نوستالجيا الإمبريالية: الحالة الصينية

نوستالجيا الإمبريالية: الحالة الصينية

546

يبدو أننا بصدد واقع جديد يفرض نفسه بالتدريج. نحن على أعتاب تغيير عميق في بنية القوى المهيمنة في العالم، بل وربما بإزاء تأصيل فكري ومؤسسي لها، كل طرف بحسب قدراته وطموحاته التي تمكنه منه، طموحا للخروج من عالم القطب الواحد إلى عالم بديل لم تتحدد المعالم النهائية بعد، لكن إرهاصاته ناصعة.
والواقع أن بلادا عديدة في الساحة الدولية تريد العودة للماضي، عبر إعادة إنشاء تراثها التاريخي، بترسيم تجديد هيمنتها القديمة على العالم مرة أخرى. يأتي على رأس القائمة حلم العودة إلى الخلافة الإسلامية، وهو حلم تركي بامتياز، تتبناه الدولة التركية، مستعينة في سبيل ذلك بالتمكين لنفسها في ولاياتها القديم، وبالأخص في المنطقة العربية. ولعل في التعاون التركي مع تنظيم الدولة الإسلامية دليلا على هذ الطموح الواضح لعودة الخلافة، الحلم المشترك بين حركات الجهاد المتطرفة، والتيار الإسلامي برمته، والقيادة التركية الحالية.
وعلى الطرف الآخر، يوجد الحلم الروسي بالعودة إلى الهيمنة الروسية على العالم في مواجهة الولايات المتحدة، لكنها عودة جديدة مغايرة، في المنهج والأسلوب والتطبيق، ببناء علاقات مع الدول العربية والدول المناوئة للولايات المتحدة، والدخول في القضايا الساخنة في المنطقة العربية والعالم، ولعل أبرز هذه القضايا التطرف الإسلامي باعتباره هوالمهدد للعالم في اللحظة الراهنة.
ويتمثل الطرف الثالث في إيران بالعودة إلى السيطرة الإيرانية على العالم، وإن كان النظام الحاكم إسلاميا شيعيا.
فيما الطرف الرابع يعمل بهدوء ودربة وذكاء وهو الطرف الصيني الذي ينطلق من معطيات وطرق لعب سياسي متنوعة، ووفق قواعد تغاير كل الأحلام الأخرى التركية والروسية.
الصين هي من أكثر الدول في العالم امتلاكا لاحتياط نقدي كبير، حيث تحتل المرتبة الأولى
أولا- ماذا يفعل الصينيون
والواقع أن الصين تتبع عدة سبل لإثبات قدراتها وتوسيعها التدريجي بما يؤدي في النهاية إلى تسييدها دون منازع، مع وجود عدد عن المتحالفين القدامى، كروسيا. فعلى المستوى الاقتصادي، الصين هي من أكثر الدول في العالم امتلاكا لاحتياط نقدي كبير، حيث تحتل المرتبة الأولى، كما أن الصين تتبع طرقا نافذة لتوسيع سوقها في العالم. فمن جهة تمتلك الصين أكبر قوة عمل عبر هذا العدد الهائل من السكان، ومنهج اقتصادي مغاير في التعامل مع بلاد العالم، حيث لم تعد المسألة هي فرض نموذج واحد على الطراز الأمريكي، بانتشار مطاعم مكدونالدز عبر العالم. فأمريكا كانت تصنع نموذجها في الملبس والمأكل والغناء والتمثيل وتسعى لنشره كنمط وقالب عبر البسيطة، حتى وإن قام الجمهور بالتلقي وفق خصوصيته كما تدعي بعض الدراسات التي تتناول العولمة الامريكية بالتحليل. أما الصينيون فينتجون ثقافة الآخرين بأدواتها، وبدرجات تتباين جودتها.
وفي الأخير، قدمت الصين مشروع طريق الحرير، كمشروع مغاير للمشروع الأمريكي، مشروع سلام حضاري في صورته المعلنة، وفيه استعادة للماضي، ويضم آسيا وأوروبا، ويدلل على التصور الصيني المحتمل، بتدشين وحدة بين الدول الأوربية والآسيوية لمواجهة القطب الأمريكي، وبناء القوة الصينية المتجاوزة لحدودها القومية، والقادرة على فرض سيطرتها على جيرانها، وعلى القارة الآسيوية برمتها.
