمبر الماضي، استهدف حينها مبنى المطار عند وصول أعضاء الحكومة اليمنية الجديدة إليه، وأدى الهجوم إلى سقوط 26 قتيلا على الأقل، من بينهم ثلاثة موظفين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر وصحافي.

ويرى مراقبون أن توقيت التفجير الأخير يحمل أكثر من دلالة، حيث يتزامن مع احتدام المعارك بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية في محافظة مأرب الاستراتيجية، التي ينظر إليها على أنها المعركة الفاصلة التي ستقلب موازين القوى التي ظلت متأرجحة دون حسم منذ انفجار الصراع في العام 2014.

ويشير المراقبون إلى أن المجتمع الدولي يتأهب لقرب حسم المعركة في مأرب، والتي يبدو أنها تميل عسكريا لصالح المتمردين الذين باتوا يقتربون عمليا من حصار المدينة، بعد التقدم الذي أحرزوه في الأيام الأخيرة في غرب وجنوب المحافظة.

وتذهب التقديرات الغربية إلى أن سقوط مأرب مسألة وقت في حال استمر القتال على النحو الجاري، وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور فإنه يفضل البدء ببعض الخطوات العملية لتهيئة الوضع للمرحلة المقبلة، وأولى الخطوات في ذلك ترميم السلطة الشرعية وتعزيز الشراكات السياسية بين أجنحتها المتصارعة.

وكان وفد أوروبي رفيع المستوى زار الأسبوع الماضي العاصمة المؤقتة، والتقى بمسؤولين من الحكومة وعلى رأسهم رئيس الوزراء معين عبدالملك ووزير الخارجية أحمد بن مبارك، كما اجتمع الوفد برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، والمجلس الأعلى للحراك الثوري الذي يقوده فؤاد راشد، وعدد من القوى الحية الأخرى.

ويعد الوفد الأوروبي الأرفع مستوى الذي يزور عدن منذ تشكيل الحكومة الحالية نهاية العام الماضي.

ويوجد في عدن منذ أسابيع رئيس الحكومة ووزراء، معظمهم ينتمون إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، فيما يمتنع وزراء آخرون عن الالتحاق بالفريق الحكومي، متذرعين بضرورة تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض.

وشدد الوفد الأوروبي خلال الزيارة على أهمية دعم الحكومة، وضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، كما أكد الوفد ضرورة مشاركة الحراك الجنوبي في أي تسوية مستقبلية للأزمة اليمنية.

وتم تشكيل حكومة مناصفة بين محافظات الشمال والجنوب في ديسمبر الماضي بناء على اتفاق الرياض، الذي لم ينفذ منه الشق العسكري، خصوصا في ما يتعلق بدمج قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة والمجلس الانتقالي تحت قيادة وزارتي الداخلية والدفاع.

وتكشف التطورات الراهنة أن فرص تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق الذي ترعاه السعودية تتضاءل، وأن بعض الأطراف تعمل جاهدة على وضع عراقيل أمام إمكانية السير فيه.

وأثار الهجوم الأخير على عدن ردود فعل عربية وخليجية منددة ومستنكرة، حيث أدان نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، التفجير ووصفه بـ”العمل الإرهابي الجبان”.

وأكد الحجرف في بيان “رفض دول المجلس لهذه الأعمال الإرهابية التي تتنافى مع المبادئ الدينية والقيم الأخلاقية والإنسانية كافة”.

ووصفت الخارجية السعودية الهجوم بـ”الجبان”. وقالت في بيان إن “هذا العمل الإرهابي الذي تقف خلفه قوى الشر ليس موجّها ضد الحكومة اليمنية الشرعية فحسب، بل أيضا للشعب اليمني الشقيق بكامل أطيافه ومكوناته السياسية الذي ينشد الأمن والسلام والاستقرار والازدهار، في الوقت الذي تقف قوى الظلام في طريق تحقيقه لتطلعاته”.

وأدانت وزارة الخارجية الكويتية التفجير ووصفته بـ”الإرهابي”. وأكدت في بيان “موقف الكويت المبدئي والثابت المناهض للعنف والإرهاب بكافة أشكاله وصوره”.

العرب