لندن – اصطدمت مفاوضات التعاقد بين ألمانيا وقطر في مجال الطاقة بخلافات حول شروط الاتفاق بين البلدين، تنذر بعرقلة جهود برلين في التقليل من اعتمادها على وسائل الطاقة الروسية.
وكانت ألمانيا أعلنت أواخر شهر مارس الماضي أنها توصلت إلى اتفاق على توقيع شراكة طويلة المدى لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر، إلا أن مصادر مطّلعة كشفت أن البلدين يواجهان صعوبات في المحادثات وسط خلافات بشأن شروط رئيسية، بما يشمل فترة سريان أي عقد.
وأضافت المصادر أن ألمانيا، التي تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون بنسبة 88 في المئة بحلول 2040، مترددة في قبول شروط قطر لتوقيع اتفاقات لفترات لا تقل عن 20 عاما، لتأمين الأحجام الضخمة من الغاز المسال التي تحتاجها لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.
وقالت المصادر إن قطر، أكبر مورد في العالم للغاز الطبيعي المسال، تحدد أيضا شروطا من بينها شرط يتعلق بالوجهة من شأنه أن يمنع برلين من إعادة شحن الغاز إلى مناطق أخرى في أوروبا، وهو شرط يعارضه الاتحاد الأوروبي.
فيليكس بوث: قطر حازمة في ما يتعلق بربط عقود الغاز بسعر النفط
وتسلط المحادثات الصعبة بين قطر للطاقة وشركات المرافق الألمانية الضوء على التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في طموحه لتنويع مصادره بعيدا عن الغاز الروسي، في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة الألمانية جهودا لتحقيق توازن بين أي اتفاق تبرمه وأهدافها لخفض الكربون.
وتستهلك ألمانيا حوالي 100 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، يأتي نحو 55 في المئة منها من روسيا، في حين تأتي كميات أصغر عبر أنابيب من هولندا والنرويج.
وتدعم ألمانيا بناء محطتين للغاز الطبيعي المسال، واستأجرت أربعة خزانات عائمة ووحدات لإعادة تغويز الغاز الطبيعي المسال كإجراء لسد الفجوة.
وقال أحد المصادر لوكالة رويترز للأنباء “مسألة طول أجل عقد الغاز الطبيعي المسال، التي من المحتمل أن تعرض للخطر أهداف التخلص من الكربون في ألمانيا، هي جزء من المناقشات الجارية مع قطر”، مضيفا أن ألمانيا تتنافس أيضا مع دول أخرى على استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر.
وقال مصدر آخر إن تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال من قطر “ليس من المتوقع أن يحدث قريبا”.
وأحجم مكتب الاتصال الحكومي القطري عن التعقيب على المفاوضات الجارية. ولم يتسن الاتصال بوزير الاقتصاد الألماني للتعليق.
وقال فيليكس بوث، رئيس قسم الغاز الطبيعي المسال لدى شركة معلومات الطاقة فورتيكسا، إن قطر حازمة أيضا في ما يتعلق بربط العقود بسعر النفط الذي يمثل الهيكل التسعيري لمبيعاتهم البديلة إلى آسيا، بينما يسعى الألمان إلى الربط بمؤشر “تي.تي.أف” الهولندي.
توقيع شراكة طويلة المدى لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر
وأضاف بوث “تجلس قطر في مقعد القيادة في هذه المناقشات، في ظل وجود مشروع جديد قيد التنفيذ واهتمام قوي بالكميات التي تمتلكها وتاريخها الطويل كمورد موثوق به”.
وتابع قائلا “لتأمين هذا العرض، من المتوقع أن يحتاج الفريق الألماني إلى قبول هيكل تسعير تقليدي مرتبط بالنفط، وهو ما يعرض المشتري الأوروبي لانكشاف مالي كبير مقارنة بالأسعار في أوروبا”.
وكان وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك زار قطر في مارس بصحبة مسؤولين من شركتي المرافق الألمانيتين “آر.دبليو.إي” و”يونيبر” لمناقشة شراء كميات إضافية من الغاز المسال، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حتى الآن.
وأبرمت “آر.دبليو.إي”، أكبر منتج للكهرباء في ألمانيا، اتفاقا في عام 2016 مع شركة قطر للغاز، وهي وحدة تابعة لقطر للطاقة، سيتم بموجبه تسليم ما يصل إلى 1.1 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال إلى شمال غرب أوروبا سنويا بحلول نهاية عام 2023.
وامتنعت “آر.دبليو.إي” عن التعقيب على المحادثات. كما أحجمت يونيبر عن التعليق، مكتفية بالقول إن علاقاتها مع قطر تمتد لسنوات طويلة وإنها تأمل بأن تكون قادرة على البناء على تلك العلاقة.
ألمانيا تأمل في إبرام شراكة ثنائية مع قطر يمكن بموجبها لشركات ألمانية أن تساعد الدوحة في محاولاتها لتنفيذ خطة الاستدامة التي أطلقتها أواخر العام الماضي
وقال مصدران مطلعان آخران إن شركتي الغاز الألمانيتان ستعودان إلى قطر خلال الشهر الجاري لاستئناف المحادثات.
وأضاف المصدران أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيزور ألمانيا في النصف الثاني من مايو الجاري لتوقيع اتفاق شراكة بين البلدين.
وأوضحا أن ذلك لا يعني أنه سيتم إبرام اتفاقات طويلة الأجل متعلقة بالغاز الطبيعي المسال، إذ تهدف الشراكة إلى تمهيد الطريق لزيادة شحنات الغاز الطبيعي المسال القطرية إلى ألمانيا في الأجل الطويل.
ويستثمر جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي القطري، حوالي 20 مليار دولار في ألمانيا، إذ يمتلك حصصا في شركة “فولكس فاغن” و”دويتشه بنك”.
وتأمل ألمانيا في إبرام شراكة ثنائية مع قطر يمكن بموجبها لشركات ألمانية مثل “سيمنس” للطاقة وغيرها، أن تساعد الدوحة في محاولاتها لتنفيذ خطة الاستدامة التي أطلقتها أواخر العام الماضي.
وقال أحد المصادر، وهو من قطاع الطاقة الألماني، “يجب أن يكون هناك اتفاق شرف بين القطريين وشركات ألمانية على أن الغاز الطبيعي المسال يجب أن يكون فقط الخطوة الأولى في تعاون أطول أمدا بين البلدين”.
العرب