طريق الحرير عبارة عن مجموعة من الطرق المتشعبة والمترابطة تسلكها السفن والقوافل. وسمي بهذا الاسم نسبةً إلى الحرير الذي ازدهر في الصين في سنوات ما قبل الميلاد
ثانيا- وما طريق الحرير الجديد؟
طريق الحرير هي طريق قديم كانت تمتد من الصين حتى مدينة ( أنطاكية ) التركية ، مرورًا بشرق أوروبا وشبه جزيرة القرم ، حتى بحر مرمرة والأسود والبلقان ، لتصل البندقيّة، وتتفرع من تركستان وخراسان مرورًا ببلاد ما بين النهرين وسوريا وكردستان والأناضول، إلى البحر الأبيض المتوسط فمصر. طريق الحرير عبارة عن مجموعة من الطرق المتشعبة والمترابطة تسلكها السفن والقوافل. سمي طريق الحرير بهذا الاسم ، نسبةً إلى الحرير الذي ازدهر في الصين في سنوات ما قبل الميلاد ، وبدأ يوزّع في العالم عبر طرق متشعبة، أحدها صيفي تسلكه القوافل التجارية التي تحمل الحرير بشكل رئيسي بالإضافة إلى أنواعٍ أخرى من البضائع ، وطريق آخر شتوي ، وتسلك تلك القوافل هذه الطرق في مسارٍ واحد من الشرق إلى الغرب، وكانت تلك الطريق سببًا في ازدهار بلدانٍ وحضاراتٍ مختلفة ، فقد تجاوزت أهمية الطريق على كونه معبرًا للقوافل التجاريّة ، فأصبح معبرًا ثقافيًا واجتماعيًا ، وانتقلت عبره الديانات فعرفت (البوذية) ، وعرفت آسيا عن طريقه الإسلام. وانتقل عبر هذا الطريق (البارود)، لتنتشر الحروب المدمرة ، وفي المقابل انتقل عبره ( الورق ) والذي أحدث نقلةً نوعيّة في مجال العلوم وسهولة تدوينها. كما أسهم هذا الطريق في انتقال أنماطٍ من السلوكيّات والنظم الاجتماعيّة الحضاريّة. أدى طريق الحرير إلى تراكم المخزون العالمي للذهب في الصين ، وهذا يدلّ على مدى أهميته، والذي جعل مقدرات الصين من الذهب أكثر مما تملكه الدول الأوربية مجتمعة من هذا المعدن النفيس في مخازنها.
وحديثا طرحت الصين فكرة حزام اقتصادي باسم طريق الحرير في زيارة لآسيا الوسطى عام 2013، حيث دعت لبناء ممر للنقل يصل المحيط الهادي ببحر البلطيق، وشرق آسيا بجنوب آسيا والشرق الأوسط، وذلك لخدمة اقتصادات يصل تعدادها لثلاثة مليارات إنسان. أثناء تلك الرحلة، وقّعت الصين عقودًا وصلت لـثلاثين مليار دولار في كازاخستان، بما في ذلك مشاريع نفط وغاز، واتفاقية لضخ ثلاثة مليارات دولار في صورة قروض وبنية تحتية في قرغيزستان. وفي الشهر التالي، وضعت الصين حجر الأساس لطريق حرير بحري في القرن الحادي والعشرين كما سمي، أثناء زيارة لإندونيسيا، ويضم بناء أو توسيع الموانئ والحدائق الصناعية عبر جنوب شرق آسيا، وبلدان مثل كينيا وسري لانكا واليونان، وتوسيع التجارة الثنائية بين الصين وجنوب شرق آسيا لتصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2020 — أكثر من ضعف مستواها العام الماضي.
وقد عرض الرئيس الصيني فى أستانا فكرة طريق الحرير والحزام الاقتصادي ليميز بين رؤيته ورؤية هيلارى كلينتون عن ”طريق الحرير الجديد.” وقد أشارت هيلاري كلينتون علنا إلى رؤية ”طريق الحرير الجديد” في كلمة ألقتها في تشيناي بالهند يوم 20 يوليو 2011. وكانت كلينتون تسعى من وراء ذلك إلى دمج أفغانستان ليمر الطريق من الشمال إلى الجنوب كممر تجاري ووسيلة لتحسين الاقتصاد الأفغانى. فيما رؤية الرئيس الصيني يقدم تصورا أوسع ليضم جهات أكبر من الامتداد من الشمال الى الجنوب(i).
استلهم رئيس الصين روح الأدميرال البحّار زَنج هَه، الذي أبحر بأسطول من السفن إلى أفريقيا في القرن الخامس عشر، ويُعَد رمزًا لتاريخ القوة البحرية الصينية، في خطابه بقمة شانجهاي حين قال: “الأمر يعود للآسيويين ليديروا أمور قارتهم ويحلوا مشاكلها بأنفسهم، ويعززوا عملية التنمية المشتركة والتكامل الإقليمي”. ورغم أنه لم يذكر الولايات المتحدة بالاسم، فإن الكثيرين يعتقدون أنه كان يرسل رسالة ضمنية لواشنطن لتعرف أن دورها سيكون أقل مستقبلًا مما هو عليه الآن في آسيا.
