إيران بلد متعدد العرقيات، يخشى اليوم من انفجار الوضع، إذ إن مجرد إثارة موضوع التعدد العرقيوالثقافي قد يوصف بأنه رغبة في كسر الوحدة الوطنية. وتكمن معضلة إيران في كون الغالبية العظمى من الأقليات غير الفارسية تسكن في معظم المقاطعات الحدودية لإيران، على عكس المركز الذي يهيمن عليه الفرس، كما يفتقر أكثر من 40 في المئة من السكان إلى الطلاقة في اللغة الفارسية.
وتجلت الأهمية المتزايدة للمحافظات الحدودية خلال الجولة الكبرى الأخيرة من الاحتجاجات المناهضة للنظام في إيران، والتي بدأت في ديسمبر (كانون الأول) 2017، ثم تصاعدت مرة أخرى في أواخر عام 2019. وبدأت التظاهرات في مدن المحافظات الكثيفة الأقليات.
تحديات متزايدة
ومنذ أواخر عام 2017 دخل النشاط المعارض للنظام الذي تمارسه مجموعات عرقية عدة مرحلة جديدة، تميزت بتزايد الهجمات المسلحة على الجيش والحرس الثوري، من بين الأقليات الإيرانية الأكراد والأحواز والبلوش لديهم مجموعات شبه عسكرية. وكان معظم النشاط المناهض للنظام في إيران يحدث في سيستان بلوشستان وخوزستان وكردستان وكرمانشاه وأذربيجان الغربية، كما تتعرض المناطق الحدودية الإيرانية المأهولة بالأكراد والبلوش لتهديدات منتظمة من قبل قوات النظام الإيراني.
وتشكل الانقسامات العرقية وعدم الرضا عن الحكومة تحديات متزايدة للنظام في إيران، لا سيما عندما تتداخل مع الفقر وانخفاض مستويات الخدمات الحكومية والبنية التحتية، فتصبح هذه التحديات أكثر حدة، إذ تعيش الأقليات العرقية في إيران في أفقر محافظات إيران. وقد أصابت التحديات البيئية المتزايدة في السنوات الأخيرة، مثل النقص المتزايد في المياه، محافظات الأقليات العرقية بشكل أقوى من المركز الذي يقطنه الفرس. التنوع الثقافي والعرقي معترف به في إيران لكنه مؤطر من قبل الدولة لأغراض المظاهر السياحية، كالأشغال اليدوية والسجاد والملابس. وتعد غالبية السكان من أصل فارسي، لكن هناك ملايين الأقليات من مختلف الخلفيات العرقية والدينية واللغوية، ومن بين هذه المجموعات العرقية الكردية والبلوشية والأذرية والعرب. المشترك بين هذه الأقليات أنه يواجه كثير منهم التمييز ويعيشون في مناطق متخلفة، وعلى الرغم من قيامهم باحتجاجات في الماضي فإنهم في الغالب يطالبون بمزيد من الحقوق، وليس مزيداً من الحكم الذاتي. معظمهم مندمج في المجتمع الإيراني ويشاركون في السياسة ويتعاطفون مع الأمة الإيرانية. وتعمل إيران على انتقاد الولايات المتحدة وإسرائيل لإثارة المشكلات بين مجموعاتها العرقية.
جماعات تواجه التمييز
وعلى الرغم من أن الدستور الإيراني يضمن حقوق الأقليات الدينية والعرقية فإن هذه الجماعات تواجه التمييز، إذ إن بعض المدارس لا تدرس لغاتها، وتحرم من الوظائف الحكومية، وتهمل الدولة تنمية مناطقهم، مما يؤدي إلى بطالة أعلى من المتوسط. وأحياناً تتعرض بعض هذه الجماعات إلى مصادرة الأراضي والممتلكات، وفرض القيود على الحركة، والسجن غير القانوني.
ووفقاً لتقرير منتدى الأمم المتحدة المعني بقضايا الأقليات فإن المشاركة في الدعوة إلى استخدام لغات الأقليات، وتنظيم الاحتجاجات السلمية أو المشاركة فيها، والانتماء إلى أحزاب المعارضة، تكون أسباباً تدفع الحكومة الإيرانية إلى الاعتقال والاحتجاز. وقد تم القبض على نشطاء حقوق الإنسان من الأقليات العرقية، بما في ذلك عرب الأحواز والأذربيجانيون الأتراك والأكراد، لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع بشكل سلمي للمطالبة بحقوقهم الأساسية.
وعلى الرغم من كون الإيرانيين جميعاً يواجهون ارتفاع معدلات التضخم والأجور المتأخرة وعدم القدرة على الحصول على عمل والغذاء والرعاية الصحية والمياه، فإن هذه الظروف تفاقمت بسبب إعادة فرض العقوبات في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وتضاعفت هذه التحديات على الفئات والجماعات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأقليات داخل إيران.
اندبندت عربي