مهربو البشر الأفغان يستغلون الفرصة ويضاعفون الأسعار

مهربو البشر الأفغان يستغلون الفرصة ويضاعفون الأسعار

إسلام أباد – بعد أشهر على استيلاء حركة طالبان المتشددة على الحكم في أفغانستان، بدأت تتضح تداعيات ذلك حيث بات الأفغان الفارون من حكم الحركة الإسلامية لقمة سائغة لدى مهربي البشر.

ويستغل المهربون يأس الأفغان لمغادرة البلاد، ويرفعون الأسعار بعد أن زاد الطلب على خدماتهم وأصبح عبور الحدود أكثر صعوبة. وقال الأفغان الذين فروا إلى باكستان منذ استيلاء طالبان على السلطة في الخامس عشر من أغسطس العام الماضي، إن أفراد قوات الأمن الباكستانية قاموا أيضا بجلبهم للحصول على رشاوى، كما ضاعف بعض أصحاب العقارات الإيجارات مرتين أو ثلاث مرات.

وعلمت المدعية العامة في أفغانستان شفيقة ساي أن عليها الفرار للنجاة عندما استولت طالبان على السلطة، لكنها لم تدرك تكلفة ذلك. وقالت ساي من العاصمة الباكستانية إسلام أباد “الجميع يستغل محنتنا لكسب المال”.

وأدى استيلاء طالبان السريع على البلاد إلى نزوح جماعي للأفغان الفارين من الاضطهاد والفقر.

لكن إغلاق باكستان وإيران ودول مجاورة أخرى حدودها، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على جواز سفر أو تأشيرة، دفعا الكثيرين إلى اللجوء إلى المهربين.

وغالبا ما ينطلق أولئك الذين يقومون برحلات محفوفة بالمخاطر وشاقة عبر الصحراء والجبال وعبر نفق تحت الأسوار الحدودية. ويستخدم الآخرون هويات مزيفة.

وقال مركز الهجرة المختلطة، الذي يراقب أسعار المهربين، إن الرسوم قفزت بالفعل خلال جائحة كوفيد – 19 حيث جعلت قيود السفر التنقل صعبا، كما أدى التدافع للخروج من أفغانستان منذ أغسطس إلى ارتفاع الأسعار.

وفرت ساي، البالغة من العمر 26 عاما، من العاصمة كابول مع والدتها وإخوتها السبعة في الخامس والعشرين من أغسطس بعد أن دفع متبرع أجنبي للمهرب 5 آلاف دولار لإخراجهم.

المهربون يستغلون يأس الأفغان، ويرفعون الأسعار بعد أن زاد الطلب على خدماتهم وأصبح عبور الحدود أكثر صعوبة

وكانت أسرة المدعي العام من الهزارة وهم أقلية ذات أغلبية شيعية استهدفتهم طالبان عندما حكمت آخر مرة من 1996 إلى 2001.

وجعلت عودة الحركة الإسلامية إلى السلطة ساي تخشى القتل فهي لم تساعد فقط في وضع أعضاء طالبان وراء القضبان بل إنها كانت نشطة في الاحتجاجات ضد المجموعة وكانت من المدافعين عن حقوق المرأة.

وقبل مغادرة كابول، زُوّدت والدة ساي بحقن مزيفة في الوريد حيث لا تزال باكستان تسمح للأفغان بالعبور لتلقي العلاج الطبي الطارئ دون تأشيرات، وأملت الأسرة في أن يشفق حرس الحدود عليها.

ونجحت الحيلة، بمساعدة بضعة دولارات تسلّمها الأشخاص المناسبون.

وبمجرد عبور الحدود، تصاعدت طلبات الرشاوى. وبعد ذلك بأربعة عشر حاجزا، كانوا قد دفعوا 300 دولار.

وفي إسلام أباد قالت ساي إن المالك كان يفرض عليهم رسوما بثلاثة أضعاف السعر المحلي. كما سلموه 700 دولار لدفع تعويضات للشرطة لأنه من غير القانوني التأجير لأفغان بلا تأشيرات.

ويتقاضى مهربو البشر الآن من الأفغان ما متوسطه 140 إلى 193 دولارا للوصول إلى باكستان عبر بلدة سبين بولداك الحدودية، بعد أن كانوا يتقاضون 90 دولارا في العام السابق، وفقا لبيانات من مركز الهجرة المختلطة ومقره جنيف.

وأضافت أن متوسط ​​الرسوم على إيران عبر مركز التهريب في زارانج يتراوح بين 360 و400 دولار بعد أن كان يُقدّر بحوالي 250 دولارا في السابق.