ليس واضحًا ما إذا كانت بلدان آسيا كلها ستتقبّل هذه الرسالة الصينية. فقد عانت الصين كثيرًا في علاقاتها مع ميانمار، كما تعطلت مشاريع لها في باكستان نظرًا للوضع السياسي. بيد أن المشاريع هذه المرة تلقى دفعة قوية، لا سيما بنك التنمية الذي أعلنته قوى بريكس (البرازيل، روسيا، إندونيسيا، الصين، جنوب أفريقيا) بقيمة مائة مليار دولار، والذي ستكون شانغهاي مقره الرئيسي.
ففي جولة بجنوب آسيا، دشّن الرئيس الصيني بدء أعمال ميناء في كولومبو، عاصمة سري لانكا، وشهد بنفسه البدء في تنفيذ مشروع خط غاز صيني يمر عبر طاجيكستان وقرغيزستان، كما يُتَوقع أن تعلن الصين وكوريا الجنوبية اتفاقية تجارة حرة قريبًا.

دعت الصين إلى تعزيز التبادل الثقافي والأكاديمي والإنساني والإعلامي بين الدول المعنية، ووعدت بتقديم عشرة آلاف منحة حكومية سنويًا لطلاب هذه الدول للدراسة في الجامعات الصينية
تحاول الصين إذن أن تجعل من نفسها الشريك الأساسي للدول النامية فيما يخص التنمية والبنية التحتية، في نفس الوقت الذي تحاول فيه واشنطن إعادة رسم الطبيعة الاقتصادية والعسكرية للمنطقة. بيد أن الولايات المتحدة لا تعمل بنفس الحماس والالتزام اللذين تعمل بهما الصين. فقد أعلنت هيلاري كلينتون قبل الرئيس شي بعامين عن مبادرة لطريق الحرير، ولكنها كانت مجرد كلمات لم يتبعها أي جهد حقيقي، على عكس الصين هذه المرة(ii).
انبعث مفهوم طريق الحرير من التراث الدفين وصار موضوعًا ساخنًا بعد أن طرح الرئيس الصيني شي جينبينج مبادرة بناء الحزام والطريق في عام 2013. وكمتابعة لذلك، أصدرت الحكومة الصينية في مارس العام الماضي وثيقة بعنوان “تطلعات وأعمال حول دفع البناء المشترك للحزام والطريق”. وفق هذه الوثيقة، يتركّز الحزام الاقتصادي لطريق الحرير على ثلاثة خطوط رئيسية: الخط الأول يربط بين الصين وأوربا مرورًا بآسيا الوسطى وروسيا؛ والخط الثاني يمتد من الصين إلى منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط مرورًا بآسيا الوسطى وغربي آسيا، والخط الثالث يبدأ من الصين ويمر بجنوب شرقي آسيا وجنوب آسيا والمحيط الهندي. أما طريق الحرير البحرية للقرن الحادي والعشرين فتتركّز على خطين رئيسيين: خط يبدأ من الموانئ الساحلية الصينية ويصل إلى المحيط الهندي مرورًا ببحر الصين الجنوبي وانتهاء بسواحل أوربا؛ وخط يربط الموانئ الساحلية الصينية بجنوب المحيط الهادئ. ويشمل الحزام والطريق أكثر من ستين دولة في قارات آسيا وأوربا وأفريقيا، حيث يبلغ إجمالي عدد سكانها 4.4 بليون نسمة (أي 63 في المائة من سكان العالم)، ويبلغ حجم اقتصاداتها 21 تريليون دولار أمريكي (أي 29 % من الاقتصاد العالمي الحالي).
ورسمت هذه الوثيقة مجالات رئيسية للتعاون الدولي في بناء الحزام والطريق. ويعدّ إنشاء شبكات البنية التحتية التي تربط بين شتى المناطق مجالًا ذا أسبقية في هذه المبادرة، ما يعني بناء مشاريع تتعلق بشق الطرق ومد السكك الحديد في المناطق المسدودة، والمنشآت الأساسية لضمان سلاسة الشحن البري والبحري والجوي، والحفاظ المشترك على أمن أنابيب النفط والغاز، وبناء الممرات العابرة للحدود للطاقة الكهربائية، إضافة إلى توصيل كابلات شبكات الاتصال التي تسمى مجازًا “طريق الحرير المعلوماتية”.
ومن أجل تسهيل التجارة والاستثمار، تقترح الوثيقة إزالة الحواجز الاستثمارية والتجارية، وبناء مناطق التجارة الحرة، ودفع التوازن التجاري، وتنمية الأعمال التجارية الإلكترونية العابرة للحدود، والتعاون في تطوير الطاقات النظيفة والمتجددة، وفي الحفاظ على التنوع البيولوجي ومواجهة التغير المناخي لبناء “طريق الحرير الخضراء”.
