فجأة بدأ العلماء الذين كانوا مترددين في الإشادة بأي علاج جديد لمرض «كوفيد – 19» في استخدام تعبير «مغير لقواعد اللعبة» لوصف أقراص شركة «فايزر باكسلوفيد» Paxlovid المضادة للفيروس، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وتقول الكاتبة فاي فلام، المتخصصة في الشؤون العلمية، في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، إنه ليس من قبيل الصدفة أن هذا العقار يعمل بالطريقة نفسها مثل العقاقير التي غيرت كل شيء بالنسبة لمرض الإيدز، فتلك العقاقير التي أطلق عليها مثبطات البروتياز (الإنزيم البروتيني)، حوّلت فيروس نقص المناعة المكتسب «إتش آي في» المسبب لمرض الإيدز من حكم بالموت إلى مرض يمكن التحكم فيه.
ويشعر الأطباء الذين يعالجون مرضى «كوفيد – 19» بالسرور لحصول عقار «باكسلوفيد» على الموافقة على استخدامه الطارئ مطلع هذا الشهر، لكن حشد الإمدادات وسط موجة الجائحة واسعة النطاق حالياً يمكن أن يطلق صراعاً أخلاقياً ينطوي على شعور بالضغينة فيما يتعلق بمن ينبغي أن تكون له الأولوية في الحصول على العقار.
ومن بين أولئك الذين يحتمل إنقاذ حياتهم أشخاص تم تلقيحهم وحصولهم على جرعات معززة، لكن يعانون من نقص في المناعة، وكذلك أشخاص لم يتلقوا اللقاح برغبتهم.
وتضيف فلام، أنه إذا كان البعض يشعر بالضيق إزاء تحميل المرضى غير الملقحين الأعباء للأطقم الطبية وشغلهم الأسرة في المستشفيات، فلننتظر الضجة التي سوف تثار حول من الذي يحصل على العقار الجديد. فقد أثبتت التجارب السريرية، أن أقراص «باكسلوفيد» تقلل خطر الاضطرار لدخول المستشفى بنسبة 89 في المائة عندما يتم إعطاء الأشخاص الذي لديهم عوامل عدة خطيرة الأقراص خلال خمسة أيام من بدء الشعور بالأعراض. ونظراً لأنها مجرد أقراص، فإنها لا تتطلب أي منشأة طبية وتوضح دلائل جديدة أن معظم العلاجات الخاصة
بالأجسام المضادة لن يكون لها مفعول بالنسبة لمتحور «أوميكرون» على الإطلاق.
وتشير فلام إلى أن الدكتور روجر سيهولت، طبيب الحالات الحرجة وإخصائي علاج الرئة في كاليفورنيا قال لها عن عقار «باكسلوفيد» بعد انتهاء عمله في وحدة العناية المركزة «أعتقد أنه سيغير قواعد اللعبة»، ولكنه تساءل عن كيف ستكفي المئات العدة من الجرعات التي وعدت بها الحكومة الأميركية لمواجهة موجة الجائحة المتزايدة.
وفي إشارة إلى أن 200 ألف شخص يصابون بـ«كورونا» يومياً، قال «ربما نحتاج إلى مليون جرعة يومياً بمجرد تحقيق هذا العقار نجاحاً باهراً».
وقال ديريك لوي، وهو كيميائي طبي، إنه لن يكون من السهل حل مشكلة توفير إمدادات العقار؛ لأنه يحتاج إلى خطوات متعددة، كل منها تتطلب مواد مختلفة. وينبغي توفير تلك المواد، ولا يعرف كيف سيمكن توفيرها بسرعة وبالنقاء الكافي.
وأضاف، أن العملية تعتمد في الغالب على دول عدة أخرى ما زالت صناعة المواد الكيميائية بها ليست متقدمة.
وأشارت فلام إلى إمكانية تداخل عقار «باكسلوفيد» مع عقاقير أخرى؛ لذلك فإنه من المحتمل ألا تكون له جدوى مع المرضى الذين لا يمكنهم الاستغناء عن عقاقيرهم العادية حتى لأيام قليلة.
وفي حقيقة الأمر، فإن «باكسلوفيد» أساساً عقاران. أحدهما هو مثبط البروتايز الفعلي، الذي يعمل من خلال وقف إنزيم رئيسي يحتاج إليه الفيروس لإعادة استنساخ نفسه ومثل هذا الهجوم المباشر لا بد أن ينجح حتى مع المرضى الذين يعانون من نظم مناعية غير وظيفية.
أما الجزء الآخر من العقار فهو الريتانوفير، وهو عقار قديم لعلاج فيروس «إتش آي في»، وهو يزيد من الجرعة الفعالة للجزء المضاد للفيروس والذي يبطئ من عملية تكسير العقار الأول لمساعدته على البقاء في الجسم لفترة أطول بتركيزات أعلى.
وهذا هو السبب في احتمال أن يكون لـ«باكسلوفيد» التأثير الجانبي غير المرغوب فيه، وهو التسبب في تحول العقاقير الأخرى التي يتناولها المريض إلى جرعات سامة.
ويعتبر العقاران اللذان يتكون منهما «باكسلوفيد» مماثلين للعقاقير التي تعطى للمرضى المصابين بفيروس «إتش آي في» طوال الحياة، ولكن بالنسبة لمرضى «كوفيد – 19» سيستغرق استخدام العقار خمسة أيام فقط، ولم يتم رصد أي مخاوف تتعلق بالسلامة في التجارب السريرية.
والحاجة إلى إعطاء العقار في خلال خمسة أيام يُعدّ قيداً، لكن الأشخاص الذين يعرفون أنهم معرّضون لخطر مرتفع يمكن نظرياً أن يستعدوا لاختبارات تتعلق بـ«كوفيد – 19» في المنزل – شريطة توفير تلك الاختبارات بالسرعة الكافية.
وتقول فلام، إنه كما أن عقاقير فيروس «إتش آي في» غيرت الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى الجنس والعلاقات وجعلت الحياة بالنسبة للكثيرين أقل توتراً، يمكن لتواجد عقار فعال لـ«كوفيد – 19» التخفيف من العبء الانفعالي والاجتماعي للجائحة.
الشلرق تىوسط