تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها واحدة من الدول القليلة التي لديها القدرة على الزيادة، إنتاجها النفطي بما يتماشى مع الطلب، دون أن تكون لديها خطط للحد من ذلك الإنتاج وتعويضه بمصادر الطاقة المتجددة، حيث يشير كبار المسؤولين في الدولة إلى أن الطلب العالمي القوي يعدّ محركاً لزيادة إنتاج النفط الخام.
أبوظبي – يشعر مدير شركة بترول أبوظبي الوطنية المملوكة للدولة ”أدنوك“ سلطان الجابر بالقلق من أنه إذا لم تستمر الدول الأخرى في الاستثمار في النفط والغاز، فقد تواجه بلاده نقصا في الطاقة عند الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. وكانت الإمارات قد أعلنت في سبتمبر الماضي عن خطط لزيادة إنتاجها النفطي إلى خمسة ملايين برميل يوميا قبل خمس سنوات من الموعد المخطط له.
وكانت ”أدنوك“ تستهدف إنتاج 5 ملايين برميل يوميا من الخام بنهاية العقد، ومع ذلك، وبفضل زيادة الاستثمار، تعتقد الشركة الآن أن بإمكانها دفع هذا الهدف إلى الأمام إلى 2025 للاستفادة الكاملة من الطلب العالمي المتزايد قبل انخفاض الطلب استجابة للتحول إلى البيئة الخضراء.
بينما تكافح الدول الأخرى المنتجة للنفط في جميع أنحاء العالم لإعادة إنتاجها إلى مستويات ما قبل الوباء، فإن الإمارات والمملكة العربية السعودية فقط هما اللتان تتمتعان بقدرة إنتاج نفطية فائضة. ولا تأتي الزيادة في مستويات الإنتاج دون تكلفة، لكن الإمارات تأمل في بيع المزيد من النفط والغاز الطبيعي بينما يظل سعر الوقود الأحفوري مرتفعا. وحطمت أسعار النفط باستمرار الأرقام القياسية هذا العام، وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في مواجهة النقص العالمي، بينما تستفيد الدول المنتجة للنفط.
وأوضحت أدنوك هدفها الجديد “بينما نتبنى تحول الطاقة ونثبت أعمالنا في المستقبل، سنواصل استكشاف الفرص المحتملة التي يمكن أن تفتح المزيد من القيمة وتحرر رأس المال وتعزز العوائد”. كما طلبت المنظمة من الشركاء الدوليين في حقولها النفطية زيادة إنتاجهم الخام بنسبة 10 في المئة على الأقل. ويعتقد الخبراء أنه إذا حققت أدنوك هدفها لسنة 2025، فيمكنها زيادة هدفها إلى 6 ملايين برميل يوميا لسنة 2030.
وكان متوسط إنتاج الإمارات العربية المتحدة في أغسطس 3.4 مليون برميل يوميا، على الرغم من أنها تلقي باللوم على انخفاض سقف إنتاج أوبك في إنتاج النفط. ويمكن أن يتعرقل الإنتاج بشكل أكبر بسبب إعلان أوبك+ الأخير الذي يشير إلى أنها ستخفض إنتاج النفط أكثر خشية حدوث انخفاض في الطلب العالمي بسبب الضغوط الاقتصادية. وستخفض أوبك+ الإنتاج عبر الدول الأعضاء بمقدار مليوني برميل يوميا ابتداء من نوفمبر. لكن وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية مريم المهيري أوضحت أنه طالما أن العالم بحاجة إلى النفط والغاز، فسوف ”نمنحه إياهما”.
وزار المستشار الألماني أولاف شولز الإمارات الشهر الماضي لتعميق علاقات ألمانيا مع الدولة الغنية بالنفط والابتعاد عن الاعتماد على الطاقة الروسية. ووقعت أبوظبي اتفاقا مع ألمانيا لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال، ومن المتوقع أن تُسلّم أول شحنة بحلول نهاية العام.
ويُنظر إلى الغاز الطبيعي على أنه جزء حيوي من تحول الطاقة على الرغم من تحول العديد من الدول الأوروبية بعيدا عن الوقود الأحفوري إلى البدائل المتجددة. وسيساعد استخدام الوقود الأحفوري “الأنظف” ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى على تلبية احتياجاتها من الطاقة مع تطوير قدرتها على الطاقة الخضراء.
سلطان الجابر: الطاقة الفائضة للنفط تعادل 2 في المئة فقط من الاستهلاك العالمي حاليا
وبينما تواصل تشجيع الاستثمار في النفط والغاز، فإن المهيري ثابتة أيضا في دعمها لتطوير صناعة متجددة قوية في الإمارات العربية المتحدة، وتبيّن الوزيرة الإماراتية قائلة “نحن بحاجة إلى توخي الحذر، لأن المحادثات جارية والأمر كله يتعلق بالطاقة، ولكن من المهم حقا ألا نفقد سياق النمو الاقتصادي، والمناخ ضمن ذلك أيضا”. حيث قالت عند مناقشة مشاريع الطاقة المتجددة في البلاد إن “الأمر لا يتعلق فقط بالإنتاج. عليك إلقاء نظرة على التخزين، وعليك إلقاء نظرة على الشبكة، وعليك إلقاء نظرة على التوزيع. إنها شبكة معقدة“، مضيفة قولها “من المهم حقا أن يعمل النمو الاقتصادي وأمن الطاقة والعمل المناخي معا“.
لا مجال للمناورة
لكن الجميع ليسوا متفائلين بشأن مستقبل النفط والغاز. إذ قال الجابر في سبتمبر إنه لا يوجد مجال كبير للمناورة في أسواق النفط التي قد تكون مهيأة للمزيد من الاضطراب مع الحد الأدنى من الطاقة الاحتياطية. وأشار إلى أن نقص الاستثمار في الوقود الأحفوري قد يؤدي إلى فجوة بين العرض والطلب، في حين أن العالم بدأ للتو في تطوير قدرته على الطاقة المتجددة. وأوضح قائلا “إذا لم تُلبّ احتياجات الناس الأساسية من الطاقة، فإن التنمية الاقتصادية ستتباطأ، وكذلك العمل المناخي. إذا قللنا من الاستثمار في نظام الطاقة اليوم قبل أن يصبح نظام الطاقة في الغد جاهزا، فسنزيد الأمور سوءا”.
ويعتقد الجابر أن الطاقة الفائضة للنفط تعادل 2 في المئة فقط من الاستهلاك العالمي في الوقت الحالي، وهو تحد أبرزته أوبك+ عدة مرات. ومن غير المرجح أن تزداد هذه الحماية دون زيادة الاستثمار في النفط والغاز خارج الإمارات والسعودية، مما يعني أن الاعتماد سيظل ثقيلا على الدولتين الغنيتين بالنفط مع استمرار نمو الطلب.
العرب