وتتطلب المشاريع التنموية الكثيرة والمتنوعة دعمًا ماليًا كبيرًا لا يمكن توفيره إلا بالتعاون الدولي. لذا بادرت الصين في نهاية العام الماضي إلى إنشاء صندوق طريق الحرير الذي يهدف إلى الاستثمار في المشاريع المعنية، كما دعت إلى إنشاء أجهزة مالية متعددة الأطراف، منها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. والجدير بالذكر أن 57 دولة في القارات الخمس أعلنت انضمامها إلى هذا البنك كأعضاء مؤسسين حتى نهاية يونيو الماضي، منها معظم الدول الصناعية الكبرى باستثناء الولايات المتحدة واليابان وكندا. ومن الشرق الأوسط انضمت إليه كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان والأردن ومصر وإيران وإسرائيل. ولا شك في أن مشاركة هذه الدول، التي قد تختلف بل تتنازع مواقفها السياسية، في هذا البنك تحمل دلالات مهمة.
ولم تقتصر المبادرة الصينية على الجوانب المادية فحسب بل شملت جوانب إنسانية وروحية، مع التوكيد على أهمية التواصل بين الشعوب. لذا، دعت الصين إلى تعزيز التبادل الثقافي والأكاديمي والإنساني والإعلامي بين الدول المعنية، ووعدت بتقديم عشرة آلاف منحة حكومية سنويًا لطلاب هذه الدول للدراسة في الجامعات الصينية، كما بدأت وواصلت تنفيذ برامج ثقافية متبادلة مع البلدان ذات الصلة. وفي مناقشات مع بعض الأصدقاء العرب في الفترة الأخيرة لاحظنا أنهم أبدوا اهتمامًا كبيرًا بهذه المبادرة، قائلين إنهم يرحبون بمنطق الحرير بعدما سئموا منطق الحديد والنار. لكنهم طرحوا في الوقت نفسه بعض التساؤلات، إذ اندهشوا كيف بادرت الصين المعروفة ببراجماتيتها بطرح هذه المبادرة التي تبدو رومانسية إلى حد ما(iii).
ولهذا المشروع عدة فوائد أساسية، وتتمثل في:
1. إن رؤية المشروع رؤية طموحة تحسن العلاقة بين الصين وأوربا لتشجيع التنمية وزيادة التجارة عبر القارات بين آسيا وأوربا, وجذب الاستثمارات الأجنبية, مما يعزز الاستقرار والأمن فى هذه المنطقة. مما يؤدي تاريخيا إلى تكتل اقتصادي إقليمي جديد(iv).
2. ومن وجهة نظر الصين تساعد التنمية الإقتصادية على مكافحة التطرف الإسلامى وتعزيز الأمن فى غرب الصين فى آسيا الوسطى. والواقع أن الصين تستهدف محاربة ”الشرور الثلاثة”: النزعة الانفصالية، والتطرف، والارهاب فى منطقة شينجيانج ومناطق التبت(v).
3. أصبحت الصين مستوردا للطاقة والسلع، والأغذية, وتحتاج إلى ضمان إمكانية الوصول إلى مصادر جديدة. كما تستطيع بذلك تصدير السلع والخدمات الغالية, بما فى ذلك الأجزاء الإلكترونية, والسلع الاستهلاكية المعمرة, والمعدات الثقيلة, والبناء, والخدمات الهندسية, لكنها بحاجة الى دخول أسواق التصدير. ولعل الموانئ والسكك الحديدية ليس الهدف من إنشائها فقط الترويج للصادرات الصينية المتقدمة والخدمات الهندسية, بل إنها تفتح الطريق أمام الاستثمارات والتجارة الصينية فى الأسواق غير المألوفة لها(vi).
4. يعالج المشروع مشكلة التنمية غير المتوازنة جغرافيا داخل الصين. فمقاطعات الحدود الداخلية قد تخلفت عن المقاطعات الساحلية. فيما يعطيهم المشروع فرصة الازدهار وتحسين نوعية الحياة كمحاور للتجارة الآسيوية مستقبلا)vii(.
المراجع
i. ) Theresa Fallon, The New Silk Road: Xi Jinping’s Grand Strategy for Eurasia, American Foreign Policy Interests, 37, 2015, PP.140-141.
ii. ) http://www.noonpost.net/content/4272
iii. ) http://www.alhayat.com/m/story/11239153#sthash.PzQKNt4r.uqUyOGX0.dpbs
iv. )Theresa Fallon, Op.cit, P. 141.
v. )Ibid,P.142.
vi. )David Arase, China’s Two silk Roads initiative what it Means for southeast Asia, southeast Asian Affairs, 2015, P.31.
vii. )Ibid, P.31.

د. محمود أحمد عبداللـه

المركز العربي للبحوث والدراسات