معضلة الإسكان تختبر زخم حملة الإصلاحات في سلطنة عُمان

معضلة الإسكان تختبر زخم حملة الإصلاحات في سلطنة عُمان

تتزايد قناعة الخبراء بأن الخطط الطموحة للإصلاحات في سلطنة عُمان تحتاج إلى اجتياز اختبارات تبدو في غاية الأهمية ومن بينها تخفيف أزمة الإسكان لتمهيد الطريق لإعادة بناء الاقتصاد على قواعد مستدامة وتسهيل انطلاق المشروعات الكبرى لبناء مدن تكنولوجية وصناعية ومراكز سياحية ترفيهية في أنحاء البلاد.

مسقط – تسعى الحكومة العمانية عبر برنامج موسع لمعالجة أزمة الإسكان في البلاد للتغلب على التحديات التي تواجه القطاع ومواكبة المتغيرات الإقليمية والدولية والعمل على تحفيز النمو وبناء الثقة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ودخلت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني مرحلة جديدة في تجسيد مفاهيم صناعة المكان بما يتواءم مع المرحلة القادمة ويتماشى مع مرتكزات “رؤية 2040” وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

وتعتبر الزيادة السكانية من بين أهم محركات زيادة الطلب على المساكن محدودة التكلفة، لاسيما من جانب الشباب وخاصة محدودي الدخل منهم.

وترى السلطات أن مجال الإسكان يشكّل رافدا لجذب المزيد من الاستثمارات لقطاع العقارات والإنشاءات، بما يخدم خطط رفع مركز تنافسية السلطنة إقليميا ودوليا في سهولة ممارسة الأعمال.

وتريد مسقط وضع أهداف طموحة لجذب الاستثمار الأجنبي عبر مراجعة شاملة تهدف إلى تعزيز بيئة الأعمال ضمن خطط التنويع لمواجهة الأزمة المالية، التي أثرت على البلاد طيلة السنوات الأخيرة.

وحتى الآن، نجحت الحكومة في وضع نشاط قطاع العقارات على الطريق الصحيح خلال العامين الماضيين بعد أن قامت بإزالة القيود التي تكبّل نموّه، في إطار برنامج واسع لتسهيل التمويل وتشجيع شركات التطوير من أجل تعزيز دوره في الاقتصاد المحلي.

ومنذ تولى السلطان هيثم بن طارق السلطة مطلع العام الماضي، شرعت الحكومة في تنفيذ عدة مشروعات بهدف توفير السكن أو إعادة بناء المساكن القديمة، ببلد يبلغ تعداد سكانه 4.5 مليون نسمة.

وتعد استراتيجية التنمية العمرانية 2040 التي تم اعتمادها في مارس الماضي الانطلاقة الفعلية في هذا المجال باعتبارها القالب المكاني الذي تصبّ فيه مختلف برامج التنمية بصورة متكاملة ومتوازنة ومتعددة الأبعاد بالتكامل مع جميع الجهات.

ويؤكد المسؤولون أن الرؤية العمرانية للسلطنة ستصبح واجهة جاذبة بما تحويه من مدن ذكية وقرى نابضة بالحياة يدعم بعضها بعضا لتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي معا.

ورجّحت تقارير لمؤسسات استشارات دولية أن تؤدي الإصلاحات الاقتصادية رغم أنها تسير بخطى متباطئة، إلى انتعاش المشروعات العقارية، لتلبية حاجات النمو السكاني مستقبلا.

وأعلنت وزارة الإسكان في بيان نشرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية أنها اقتربت من تدشين منصة “إسكان” حيث ستشمل 59 خدمة متنوعة من خدمات السجل العقاري والخدمات الإسكانية والاجتماعية والتخطيطية ونظم المعلومات الجغرافية وإثبات الملكية.

وستتوفر كمرحلة أولى 7 خدمات لتمنح المستفيدين سهولة الوصول والتعامل مع البيانات والسرعة في إنجاز المعاملات ودقتها وأمانها إلى جانب منصة “أملاك” التي وصلت إلى مرحلة متقدمة بنسبة 75 في المئة حيث ستوفر خدمات مركز التطوير العقاري إلكترونيًا.