وتختلف الرسوم وفقا لطول الطريق وصعوبتها، والثروة والخلفية العرقية للشخص الذي يقوم بالرحلة، وما إذا كان لديهم اتصالات، وعدد الأشخاص الذين يطلبون رشاوى.

وأشار العديد من الأفغان الذين قابلتهم مؤسسة تومسون رويترز إلى رسوم أعلى بكثير من تلك الواردة في البيانات التي جمعها مركز الهجرة المختلط.طالبان أو السجناء الذين أطلقوا سراحهم”.

وقالت امرأة إنها حصلت مؤخرا على مبلغ ألف دولار مقابل الرحلة إلى إسلام أباد مع طفليها.

وقال عبدالله محمدي الخبير في مركز الهجرة المختلطة إن المهربين كانوا عادة جزءا من شبكات إجرامية منظمة راسخة.

ومع تضرر أفغانستان من جراء الأزمة الاقتصادية والجفاف الشديد، انخرط المزارعون الذين هم في أمس الحاجة إلى المال لإطعام أسرهم في عمليات التهريب أيضا.

وقال محمدي “إنهم يعرفون أن ما يفعلونه خطأ، لكنهم يقولون إنه ليست لديهم أي خيارات أخرى. وتستفيد الشبكات الإجرامية لأنها تستطيع استخدام هؤلاء الأشخاص لتوسيع عملياتها”.

كما تستفيد طالبان أيضا. فقد ذكرت بي.بي.سي أن المهربين الذين ينقلون الأفغان علانية من زارانج إلى إيران يدفعون حوالي 10 دولارات لطالبان المحليين عن كل شاحنة صغيرة.

وأفاد المجلس النرويجي للاجئين في نوفمبر أن ما يصل إلى 5 آلاف لاجئ أفغاني يفرون إلى إيران كل يوم، على الرغم من ترحيل العديد منهم.

ويمر معظمهم عبر باكستان، لكن محمدي قال إن المهربين يستخدمون بشكل متزايد طريقا أقصر وأكثر خطورة مما يتطلب التسلق أو حفر الأنفاق تحت الحواجز التي أقيمت على الحدود الإيرانية.

ويفضل الهزارة غالبا هذه الطريق رغم أن خطر الإمساك بهم أكبر، على المخاطرة بالتعرض إلى هجمات الجماعات المسلحة على الطرق التقليدية عبر باكستان بسبب عرقهم. وقال محمدي إن المهربين يمكن أن يطلبوا من الهزارة أن يدفعوا مبلغا أكبر بحوالي الثلث من غيرهم بسبب المخاطر المتزايدة من طالبان وجند الله وميليشيات أخرى.

وقال الصحافي إسماعيل لالي، البالغ من العمر 28 سنة، إن المهربين يكسبون ثروة من الأزمة. وأضاف لالي وهو أيضا من الهزارة إن “الجميع يائسون ويرغبون في المغادرة”.

ويقول إنه دفع 700 دولار لمهرب في أغسطس ليأخذه إلى مدينة كويتا الباكستانية، بما في ذلك الرشاوى، لكن أصدقاء يقولون إن الرسوم تبلغ الآن 800 دولار. وأضاف “لقد أصبح التهريب تجارة مربحة للمهربين وكذلك للشرطة الباكستانية”.

ومنذ وصوله إلى كويتا، قال إنه دفع 200 دولار كرشاوى للشرطة بعد أن أوقفوه مرارا وتكرارا وتهديده بالترحيل. وهو لا يجرؤ على الخروج الآن.

وقال مفتش شرطة كبير في كويتا إن الضباط تلقوا تعليمات صارمة بعدم مضايقة الأفغان. ولم ترد القوات الأمنية التي تعمل في نقاط التفتيش على الفور على المكالمات الهاتفية.

ويتوقع خبراء الهجرة أن يتجه بعض الأفغان في باكستان وإيران نحو تركيا وأوروبا في الربيع.

وفي يناير أطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تمويلا بقيمة 623 مليون دولار لدعم الأفغان في البلدان المجاورة والمجتمعات المضيفة لهم.

كما حثت الدول على إبقاء حدودها مفتوحة ووقف عمليات الترحيل. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن إيران أعادت أكثر من 1100 أفغاني يوميا في يناير. كما رُحّلت أعداد أقل من باكستان. وكانت والدة ساي وشقيقاتها الثلاث من بين من أُعيدوا في شهر ديسمبر.

وقد تلقت الأسرة في كابول بالفعل زيارة عناصر من طالبان للاستفسار عن مكان وجود المدعية العامة. ولا تغادر ساي الخائفة من الترحيل شقتها في إسلام أباد إلا نادرا. وقالت “إما أن تقتلني

العرب