الخرطوم – تراجعت الحكومة السودانية عن زيادة مفاجئة لأسعار غاز الطهي، بعد ساعات من إعلانها، فيما لا تزال أسباب هذا القرار غير معروفة رغم أن المتابعين ربطوها بما يحدث في كواليس السياسة بالبلاد.
وأعلنت وزارة الطاقة والنفط في بيان نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية في وقت متأخر الأحد الماضي “إلغاء القرار الإداري الصادر بتاريخ العشرين من فبراير 2022 والذي تم فيه تعديل سعر تعبئة الأسطوانة وسعر غاز المخابز”.
ولم تذكر الوزارة المزيد من التفاصيل، لكنها أوضحت في بيانها أن الخطوة جاءت “وفقا لتوجيهات صادرة من مجلس السيادة ووزارة المالية الاتحادية”.
وكانت الوزارة قد أعلنت قبل ذلك بساعات عن زيادة هي الثانية خلال الشهر الجاري بنسبة 167 في المئة. ووفق منشور عممته على شركات التوزيع فإن “سعر تعبئة الأسطوانة زنة 12.5 كيلوغرام ارتفع من 1200 جنيه (2.7 دولار) إلى 3200 جنيه (7 دولارات)”.
وزارة الطاقة قررت زيادة سعر تعبئة الأسطوانة بواقع 167 في المئة قبل التراجع عن ذلك
وبدأت الحكومة الانتقالية قبل نحو عامين إصلاحات اقتصادية صعبة مدعومة من البنك الدولي تضمنت تحرير أسعار الوقود وإلغاء الدولار الجمركي وزيادة تعرفة الكهرباء، لكنها أبقت على دعم معقول للغاز.
ويشهد البلد الذي يعاني من أزمة مالية خانقة احتجاجات متكررة وحالة من الاحتقان منذ التوترات التي تفجرت في أكتوبر الماضي، عندما أطاح قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بالحكومة الانتقالية برئاسة عبدلله حمدوك.
وفعليا شرع السودان في استكمال خطط تحرير أسعار الكهرباء حيث أعلنت وزارة الطاقة خفض الدعم في المتوسط إلى 69 في المئة من 95 في المئة، في إطار برنامج مدته ثلاث سنوات لرفع الدعم. ومن المتوقع أن يتكلف إنتاج الكهرباء هذا العام 2.4 مليار دولار.
وكانت وزارة الطاقة قد قررت في يونيو الماضي زيادة أسعار الوقود بنسبة تزيد عن مئة في المئة في إطار إصلاحات اقتصادية متفق عليها مع صندوق النقد الدولي لتقليص العجز في الموازنة.
وبموجب ذلك القرار ارتفع سعر لتر البنزين إلى 290 جنيها (68 سنتا أميركيا) من 150 جنيها (35 سنتا)، بزيادة تقدر بنحو 93.3 في المئة، فيما ارتفع سعر لتر السولار إلى 285 جنيها (نحو 67 سنتا)، من 125 جنيها (نحو 29 سنتا).
وبات السودان بعد تلك الخطوة سادس أرخص بلد من بين 42 دولة أفريقية، حيث أن سعر الوقود في بعض دول الجوار يفوق ضعف التسعيرة الجديدة وذلك لتضخم الضرائب التي تفرضها حكومات تلك الدول.
البلد الذي يعاني من أزمة مالية خانقة يشهد احتجاجات متكررة وحالة من الاحتقان
ويرى خبراء أن سياسة تحرير الوقود قد تسهم في إزالة العديد من التشوهات في الاقتصاد المنهك، لكنها في المقابل قد تربك الأنشطة التجارية وتصيبها بالشلل.
والأهم من ذلك أنها فاقمت أعباء المصاريف بالنسبة إلى المواطنين الذين لم يعد بمقدورهم تحمل التكاليف المعيشية الباهظة، في ظل انحدار قيمة العملة المحلية أمام الدولار بعد تعويم الجنيه في فبراير العام الماضي.
وحذرت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية الشهر الماضي من صدمة مزدوجة قد تتعرض لها الاقتصادات العربية التي تعتمد بشكل كبير على توريد الطاقة مثل السودان.
ورجحت فيتش أن تؤدي أسعار النفط المرتفعة إلى تسجيل عجز مالي أكبر في الموازنة السودانية، كما سينعكس ذلك على ارتفاع معدل التضخم الذي انخفض بشكل مفاجئ قبل عدة أسابيع إلى نحو 259 في المئة قياسا بنحو 387 في المئة خلال الصيف الماضي.
العرب