وطرحت مسقط العديد من المبادرات تحت مسمى “التحول الشامل” تضمنت التحول الرقمي والاهتمام المكثف بجودة الخدمات والقرب من المستفيدين من خلال الاستماع إلى آرائهم وفتح منصة خاصة لخدمتهم ومركز للاتصالات.

وتأتي مبادرة الأحياء السكنية المتكاملة (صروح) لتعزيز مفهوم الترابط الأسري وطرح خيارات وبدائل إضافية مناسبة للمسكن لتحقيق الاستقرار الاجتماعي.

وتعمل الوزارة على تنظيم السوق العقارية لاستقطاب الاستثمارات اللازمة للمساهمة في مشاريع التطوير العقاري وإيجاد بيئة مناسبة من خلال تنفيذ بعض المشاريع ذات الطابع العالمي بلمسات عُمانية.

وتم تنظيم مزاولة مهنة الوساطة العقارية وتسهيل إجراءات مراجعة واعتماد مشاريع التطوير العقاري والتنظيم والإشراف على جمعيات الملاك، وتأتي هذه الممارسات بهدف تنظيم قطاع العقارات لمواجهة الطلب المتنامي على السكن لكافة فئات المجتمع، وتوفير البيئة المناسبة من خلال إنشاء أحياء سكنية متكاملة.

وزارة الإسكان: منصة “إسكان” تشمل 59 خدمة تدعم تطلعاتنا في القطاع

ويعد مشروع حي النسيم في بركاء والذي يتكون من ألف وحدة سكنية على مساحة 350 ألف متر مربع أول هذه المشاريع، ضمن الأحياء السكنية المتكاملة وينفذ على عدة مراحل.

ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من تنفيذ أول مرحلتين في 2023 لتوفر أكثر من 400 وحدة سكنية مع المنطقة التجارية والخدمية، على أن تضم كل مرحلة وحدات متنوعة بين شقق سكنية وفلل بأنواعها المختلفة.

ووفق المخطط سيتكفل المطور العقاري بالبنى الأساسية والخدمات داخل حدود المشروع الذي يوفر سكنا راقيا بتكلفة مناسبة وفي بيئة مجتمعية وحضرية عالية المستوى مع الخدمات العامة كالمراكز الصحية والتجارية والخدمية والترفيهية والمسطحات الخضراء.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن عدد المطورين العقاريين المسجلين يبلغ أكثر من 40 مطورا عقاريا، وتم توقيع اتفاقيات مع 8 جهات حكومية للتعاون في ربط الخدمات وتسهيل الوصول إليها بالإضافة إلى منصة “نظم المعلومات الجغرافية” التي ستسهم في سرعة الوصول إلى المخططات والإحداثيات المتعلقة بالمواقع.

وفي وقت سابق هذا العام، تم الإعلان عن 5 مواقع ضمن مبادرة صروح، للشركات والمؤسسات المحلية والدولية المتخصصة في مجال التطوير العقاري لتصميم هذه النوعية من المشاريع وتنفيذها في محافظتي مسقط وجنوب الباطنة والداخلية كمرحلة أولى ليتم الأخذ بها تدريجيًا في باقي المحافظات.

وحتى تعزز من نشاط القطاع أصدرت وزارة الإسكان قرارا يتعلق بضوابط بيع الوحدات العقارية السكنية بنظام حق الانتفاع في البنايات السكنية التجارية متعددة الطوابق.

وهذه الخطوة تأتي لتفعيل نظام تملّك الشقق ونظام تملّك الخليجيين والأجانب في المجمعات السياحية وتملّك الشركات للعقارات مما كان له الأثر الواضح في جلب رؤوس الأموال الأجنبية.

وتظهر الإحصائيات أن عدد الأسر ذات الدخل المحدود المستفيدة من برنامج المساعدات السكنية بلغ أكثر من 250 أسرة على مستوى محافظات سلطنة عُمان، أما عدد الملكيات الصادرة فبلغ حوالي200 ألف ملكية.

وكانت مسقط قد رفعت المخصص السنوي للقروض السكنية المقدمة من بنك الإسكان العُماني هذا العام لتبلغ مئة مليون ريال (260 مليون دولار) بدل 156 مليون دولار.

العرب