مينسك – انخرطت دول شرق أوسطية، من بينها الإمارات وتركيا والعراق، في مساعي الحد من الهجرة إلى بيلاروسيا من خلال إجراءات لتقييد السفر عبر الرحلات باتجاه العاصمة مينسك.
ومنعت الإمارات مواطني أفغانستان وسوريا واليمن والعراق من ركوب الرحلات الجوية المتجهة إلى منسك التي يتهمها الأوروبيون بجلب المهاجرين ودفعهم إلى حدود أوروبا لخلق أزمة إنسانية، وذلك ردا على العقوبات الأوروبية ضدها.
وقالت شركة بيلافيا المملوكة لحكومة روسيا البيضاء في إشعار إن قرار الحكومة الإماراتية صدر الأحد.
ويحتمي آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط في درجة حرارة متجمدة بالغابات على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا -العضوين في الاتحاد الأوروبي- اللتين ترفضان السماح لهم بالعبور.
وكانت الشركة قد قالت الجمعة إن السلطات التركية منعت بدورها رعايا سوريا والعراق واليمن من الصعود على متن رحلات جوية متوجهة إلى بيلاروسيا.
ويوم السبت قالت شركة أجنحة الشام للطيران -وهي شركة سورية خاصة- إنها ستتوقف عن تسيير رحلات إلى مينسك. كما علّق مطار أربيل الدولي في إقليم كردستان شمالي العراق الاثنين جميع الرحلات الجوية المغادرة إلى بيلاروسيا.
جاء ذلك وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية على لسان مدير مطار أربيل الدولي هوشيار أحمد الذي قال إن “جميع الرحلات المتوجهة إلى بيلاروسيا من مطارات العراق توقفت إلى إشعار آخر”.
وكانت السلطات العراقية علقت الرحلات الجوية بين بغداد وبيلاروسيا في الخامس من أغسطس الماضي، باستثناء تلك التي أعدّت لإعادة المهاجرين العراقيين إلى البلاد.
وبالتوازي مع ذلك أوضح متحدّث الخارجية أحمد الصحاف للقناة التلفزيونية الرسمية الأحد أن بغداد ستسيّر أول رحلة لإعادة المهاجرين العراقيين العالقين على الحدود في بيلاروسيا في الثامن عشر من نوفمبر الجاري.
وأعلنت الحكومة العراقية في أغسطس الماضي إجلاء 690 من مواطنيها العالقين على الحدود بين بيلاروسيا وليتوانيا شرقي أوروبا.
ومنذ أشهر يحاول آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط العبور من بيلاروسيا إلى بولندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وقد تصاعدت التوترات الأسبوع الماضي بالتزامن مع رفض حرس الحدود البولندي مرور هؤلاء.
وعرض التلفزيون البيلاروسي لقطات تُظهِر المئات من المهاجرين -معظمهم من الشرق الأوسط، ومن بينهم عشرات الأطفال- محتشدين عند معبر حدودي مغلق الاثنين في بلدة كوزنيكا البولندية، بعد تمضيتهم الليل حول جذوع أشجار أوقدوها من أجل التدفئة في مخيم مؤقت.
وتبين وثائق وروايات شهود أن الآلاف من الأشخاص حصلوا على تأشيرات سياحية في الأشهر الأخيرة بمساعدة وكالات للسفريات في الشرق الأوسط تعمل من خلال شراكة مع شركات سياحية في بيلاروسيا.
ونشرت بولندا وليتوانيا وثائق يقول البلدان إنها تثبت أن شركة سفر واحدة على الأقل تملكها دولة بيلاروسيا سهلت للراغبين في الهجرة زيارتها بدءا من شهر مايو، في حين رفعت شركة طيران تابعة للدولة عدد رحلاتها بأكثر من المثلين على مسار رائج يستخدمه الساعون للحصول على اللجوء.
وأظهرت الوثائق التي نشرتها بولندا أن قرابة 200 عراقي حصلوا على دعم في إصدار التأشيرات من شركة سفريات تديرها الدولة في بيلاروسيا للسفر من أجل الصيد البري وأغراض أخرى.
وتحدث مهاجرون ووكلاء سفريات في العراق وتركيا عن السهولة النسبية التي حصلوا بها على وثائق للسفر إلى بيلاروسيا في الأشهر الأخيرة.
ورغم التكلفة التي أوضح مهاجرون عراقيون أنها تراوحت بين 1250 و4000 دولار للوصول إلى مينسك فقد أكمل الآلاف الرحلة بالحصول على التأشيرات بمساعدة شركات من بيلاروسيا واستقلال رحلات جوية تجارية بعد أن تزايدت وتيرتها منذ فصل الربيع.
فعلى سبيل المثال سيّرت شركة بيلافيا 28 رحلة من إسطنبول إلى مينسك خلال فبراير الماضي و31 رحلة خلال مارس. وبحلول يوليو تجاوز عدد الرحلات المثلين ليصل إلى 65 رحلة، وذلك وفقا لبيانات موقع فلايت رادار 24 الإلكتروني لرصد الرحلات الجوية.
وتحرك الاتحاد الأوروبي للتصدي لهذه الموجة. ووسط ضغوط من بروكسل أوقفت بغداد الرحلات الجوية من العراق إلى مينسك خلال الخريف. ويوم الجمعة أكدت شركتا بيلافيا والخطوط الجوية التركية أنهما ستتوقفان عن نقل المسافرين من اليمن والعراق وسوريا إلى مينسك باستثناء الدبلوماسيين.
وساعدت على تحقق هذه الزيادة في أعداد المهاجرين وكالات سفريات وشركات صغيرة ومهربون وسائقون يسعون لتحقيق الاستفادة المالية، وذلك وفقا لما قاله مسافرون متجهون إلى الحدود أو وصلوا إليها بالفعل.
واعتبر المهاجرون أن الوصول إلى أوروبا برًّا فرصة تجنبهم الرحلة البحرية المحفوفة بالمخاطر، لاسيما عند السفر مع أطفال صغار. وقرأ هؤلاء على وسائل التواصل الاجتماعي إشعارات تقرّ بأن التأشيرات أصبحت متاحة بسهولة.
وعرض وسطاء ووكلاء خدماتهم على المهاجرين. ومن هؤلاء حسين الأصيل العراقي المقيم في أنقرة الذي يوفر خدمات السفر للراغبين من السياح والمهاجرين.
قال الأصيل، وفق ما نقلته وكالة رويترز، إنه رتب دعوات لزبائنه من ثلاثة شركاء في بيلاروسيا وتولى استخراج تأشيرات على جوازات سفر مرسلة من العراق. وبمجرد عودة الجوازات أصبح بإمكان أصحابها السفر إلى مينسك عن طريق تركيا.
ويذكر الأصيل أن حصول العراقيين على تأشيرات سفر إلى بيلاروسيا قبل العام الحالي كان أصعب بكثير. وقال إنه تقاضى 1250 دولارا عن الفرد الواحد، وزعم أن ذلك يجعل منه واحدا من أرخص وكلاء السفر.
وأضاف أن سفارة بيلاروسيا “بالطبع تعلم أن هذا الشخص ليس ذاهبا للسياحة. أي نوع من السياحة هذا الذي يحجز فيه المرء تذكرة طائرة مقابل 800 دولار ويحصل على تأشيرة مقابل 1250 دولارا؟ هم يعلمون أن هؤلاء الناس قادمون للذهاب إلى أوروبا”.
العرب